حان موت المؤلف

05 يناير 2017
كامل التلمساني / مصر
+ الخط -

موتُ المؤلف

استسلمُ لعجزي عن تغيير هذا الطقس؛ عن رعاية امرأةٍ أحبتني؛ عن الخروج من هذه الزوايا التي تسكنها العناكب. أستسلمُ للقدر الذي أمارسه بين الشمس وزجاج النور في غروب بعيد. لا دور لأحدٍ في هذا الشأن؛ لا لأبي ولا للجغرافيا ولا للملائكة التي تنزلت بي في غروب بعيد. حان موت المؤلف؛ سأحمل جُنّاَزه إلى مقبرة أسلافي، وحقيقةٌ أخرى تتفتح في روحي مثل وردة وتبكي في غروب بعيد.


لا أحتاج

لا أحتاجُ إلى شيطانٍ؛ فانقذْني يا سامع صوتي؛ فالوحدة هذي اتسعت؛ صارت دار مجانينَ وماضٍ يلدغ. انقذْني من همّ الماضي؛ ومن ريحٍ لا ترحم؛ من وطنٍ أجهله؛ من لغةٍ لا أعرف. الوحدة طالت يا ربّي؛ فقربني من رحمة بابك. آويني إلى نهرك؛ دعْني أغرقْ؛ آويني إلى كهفك؛ لا توقظني؛ فأنا مَيْتٌ أصلاً وأنا خبزٌ يتعفن. يا ربّي اخرجْني من هذا الزيف؛ أو آمنّي من خوف.


حول بركة

في بركةٍ كبيرة يعومُ شخصٌ وينق نقيق الضفادع وخارج البركة أشخاصٌ قد عرفت بعضهم ما إن وصلتُ هناك. وصلتُ فجرًا وأنا أسمع من بعيدٍ صوتَ مؤذنٍ من مسجدٍ قديم. كان الأشخاصُ لا يتحركون. رجلٌ يشابه سحلية بحجم النعامة ولها رأسٌ مربعيّ؛ وامرأة تشابه قردةً تأكل لسانها ويخرّ منه ماءٌ سامّ؛ وكان الآخرون لا يتحركون ولكنهم ينتقلون من شكلٍ إلى شكل.


تدوِّرُ

تدوِّر امرأةٌ رأس ابنها المقطوع مثل عجينةٍ وترشقه في التنور ثمّ تخرجه؛ وتعود الخبزة إلى رأس. تستمر المرأة على هذه الحالة؛ وفي زاوية من ذلك الفناء الكبير؛ يخمّرُ رجلٌ طينه ويدعكه مثل فخار ويقول لماذا خلقتني هكذا؛ سأصنعُ طينتي بيدي الآن لكي لا تنال مني. عجوزٌ هناك تأخذ غصنًا في رأسه نارٌ وتغرزه في شعرها الكثيف؛ وتضحك من مرآتها القديمة. بغتة؛ تحول هؤلاء الثلاثة إلى هررة.


إصحاح

ثمّ دخلوا بي إلى مكانٍ كحانوتٍ مظلمٍ ورائحة الرطوبة تفوح فيه؛ فأروني امرأةً كثيفة الشعر تجلس القرفصاء؛ ململة تنورتها الطويلة. في طرف فمها خالٌ أسود كبير وعلى خالها ضُربت نقوشٌ وطلاسم؛ وأنا أرى خطاياي في عينيها الواسعتين. كانت بعضُ خطاياي تشابه سنورًا له رأس سلحفاة وضفادع كبيرة تنبح عليّ؛ وبعضُها تشبه أفاعي تتقيّأ رجالاً يشبهونني.


مخطوطات

كنتُ أحملُ مخطوطاتٍ مغلّفةً وأعبر بها الجسر. حتى وصلتُ إلى نخلةٍ منحنية وجلستُ في ظلها؛ أخذت أطالع المخطوطات؛ كان بعضها بالخط الكوفيّ والبعض بالخط السريانيّ؛ كان على غلافٍ منها رجلٌ يحمل جمجمته لكي يهديها إلى ملك؛ وكان يقف خلف عرشه شبحان؛ أنثى وذكر؛ ولهما اسمان مشتقان من فعل واحد. ألقيتُ بالكتاب في الماء وحملتُ بقية المخطوطات وعدتُ إلى المنزل.


من أين تأتي

من أين تأتي الكلماتُ وكيف؛ وهذه الأفكارُ التي تدور في رأسيَ الآن، من جاء بها وجعلها تدور في رأسيَ الآن. من أين تأتي الكلماتُ وكيف؛ من قال إن الاسم هوية الإنسان وأنا أكره اسمي ومن وظفني بأن أدافع عن أرضٍ ليست بأرضٍ؛ أنا لا أتقن اللغة العربية والفارسية ليست لغتي؛ فهل يوجد كائنٌ مثلي يعيش بلا لغة.
ــ أجل!
ــ من؟
ــ أنا!
ــ قلْ من أين تأتي الكلماتُ وكيف
ــ لا أعرف كيف.


* شاعر ومترجم من مواليد الأهواز عام 1983

المساهمون