"مهرجان جرش": لغط حول برنامج الشعر

09 يوليو 2024
المسرح الجنوبي في مدينة جرش الأثرية التي يعود بناؤها للقرن الرابع قبل الميلاد (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **افتتاحية مهرجان جرش والجدل حول مشاركة أدونيس**: يفتتح مهرجان جرش بأمسية تجمع أدونيس وحيدر محمود، مما أثار جدلاً بسبب صمت أدونيس حول العدوان الإسرائيلي على غزة، رغم توقيعه على رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني.

- **انسحاب الشعراء الأردنيين ودعوات المقاطعة**: انسحب عدد من الشعراء الأردنيين احتجاجاً على عدم إبلاغهم مسبقاً بمشاركتهم، وانطلقت دعوات لمقاطعة المهرجان رغم تخصيص ريع التذاكر لدعم جهود الإغاثة في غزة.

- **البرنامج الثقافي والفعاليات المصاحبة**: يتضمن المهرجان فعاليات متنوعة تشمل الاحتفاء بمحمود درويش، أمسيات شعرية، ملتقى تحوّلات القصة القصيرة، ندوات حول دور الأردن في دعم غزة، وفعاليات للفن التشكيلي والفلسفة والمسرح.

يفتتح برنامج الشعر في "مهرجان جرش للثقافة والفنون" مساء الخميس، الرابع والعشرين من شهر يوليو/ تموز الجاري، بأمسية تجمع الشاعرين، السوري أدونيس والأردني حيدر محمود، في المركز الثقافي الملكي في عمّان. اختيار أثار جدلاً ضمن موجة اعتراضات على إقامة التظاهرة الثقافية الأكبر في البلاد، في دورتها الثامنة والثلاثين.

اللجنة الثقافية للمهرجان المسؤولة عن اختيار الشعراء والكتّاب العرب المشاركين، توجّهت، في معظم الدورات السابقة، نحو استضافة شخصيات مكرّسة في الثقافة العربية، بينما تُقدّم رابطة الكتّاب الأردنيين قائمة الشعراء الأردنيّين، في عُرف استقرّ منذ سنوات عدّة، لكن بعض الكتّاب انتقدوا مشاركة الشاعر السوري لأسباب تتعلّق بتجاهله طوال الأشهر التسعة الماضية الإبادة في غزّة.

أدونيس وغزّة

صمت أدونيس منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي اختلف حوله كتّاب أردنيون وعرب، بين منتقد صمته وتجاهله الإبادة في غزّة منذ تسعة أشهر، ومدافعٍ يشير إلى الرسالة التي وقع عليها مع مثقفين وفنانين عرب إلى مثقفي الغرب، نهاية تشرين الأول/ أكتوبر تدعوهم لأن يقابلوا “نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة والعادلة بالنصرة والتأييد”، وكذلك إلى نصّه "السماء الآن هي نفسها الموت"، المنشور في فبراير/ شباط الماضي، يتحدّث بشكل غير مباشر عن غزّة، في حين رأى المعترضون أن النصّ المذكور تغيب عنه أي مفردة تشير إلى غزّة أو فلسطين أو إلى المقتلة باسمها الصريح، ويغيب عنه أيّ تضامن إنساني. 

انتقادات لاستضافة أدونيس على خلفية صمته منذ بدء العدوان

سجالٌ لا ينتهي؛ إذ يستعيد كلّ فريق آراءً ونصوصاً لأدونيس تثبت وجهة نظره.، ولن يحسم في المهرجان الذي يستضيف صاحب "الثابت والمتحوّل" لقاء مكافأة مالية، بحسب التسريبات الواردة من المنظّمين تحدّدها بعشرة آلاف يورو (ذكرت أرقام أُخرى ضعفه)، وهو مبلغ لم ينله إلّا قلّة من الشعراء العرب مقابل مشاركتهم في التظاهرات الشعرية، ما دفع إدارة المهرجان إلى تنظيم جلسة حوارية مع أدونيس، بالإضافة إلى أمسية الافتتاح، في سعي إلى استثمار حضوره. 

بقية الشعراء العرب يجري ترشيحهم من أعضاء اللجنة الثقافية (تضمّ رؤساء "رابطة الكتاب" و"اتحاد الكتاب" و"رابطة التشكيليّين" و"الجمعية الفلسفية" ومجموعة كتّاب مستقلّين تتغيّر أسماؤهم في كلّ دورة)، التي تحاول قدر الإمكان تنويع الجغرافيا والأسماء والتجارب وعدم تكرارها، لكنّ المنظمين يفرضون اسمين أو ثلاثة من أصل حوالى 20 شاعراً عربياً مشاركاً كلّ عام، ويجري التغاضي عنهم كما حصل في الدورة الحالية باختيار الشاعر المصري أحمد الشهاوي، والشاعر اليمني المقيم في الولايات المتحدة جبر البعداني.

اعتذار عن عدم المشاركة

بالنسبة إلى مشاركة الشعراء الأردنيّين، فقد رشّحت "رابطة الكتّاب" نحو 70 شاعراً، في السنوات الأربع الماضية، وفق منهجية تقضي بتوزيع أعضاء الرابطة من الشعراء والبالغ عددهم نحو 250، إذ تُنتخَب المجموعة نفسها مرّة كلّ ثلاثة أعوام، بحيث لا يتكرّر اسم أيّ واحد منهم سنوياً. 

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يوضّح الشاعر أكرم الزعبي، رئيس الرابطة الأسبق، أنّه قدّم قائمة تضم 70 شاعراً في الرابع من نيسان/ إبريل الماضي إلى اللجنة الثقافية لـ"مهرجان جرش"، لكن هيئة إدارية جديدة أفرزتها انتخابات الرابطة في منتصف أيار/ مايو الماضي، ارتأت أنّ تُغيّر أسماء الشعراء المشاركين، لافتاً إلى أنّ لكلّ هيئة إدارية رؤيتها في هذا السياق. 

دعوات إلى مقاطعة المهرجان تتواصل على منصّات التواصل

ويضيف الزعبي أنّ الهيئة الجديدة اختارت 45 شاعراً فقط للمشاركة في الدورة الحالية من المهرجان، بعد أن أجرت تغييرات واسعة على الأسماء، غير أنّها وقعت في خطأ كان يمكن تلافيه، يتمثّل بنشر هذه الأسماء من دون تلقّي تأكيدات من أصحابها، على غرار التقليد المتبّع في السنوات الماضية، وبذلك لم يعلم هؤلاء الشعراء بمشاركتهم إلّا لحظة نشر أسمائهم.

إجراء سبّب انسحاب الشعراء يوسف عبد العزيز وزهير أبو شايب وأحمد الخطيب ولؤي أحمد ومحمد خضير وحكمت النوايسة وهشام قواسمة وعبد الكريم أبو الشيح وأحمد كناني من المشاركة في المهرجان الذي يُقام رغم استمرار المقتلة في غزّة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وكان خضير قد أعلن ذلك في الثلاثين من مايو/ أيار الماضي، أي قبل إعلان البرنامج، حيث كتب على صفحته في فيسبوك: "أنا متنازل عن مشاركتي الشعرية المتوقّعة في مهرجان جرش المقبل... الفرح يستطيع الانتظار"، في إشارة إلى علمه المسبق بمشاركته. 

أمّا عبد العزيز وأبو شايب والخطيب وأحمد، فأعلنوا الانسحاب خلال الأيام الماضية بعد تفاجؤهم بتحديد مواعيد أمسياتهم في البرنامج الثقافي، وكتَب أحمد على صفحته في فيسبوك: "أُعلن عدم قبول دعوة وزارة الثقافة لإحياء أمسية شعرية في جرش، وإن كان من أحد يسمع لي صوتاً أتمنّى أن تُحوَّل المكافأة المرصودة لقاء مشاركتي إلى صندوق دعم الطالب الفقير في الجامعات الأردنية".

وأصدرت "رابطة الكتّاب" تصريحاً أول أمس، أكدت فيه على التزامها بما ورد في بيانٍ سابق لها بخصوص المشاركة في المهرجان، والمرهون بإلغاء الحفل الفني السابق واستبداله بحفل فني وطني ملتزم، حيث سترشّح الهيئة الإدارية للرابطة أسماء جديدة محل الشعراء المنسحبين خلال الأيام المقبلة.

مقاطعة المهرجان

انطلقت الدعوات إلى مقاطعة مهرجان جرش منذ أكثر من شهر، ولا تزال مستمرّة، بغضّ النظر عن طبيعة الأسماء المشاركة، حتى بعد أن ألغت إدارته جميع الحفلات الغنائية التي كان مقرّراً إقامتها على خشبة المسرح الجنوبي، واكتفت بحفلات على المسرح الشمالي لفنّانين يؤدّون أغاني تُعبّر عن التزامها الحق الفلسطيني، مثل مارسيل خليفة وأميمة الخليل، بالإضافة إلى مشاركة فرقة "صول" الغزّية. 

ولفت بيان صحافي للمهرجان إلى أنّ "ريع تذاكر الدخول للمهرجان سيُخصّص للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، إضافة إلى اقتطاع مبالغ مالية من ثمن اللوحات التي ستُباع في معرض الفنّ التشكيلي لفنّانين عرب، دعماً لجهودها الإغاثية، وخصوصاً في قطاع غزّة". لكن ذلك لم يُغير من مطالبات كتّاب وفنّانين ومنخرطين في الشأن العام بإلغاء الدورة الثامنة والثلاثين من المهرجان، أسوة بما حصل عام 1982 حين أُلغيت الدورة الثانية بسبب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، حيث ينتشر على وسائط التواصل الاجتماعي وسم  #قاطع_مهرجان_الذلّ_و_العار، وكذلك وسم #قاطع_مهرجان_جرش.

ملامح البرنامج الثقافي

يُستهل البرنامج الثقافي بفعالية للاحتفاء بالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش (1941 - 2008) بمشاركة الفنّان مارسيل خليفة من لبنان، والموسيقي وسام جبران من فلسطين، والناقد فخري صالح من الأردن، وتديرها وزيرة الثقافة الأردنية، بينما يشارك في الأمسيات نحو 60 شاعراً عربياً: زاهي وهبة ولوركا سبيتي وإسكندر حبش وهنري زغيب من لبنان، ومحمد البريكي وحسن النجار من الإمارات، وعبد الرزاق الربيعي وعبد الله االعريمي من عُمان، وحسن الزهراني وفهد المساعيد من السعودية، ومخلص الصغير من المغرب، وسعد حسين وخالد الحسن ومحمد نصيف وعلي الفواز من العراق، وكريم رضي من البحرين، وصقر عليشي وليندا إبراهيم من سورية، وسمية محنش من الجزائر، وأسامة تاج السر من السودان، وعلي المسعودي ودخيل الخليفة من الكويت، ورامي اليوسف وعبد الله عيسى من فلسطين، وجميل أبو صبيح وموسى حوامدة وغازي الذيبة وزليخة أبو ريشة ومحمد مقدادي من الأردن.

كذلك يُقام ملتقى تحوّلات القصة القصيرة بمشاركة قاصّين ونقّاد عرب. حيث تُوزَّع في ختامه "جائزة خليل قنديل للقصّة القصيرة" باسم رابطة الكتّاب وإدارة المهرجان، علماً أنّ هذه الجائزة يتبدّل اسمُها؛ حيث تحمل هذا العام اسم القاصّ الأردني الراحل (1951 - 2017) الذي ترك مجموعات قصصية عدّة؛ منها: "وشم الحذاء الثقيل" و"عين تمّوز" و"سيّدة الأعشاب" و"الصمت" و"حالات النهار".

ويتضمّن البرنامج الثقافي أيضاً ندوات بعناوين ومزاج رسميَّين مثل: "دور الأردن في دعم أهالي قطاع غزّة/ الإنزالات الجوية نموذجاً"، و"الأردن وفلسطين - دلالات جمالية"، و"أثر الحرب على التراث الثقافي في غزّة"، وندوات أُخرى بمناسبة مرور 25 عاماً على تولّي الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، إلى جانب فعاليات مخصّصة للناي والفنّ التشكيلي والفلسفة والمسرح.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون