الناجيان

15 يونيو 2016
خوسي مانويل ميريو/ إسبانيا
+ الخط -

كان الطَّوفُ منذوراً لنزقِ التيارات في عُرض البحر، بدون أية إرادة تتحكّم به. ألواحٌ خشبيةٌ نخرها السُّوس. عصا عُلِّقت إليها بضعةُ سراويلَ تخفقُ في الريح. رجلان مستلقيان، والشمس ما عادت تستطيع أن تخدش حدقات عيونهما الغائبة.

- "أنا عطشان". قال غارثيّا، الذي كان شخصاً من العامّة نجا من الغرق.
في تلك الأثناء، كان الطَّوفُ يدخل مياه سواحل ميامي. قواربُ رياضيةٌ، مصطافون يملؤون الشاطئ، نساءٌ فاتنات.
- "أسمعُ أصواتاً..".
- "وهمٌ ليس إلّا". عقّب غارثيّا، وهو يحدّق باستمرارٍ إلى الشمس.
- "بَلى، وهمٌ..".

على الجهة الأخرى، أطلق مصطافون بعض التعليقات:
- "يا لهما من شخصين غريبَي الأطوار. يحتاران ماذا يفعلان كي يلفتا انتباه الآخرين".
- "شخصياً، أجد في هذا شيئاً من قلّة الذوق..".

رويداً رويداً، يسحب التيارُ الطَّوفَ، من جديدٍ، باتجاه المحيط الأطلنطيّ. والرجلان الناجيان من الغرق يقتربان من الوصول إلى تلك النقطة حيث يغدو الموتُ غايةً بعيدةَ المنال.


* Esteban Padrós de Palacios قاصّ وكاتب إسبانيّ (1925 - 2005)

** الترجمة عن الإسبانية: كاميران حاج محمود 

دلالات
المساهمون