"العربي الجديد" ينشر اتفاق هدنة حي الوعر في حمص

04 ديسمبر 2015
النظام يحاصر الحي منذ أكثر من عامين(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -


بعد حصار دام أكثر من عامين لحي الوعر شمال غربي مدينة حمص من قِبل قوات النظام السوري، يُتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل خروج اتفاق هدنة جديد في الحي إلى النور. وشهد الاجتماع الأخير الذي انعقد بداية الشهر الحالي بين ممثلين عن النظام ولجنة من أهالي حي الوعر برعاية الأمم المتحدة، اتفاقاً على توقيع هدنة نهائية بين قوات النظام وحي الوعر بعد عشرة أيام.

وحصل "العربي الجديد" من أحد مفاوضي الحي، على النص الكامل لبنود الاتفاق المزمع إجراؤه على ثلاث مراحل، ولا يشمل الاتفاق كما هو متداول خروج مقاتلي المعارضة السورية من الحي، باستثناء من سيعمل على تعطيل أو خرق الاتفاق كأفراد أو مجموعة، ولن يكون هناك ايضاً كما يُشاع لجان شعبية، وإنما سيبقى مقاتلو الوعر هم من يديرون أموره.

وفي ما يلي النص الحرفي للاتفاق:

المرحلة الأولى:

1- وقف كامل لإطلاق النار لمدة عشرة أيام ابتداء من تاريخ توقيع الاتفاق.

2- خروج كل من يعمل على تعطيل أو خرق الاتفاق.

3- تقديم لائحة بالسلاح المتوسط والثقيل، ليتم تسليمه في المرحلة الثانية.

4- السماح للمؤسسات الإنسانية القيام بعملها.

5- فتح طريق "دوار المهندسين" الواصل بين حي الوعر والمدينة للمشاة فقط، ويتم تشكيل حاجز من جميع الأفرع الأمنية، وفي حال رغبتهم التنقل خارج الحي يتم إعادة المطلوبين إلى داخل الحي لتسوية أوضاعهم في مكتب يقام جانب الحاجز، حيث يفد إلى المركز من يرغب بتسوية أموره.

6- تحضير لوائح من قبل لجنة الحي تضم المفقودين والمخطوفين ومجهولي المصير وذلك للعمل على معرفة مصيرهم، إضافة إلى لائحة بأسماء المعتقلين المتواجدين في سجون النظام ليتم الإفراج عنهم عند تسليم السلاح المتوسط والثقيل في المرحلة الثانية.

وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى يتم تقييم العمل الذي تم تنفيذه لتلافي السلبيات، كما وتحدد مدة 25 يوماً لتنفيذ المرحلة الأولى، بشرط ألا تنفذ كل البنود إلا بعد تطبيق البند الأول.

المرحلة الثانية:

1- جمع السلاح الثقيل والمتوسط من خلال لجنة مشتركة مُشكّلة من قبل لجنة الحي ولجنة النظام، ويبقى السلاح في مستودعات ضمن الحي (في مستشفى البر) من دون السماح باستخدامه وذلك بإشراف اللجنة المشتركة.

2- فتح الطرق المؤدية إلى المؤسسات العامة (البريد ومديرية الشؤون البيئية) والدوائر الحكومية (المخفر والقصر العدلي وبنك الدم وغيرها)، وتأمينها بعناصر محدودة العدد من الاستخبارات العامة والشرطة خلال الدوام حصراً، وهي تتولى مسؤوليتها لتفعيل المؤسسات، حيث يناقش ذلك مع اللجنة المركزية للمفاوضات.

3- يتم تقديم مخطط يتضمن الأنفاق والألغام في الحي باستثناء منطقة "الجزيرة السابعة".

4- عودة الأهالي المهجرين والنازحين إلى الحي.

5- إطلاق سراح المعتقلين، عدا المحكومين والمحالين إلى القضاء، والمخطوفين من الطرفين.

6- تسليم السلاح المتوسط والثقيل الموضوع في مستشفى البر إلى النظام.

7- مدة تنفيذ المرحلة من 15 إلى 25 يوماً.

المرحلة الثالثة: إنهاء دراسة ومعالجة وضع منطقتي البساتين والجزيرة السابعة من خلال اجتماع الطرفين.

وشهدت الأيام القليلة الماضية التزاماً من قبل قوات النظام، التي جرت العادة أن تخرق الاتفاقيات الماضية، ومن مقاتلي المعارضة، إذ اتُفق عند الساعة الثامنة من مساء الإثنين الماضي على أن تكون الأيام العشرة قبل توقيع الاتفاق بمثابة مبادرة حسن نية يتم خلالها وقف إطلاق نار، يليها إدخال مساعدات إنسانية من قبل المنظمات الإنسانية وفريق الأمم المتحدة، وهو ما حصل أول من أمس الأربعاء.

ويبدو أن الاتفاق هذه المرة سيبصر النور، بعد تعثّر كل المفاوضات التي أُبرمت بين الطرفين على مدار الأشهر الماضية، إذ كان الشرط الرئيسي لقوات النظام خروج مقاتلي المعارضة من الحي بشكل كامل، في سيناريو مشابه لخروج قوات المعارضة من مدينة حمص القديمة، بغية التخلص من الرمزية الثورية لعاصمة الثورة السورية.

اقرأ أيضاً: مبادرة حسن نيّة ووقف إطلاق نار في الوعر بحمص

وبالنظر إلى بنود الاتفاق الجديد، فإن المعارضة السورية هي المستفيد الأول، فبالإضافة إلى إفشال محاولات النظام لاستدراج خروج المسلحين من الحي، تكون المعارضة قد نجحت في كسر الحصار المفروض على الحي منذ أكثر من عامين، تعرّض خلالها لعشرات المجازر، في ظل أوضاع إنسانية صعبة لأكثر من مائة ألف مدني، وبعد إطلاق نداءات استغاثة عديدة كان أبرزها "وعرنا يحترق" والتي هدفت إلى إيصال صوت السوريين إلى العالم بأن نظام بشار الأسد يحرق الحي بقصفه اليومي المستمر، بعد مجازر عدة ارتكبها في حق سكان آخر أحياء حمص القديمة.

وتسيطر قوات النظام، من خلال تفاهمات مع قوات المعارضة، على مستشفى جمعية البر والإطفائية والسرايا الحكومية ومخفر شرطة الوعر. كما تحاصر الحي عبر مواقعها في الكلية الحربية من الجهة الشمالية والشرقية، إضافة إلى بنك الدم وقرية المزرعة من الجهة الغربية. كذلك تنتشر ضمن المزارع المحيطة المحاذية للحي، ولديها حواجز أمنية وعسكرية في الجهة الجنوبية، التي تفصلها عن أحياء المدينة، في حين تسيطر فصائل المعارضة على الحي السكني بقسميه القديم والجديد.

أكثر من ذلك، فإن الاتفاق يسمح بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام السوري وسط أوضاع مأساوية للمعتقلين، في حين يعني الاتفاق الجديد كذلك تفادي تدمير ما بقي من الحي في ظل القصف الذي لازم الحي خلال الأشهر الماضية.

لكن على الجانب الآخر، يبدو أن اتفاق الوعر بالنسبة للنظام يدخل في سعيه إلى تهدئة الأمور في مراكز المدن الرئيسية ومحيطها، فعلى صعيد الوعر لن يكون النظام خاسراً من الاتفاق وإلا لما وقّعه، فالاتفاق سيسمح له بإضفاء شرعيته على مدينة حمص بشكل كامل، من خلال تفعيل المؤسسات والدوائر الحكومية ورفع أعلامه عليها، ما يعني هدوءاً ضرورياً في معقل الثورة الأخير والوحيد في المدينة، والتفرغ لجبهات مشتعلة في عدة مدن أخرى، إضافة إلى تجميد استخدام مقاتلي الوعر للسلاح المتوسط والثقيل.

أما على الصعيد السوري، فإن هذا الاتفاق يأتي بعد توقيع اتفاق قدسيا الأخير في ريف دمشق بدور روسي، حيث خرج عشرات المقاتلين المعارضين برفقة عائلاتهم من قدسيا المحاصرة منذ أشهر من قِبل قوات النظام، إلى محافظة إدلب الخاضعة لـ"جيش الفتح"، برعاية من "الهلال الأحمر السوري" والأمم المتحدة.

وكذلك يتزامن اتفاق الوعر مع مساعٍ جديدة بدور روسي أيضاً لهدنة في مدينة الزبداني في ريف دمشق الغربي، ما يعني أن حملات التهدئة في كل مدينة على حدة، تأتي ضمن مخطط لروسيا والنظام عبر تهدئة الأمور بالدرجة الأولى بطريقة تضمن بقاء يد النظام فوقها، مع ضغط لبقاء المدن الرئيسية (دمشق، حمص، حماة، الساحل السوري) تحت سيطرة النظام، بهدف بقاء شرعيته لفرض شروطه في أي حل سياسي تبدو الضغوط واضحة لإنجاحه، في ظل مؤتمر الرياض ومن بعده نيويورك المقرر أن يخلف مسار فيينا.

وكذلك تعتبر روسيا والنظام أن كل هذه المناطق المحاصرة هي جبهات استنزاف، وقد يأتي الإصرار الروسي على التهدئة في هذا الوقت وإتمام كل التسويات فيها بغية توجيه قوات النظام على الجبهات الساخنة ضمن سياسة التحشيد المتبعة حالياً، ويضمن ذلك أيضاً توفير جزء من القدرة البشرية التي اعترف النظام بنقصها، للاستفادة منها في جبهات أخرى.

اقرأ أيضاً: سورية: مبادرة "حل شامل" في الزبداني برعاية روسية

المساهمون