بسبب هيمنة المواضيع الدينية على الفن الأوروبي، ظلّت الطبيعة وفصولها غائبة عن اللوحة التشكيلية حتى القرن الخامس عشر، ولم تُنتشر رسومات للثلوج التي تغطّي سطوح المنازل في العديد من مدن القارة العجوز حتى القرن الذي يليه، لتصبح بعد ذلك ثيمة أساسية في أعمال الرسّامين لفترة طويلة.
اهتمّ العصر الذهبي الهولندي بالمناظر الطبيعية لدرجة أنَّ عشرات الفنّانين وثّقوا شتاء عاميْ 1564 و1565 الذي اعتُبر الأطول والأقسى على مدار مئة سنة ماضية، كما أصبح مشهد عيد الميلاد متداولاً في تلك المرحلة، في انتظار تحوُّل لاحق مع الحركة الرومانسية التي سعى روّادها إلى التركيز على التفاصيل بشكل أكبر واستخدام الطبيعة كمرآة للعواطف الإنسانية.
"الشتاء في الفن" عنوان المؤتمر الذي تنطلق أعماله عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء في فضاء "جولة في روما" في العاصمة الإيطالية بالتعاون مع جمعية "بيل إيتاليا 88"، بمشاركة عدد من الباحثين وأساتذة تاريخ الفن والنقد الفني.
يشير بيان المؤتمر إلى أن "الشتاء يُعدّ الرمز الغامض للرسّام الإيطالي غيسيبي أرسيمبولدو (1527 – 1593) الذي رسم سلسلة بورتريهاته المشهورة "الفصول الأربعة" وخصّ الشتاء بلوحة منها، كما مثّل تلك المساحة المفتوحة من الجليد والمملوءة بالأشجار والمتزلّجين، في اللوحة الشهيرة "الصيادون في الثلج" للفنان الفلمنكي بيتر بروغل الأكبر (1525 - 1569)".
ويوضّح أن هناك "شتاء آخر يتّخذ شكل حروف موسمية في أيقونات العصور الوسطى، محفورة على واجهات الكاتدرائيات، أو في اللوحات والنقوش المنحوتة، والعديد من المقاطع شعرية والأعمال الأدبية والفنية التي تختبر كيف تشكّل هذا الفصل في مخيّلات الفنانين".
سيتطرّق المشاركون إلى أعمال "مدرسة دوسلدورف" التي تعود إلى القرن الثامن عشر، والتي تناول أعضاؤها المناظر الطبيعية واستعادوا أيضاً الأحداث التاريخية، والفنانين الفرنسيين الذين برزوا ضمن المدرسة الانطباعية، مثل جان بابتيست-كاميل كوروت وغوستاف كاييبوت وتأثيرها الذي ظلّ حاضراً حتى بداية القرن التاسع عشر، إلى جانب أعضاء مدرسة هدسون ريفر في الولايات المتخدة الذين كانوا يرسمون في الهواء الطلق، والتباينات في التقنيات والأساليب التي استخدمتها كلّ جماعة في تصوير الشتاء.