هكذا دقت الخطة الأمنية أبواب الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد طرابلس شمال لبنان، والبقاع شرقاً، لكن خصوصية المنطقة كمعقل رئيسي لـ"حزب الله" سلّطت الأضواء بشكل أكبر على الخطة الأمنية الخاصة بها.
تقاطعات الضاحية الرئيسية والشوارع، شهدت حركة سير ضعيفة نسبياً مقارنة بالأيام العادية، وربط المواطنون الأمر بغياب السائقين المخالفين، كما أتى انتشار حواجز متنقلة لقوى الأمن الداخلي بعد موعد زحمة السير الصباحية، فانتشرت القوى الأمنية باللباس الرسمي، بعد موعد بدء الصفوف الصباحية في المدارس ودوامات العمل.
ووُجّهت دعوة إلى وسائل الإعلام لتغطية انطلاق الخطة وتصوير الحواجز، والتي تمّ رفعها بعد مغادرة المصورين، فوصف بعض المواطنين الحواجز بـ"الإعلامية فقط". كذلك انتشر عناصر أمنيون بلباس مدني لضبط المخالفين لقوانين السير. وشدّدت الحواجز الثابتة التي تقيمها القوى الأمنية المختلفة من إجراءاتها على مداخل الضاحية، والموجودة منذ عام تقريباً للحد من موجة التفجيرات التي شنتها تنظيمات إسلامية متطرفة، وأدّت إلى مقتل عدد من المدنيين، فعمد عناصر الحواجز إلى التدقيق في أوراق سائقي السيارت الثبوتية، وعاونهم عناصر الشرطة البلدية في تنظيم السير قبل الحواجز.
بدوره، عبّر رئيس بلدية الغبيري، محمد الخنسا، وهي من أكبر البلديات في الضاحية، في حديث مع "العربي الجديد" عن أمله "في زيادة عديد القوى الأمنية في الضاحية، لأنّ الإحصاءات تشير إلى تخصيص الدولة عنصراً أمنياً واحداً لألفي مواطن في المنطقة، التي يزيد عدد سكانها عن 800 ألف نسمة، مرتبطين إدارياً ومالياً بصورة مركزية بالعاصمة بيروت، الأمر الذي يعيق إجراء الكثير من المعاملات".
وأكد الخنسا "تنسيق القوى الحزبية الفاعلة في المنطقة (حزب الله وحركة أمل) مع قوى الأمن الداخلي والجيش، من خلال البلديات التي وضعت عناصرها وإمكاناتها اللوجستية بتصرّف القوى الأمنية"، رافضاً الحديث "عن خصوصية للمنطقة، بسبب كونها معقلاً لـ"حزب الله" لأنّ تواجد القوى الأمنية وتعزيز مفارز السير ومراكز الشرطة، أمر حيوي في مكافحة الجريمة في الضاحية والمناطق اللبنانية كافة".
اقرأ أيضاً: خطة أمنية لضاحية بيروت: تخفيف العبء عن حزب الله
ميدانياً، ومع انتشار عناصر الشرطة البلدية وحدها لتنظيم السير، من دون وجود عناصر الأمن الداخلي، استغل بعض المواطنين وجود وسائل الإعلام، ليرفعوا ما سمّوه بمطالب المنطقة، فطالب البعض بتأمين التيار الكهربائي بنحو أكبر، وقمع مخالفات الدراجات النارية التي تزعج المارة والسائقين.
وما إن غادر الصحافيون، حتى رفعت القوى الأمنية الحاجز وعادت إلى ثكنتها في منطقة الأوزاعي. وأشار رئيس مفرزة الضاحية في قوى الأمن الداخلي المقدم محمد ضامن إلى "انتظار انتشار الجيش اللبناني في خطوة ثانية من الخطة الأمنية"، رافضاً الإفصاح عن موعد الانتشار أو طبيعته.
وكان عدد من سكان الضاحية قد ذكروا لـ"العربي الجديد" أنّ الجيش نفّذ عدداً من المداهمات خلال الأيام الماضية، استخدم فيها المدرعات، واستهدفت أماكن إقامة عدد من تجار المخدرات والسارقين.
من جهتها، أشارت قيادة الجيش إلى أنّ "وحدات عسكرية، بالاشتراك مع وحدات من قوى الأمن الداخلي والأمن العام، باشرت تنفيذ خطة أمنية واسعة تستمر لعدة أيام".
ولفت بيان صادر عن مديرية التوجيه في الجيش إلى أنّ هذه الخطة تأتي "في إطار ترسيخ الأمن والاستقرار في العاصمة بيروت وضواحيها، ومكافحة الجرائم المنظمة وملاحقة المشبوهين والمطلوبين إلى العدالة".
وأشار البيان إلى أنّ الإجراءات المنفّذة، تشمل إقامة حواجز ثابتة وظرفية مكثفة، وتفتيش السيارات والتدقيق في هوية العابرين، وتسيير دوريات مؤللة وراجلة في الطرق الرئيسة والداخلية، بالإضافة إلى "عمليات دهم بحثا عن المطلوبين والمشتبه بهم، ولضبط الممنوعات على اختلاف أنواعها".
كذلك، دعا الجيش المواطنين إلى "التجاوب التام مع هذه الإجراءات، حفاظاً على سلامتهم وتسهيلا لممارسة أعمالهم اليومية، كما دعاهم إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالة مشبوهة، أو حادث أمني يتعرضون له".
اقرأ أيضاً: رستم غزالي: "مرض نادر" من لبنان إلى سورية