الأردنيّون أقلّ سعادة: فتّش عن الاقتصاد؟

06 ابريل 2015
قلق من تراجع مؤشر السعادة والرفاهية بالأردن (أرشيف)
+ الخط -
يتداول خبراء أردنيون بقلق تراجع مؤشر السعادة والرفاهية في عملية التنمية التي تشهدها بلادهم، بعد أن أصدرت "شبكة حلول التنمية المستدامة"، التي أطلقتها الأمم المتحدة، تقريرها السنوي عن مؤشر السعادة في العالم للعام 2015، حيث احتلت المملكة الأردنية المرتبة 7 عربياً و74 عالمياً، مسجلة تراجعاً ملحوظاً عن تصنيف سبق أن أعلنته الأمم المتحدة في شهر نيسان/ أبريل من عام 2012، حصلت فيه على المرتبة 5 عربياً و54 عالمياً.

يؤكد الخبير الاقتصادي، محمد ملكاوي، أن من بين عوامل تراجع مؤشر السعادة لدى الأردنيين، العامل الاقتصادي، فلا سعادة حقيقية لأفراد المجتمع من دون توفر فرص عمل ودخل جيد. فقد وصلت نسب البطالة بين فئات الشباب إلى %32 تقريباً، ويقول لـ"العربي الجديد": "من الطبيعي أن يؤدي ارتفاع التكاليف المعيشية وتدني مستويات الدخل إلى حدوث نوع من الإحباط لدى الطبقات الضعيفة في المجتمع، ولا سيما إذا وضعنا نصب أعيننا أن متوسط الإنفاق الأسري في السنة يبلغ نحو 9852 ديناراً تقريباً، يذهب ثلثاها تقريباً إلى المواد الغذائية، مقابل دخل سنوي يقدّر وسطياً بنحو 9098.5 ديناراً، بمعنى أن هناك فجوة تتفاوت في الحجم بين أسرة وأخرى، حسب الاحتياجات، تتجاوز الـ754 ديناراً في أحيان كثيرة، ما يشكل عامل ضغط كبيرعلى الطبقة الوسطى بالذات".

هذا، ويحتل متوسط دخل الفرد الأردني، قياساً بحصة المواطن من الناتج المحلي الإجمالي، المرتبة الحادية عشرة عربياً، بين 19 دولة عربية، فيما تشير تقارير حكومية إلى أن معدل خط الفقر المطلق بلغ 813.7 ديناراً للفرد سنوياً، بينما بلغ خط الفقر المدقع 36 ديناراً للفرد سنوياً. كما تعرضت ميزانيات الأسر الأردنية، في السنوات الثلاث الأخيرة، إلى ضغوطات مرهقة، بسبب موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق المحلية، عقب تدهور الوضع الإقليمي.

وإلى جانب العامل الاقتصادي، تأثر مؤشر السعادة الأردني، كما يرى الخبير الاقتصادي أحمد الطراونة، بعوامل أخرى، من بينها انتشار ظاهرتي الفساد المالي والإداري. ويضيف الطراونة، لـ"العربي الجديد"، أن استطلاعاً أجرته دائرة استطلاعات الرأي العام والمسوحات الميدانية بمركز الدراسات الاستراتيجية الأردني في أيلول/ سبتمبر 2014، "أظهر أن 58% من العيّنة الوطنية عزت سير الأمور في الاتجاه الخاطئ إلى تردي الوضع الاقتصادي، من فقر، بطالة، غلاء معيشة، فيما عزا 15% السبب إلى تفشي الفساد، و9% إلى وجود اللاجئين وكثرة الوافدين".

ويشير الطراونة إلى أن 35% من المستجيبين لهذا الاستطلاع، وضعوا الوقود والكهرباء والغاز في المرتبة الأولى من حيث العبء الذي تشكله على ميزانية الأسر، ثم جاء الطعام والشراب في المرتبة الثانية 20%، فالمسكن 12%، وأخيراً التعليم 9%.
ويرى الطراونة أن تحقيق السعادة مرتبط بشكل مباشر بحماية حقوق الإنسان الطبيعية، وحقه بالحماية الاجتماعية، وتمتعه بالمساواة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق أفضل السياسات والاستراتيجيات.

وتعد الحماية الاجتماعية منظومة متكاملة تحتوي على محاور أساسية، كالصحة والتعليم والتشغيل والسكن والتأمينات الاجتماعية، وتعكف الحكومة الأردنية على صياغة توجه حتى العام 2025 يشمل مختلف القطاعات للعمل مع شركاء التنمية والمانحين والحكومات المساندة، للقضاء على الفقر، والبطالة، والتمييز، والعنف، من أجل الوصول إلى تنمية شاملة ومستدامة.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي، عاطف الزغل، لـ"العربي الجديد"، إن السعادة والرفاهية هدفان طموحان لشعوب العالم كافة، ومنها الشعب الأردني، ولا بد من الاعتراف بهما في إطار السياسات الوطنية، لأن الشمول والعدالة والتوازن في مجال التنمية الاقتصادية، هي الطريق إلى التنمية المستدامة، والحد من الفقر، ومن ثم القضاء عليه، بهدف الوصول إلى السعادة والرفاهية.

ويضيف: "إن من بين التناقضات الصادمة في بعض الدول، وجود تطور تكنولوجي، وارتفاع في مستويات النمو، لكنه لم يقترن بأية بوادر من شأنها إسعاد مواطنيها، بل على العكس تماماً، فقد ارتفعت مستويات عدم اليقين، والقلق، كما اتسعت الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وظهرت أزمات جديدة نتيجة انتشار ظواهرالسمنة والتدخين والاكتئاب ومرض السكري وغيرها من الأمراض. فالسعادة لا تقترن بتكاثر الثروات بقدر ما تتعلّق باستتباب الأمن الاجتماعي والاقتصادي".

إقرأ أيضا: الليرة سلاح الأسد السري
المساهمون