المساعدات الإنمائيّة إلى الأردن: نهضة أم انتكاسة اقتصاديّة

20 ابريل 2015
النزوح السوري يرفع حجم المساعدات الدولية (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
يساند البنك الدولي الأردن في جهوده الرامية لتنمية اقتصاده وتطوير أدائه، ورفع كفاءة القطاع العام والنمو، من خلال قروض تنموية بلغ حجم كل منها نحو 250 مليون دولار تقريباً.

وحتى سبتمبر/ أيلول 2014، تضمنت محفظة عمليات البنك الدولي الجاري تنفيذها في المملكة 32 مشروعاً بقيمة 496.4 مليون دولار ـ من القروض والمنح ـ بالإضافة إلى استثمارات في مجالات التنمية الحضرية والتعليم والطاقة والبيئة وحوكمة القطاعين الخاص والعام بتفرعاته.


وتظهر أرقام البنك الدولي أن صافي المساعدات الإنمائية الرسمية من الناتج الإجمالي ارتفعت في السنوات الثلاث الأخيرة. ففي العام 2012، بلغت النسبة 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب تدفق اللاجئين السوريين. وبحسب الأرقام، فقد بلغت النسبة في العام 2011 ما يقارب 3.4%، وارتفعت إلى 4.6% في العام 2012، ثم انخفضت إلى 4.2% في العام 2013. وبالمقارنة مع الأعوام السابقة لبدء الأزمة في سورية، ارتفعت المساعدات بنسبة 10%.

يقول الخبير الاقتصادي، عماد مصبح: "إن بيانات البنك الدولي للفترة الممتدة بين عامي 2006 ـ 2013، شهدت شكلين من التغيّر. فمن جانب، شهدت ارتفاعاً تدريجياً من 645 مليون دولار إلى 1366 مليوناً. بينما تراجعت، من جانب آخر، نسبة المساعدات إلى الدخل القومي من 5.2% إلى 3% خلال الفترة 2004 ـ 2009. ثم عادت لتتحسن تدريجياً، حتى وصلت إلى 4.2% في عام 2013".

ويعود الاختلاف في حركة المؤشِرَين، كما يرى مصبح، إلى ارتفاع معدل نمو الدخل القومي 9.7% سنوياً، أكثر من معدل نمو المساعدات الإنمائية 7.7% خلال الفترة نفسها.

ويضيف: هناك مؤشر مهم يوضح تأثير هذه المساعدات الإنمائية في الاقتصاد الأردني، وهو نسبة هذه المساعدات إلى إجمالي التكوين الرأسمالي ـ الاستثمار في رأس المال المادي ـ إذ تراجعت أهمية هذه المساعدات خلال السنوات 2004 ـ 2013 من 19% إلى 14% تقريباً، قابلها تحسن في إجمالي التكوين الرأسمالي بمعدل 8.6% سنوياً خلال الفترة ذاتها.
ويستفيد الأردن من تمويل البنك الدولي في تنفيذ مشروعات تنموية مختلفة، تتوزع ما بين مشاريع البنى التحتية والمياه والاتصالات والصحة والتعليم.


أعباء إضافية
ففي ظل استضافة ما يقارب 1.3 مليون لاجئ سوري، يتحمّل الأردن أعباءً كبيرة نتيجة للأزمة السورية. وبهدف التقليل من آثارها، قدم مشروع الخدمات الطارئة والصمود الاجتماعي، الذي يموله البنك الدولي، منحاً غير مخصصة إلى البلديات في شمال الأردن، لمساعدتها على الاستجابة لتزايد الطلب على الخدمات، نتيجة التدفق الكبير للاجئين. وتضم البلديات الـ9 المشاركة في البرنامج نحو 50% ـ حيث يعيش فيها نحو 300 ألف شخص ـ من إجمالي عدد اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات.

وبحسب الخبير المالي، عبد الله المشاقبة، فإن استمرار الأزمة السورية وتفاقم التوترات السياسية في الإقليم، من شأنه أن يشكل خطراً على جهود التنمية في المملكة، وخاصة إذا اجتمعت مع ما يعانيه الاقتصاد من ارتفاع في حجم الديون، وعجز في الحساب الجاري، وعجز مالي، وهو ما سيتركه أيضاً عرضة للصدمات الاقتصادية الخارجية.

وعلى الرغم من التحسّن التدريجي الذي شهدته بعض القطاعات الحيوية، يرى مشاقبة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأردن ما زال بحاجة إلى حزمة إضافية من المساعدات، تخصص للمناطق الأكثر حاجة خارج حدود العاصمة، بهدف رفع نسبة نموها. فمتوسط معدل النمو الإجمالي في الفترة ما بين العامين 2010 و2014، الذي قدّر بـ2.7%، يعد أقل بكثير من الاتساع القوي الذي تحقق في الفترة ما بين عامي 2000 و2008، حيث حقق متوسطاً معدله نحو 6.6%.


ويشار هنا إلى أن خطط الحكومة لتضييق العجز التجاري وارتفاع الاستثمارات الحكومية ستؤدي، كما هو متوقع، إلى زيادة النشاط الاقتصادي في عامي 2015 و2016 إلى 3.4% و3.9% على التوالي. كما أن ارتفاع متوسط النمو سيصل إلى 3.5% مع نهاية العام الحالي. فيما يتوقع ثبات نسبة البطالة عند مستواها البالغ 12.2%، وتراجع نسبة التضخم من 3.3% إلى 3%، وفق الخطط ذاتها.

ويؤكد مصبح أن ارتفاع حجم المساعدات التنموية بالنسبة إلى الدخل القومي والتكوين الرأسمالي مجدداً، ولكن بمعدل أقل من معدل نمو الدخل والتكوين، بعد التراجع الذي شهدته، يفتح آفاقاً تعزز النظرة التفاؤلية التي تقدمها الحكومة لاقتصاد الأردن المستقبلي.

إقرأ أيضا: الثورة انتهت نكّسوا الرايات
المساهمون