المغرب يعزف على وتر الاستثمارات لخلق صناعة موسيقيّة

25 مارس 2015
التوجه نحو الاستثمارات الموسيقية في المغرب (Getty)
+ الخط -
أدت مواقع التواصل الاجتماعي، وموقع "اليوتوب"، إلى القفز بالإنتاج الموسيقي المغربي نحو مراحل متقدمة مقارنة مع دول عربية أخرى. إذ نجحت العديد من الأغنيات المغربية في تحقيق نسب مشاهدة قياسية لم تبلغها أغانٍ عربية أخرى، وهو الأمر الذي يفسّر ارتفاع الاستثمارات الخاصة في مجال الموسيقى، سواء من أجل قيام شركات خاصة لإنتاج الأغاني، أو من خلال الاستثمار في توزيع الأغاني وبيعها. 


المعالم الأولى للصناعة 

ويصعب الحديث عن صناعة دقيقة للأغاني في المغرب، لكن يمكن الحديث عن المعالم الأولى لهذه الصناعة، إذ يمكن توزيع الاستثمارات في مجال الموسيقى إلى ثلاثة أنواع، الاستثمارات الأولى تقوم بها فرق شبابية لإنشاء مؤسساتها الموسيقية الخاصة، والاستثمارات التي تقوم بها الشركات الموسيقية الكبرى والتي أصبحت تنتج أكثر من 150 أغنية في السنة، ثم أخيراً الاستثمارات التي تقوم بها الحكومة المغربية من خلال تشييد استديوهات ضخمة لدعم الإنتاج الموسيقي المغربي.


تشير الإحصائيات الأخيرة حول قطاع الموسيقي في المغرب، إلى أن عدد الأقراص المدمجة الموسيقية التي جرى بيعها في خلال العام الماضي، تفوق 45 مليون قرص، وذلك رغم القرصنة، إذ يعتبر المغرب البلد العربي الأول في مجال القرصنة، وتشير الأرقام أيضاً إلى أن الإقبال على الأغاني المحلية يبقى مرتفعاً مقارنة مع باقي الأنماط الموسيقية، إذ إن 65% من الأقراص المباعة هي أقراص لأغانٍ مغربية، ثم الأغاني العربية بنسبة 27%، وأخيراً نسبة 7% فقط بالنسبة للأغاني الغربية.

توجد في المغرب أكثر من 200 شركة إنتاج موسيقي، من بينها شركات أصبحت تنتج أعمالاً عالمية، وخصوصاً أن الموزع العالمي المعروف، "ريدوان"، ذو الأصول المغربية، يعمل مع أشهر المغنين الأميركيين، وهو ما جعله ينقل خبرته إلى المغرب ويؤسس استديوهات بمواصفات عالمية، حيث تصل نفقة إنتاج أغنية إلى 15 ألف دولار دون الحديث عن الفيديو كليب، إذا تبلغ قيمة التسجيل لليوم الواحد في استديو 200 دولار يومياً.

التطور الذي عرفه الإقبال على الإنتاج الموسيقي المغربي، مرده إلى عدم اقتصار الغناء بالعامية المغربية على المغنين المغاربة، وإنما انتقل الأمر إلى المطربين الخليجيين واللبنانيين، الذين أصبحوا يهتمون بالغناء باللهجة المغربية وأصبحوا من رواد شركات الإنتاج، الأمر الذي زاد الإقبال على هذه الشركات، والتي أصبحت تحقق أرباحاً بقيمة 500 ألف دولار كمعدل سنوي.

اهتمام حكومي

إلى ذلك، نص قانون المالية للعام الحالي، لأول مرة في تاريخ المغرب، على إطلاق استراتيجية ثقافية، والتي من بين أعمدتها الأساسية تطوير القطاع الموسيقي في المغرب. وتقوم هذه الاستراتيجية التي تمتد إلى غاية 2020، على إقامة عدد من الاستديوهات من أجل مساعدة المغنين الشباب على تسجيل أغانيهم، وضمان توزيع هذه الأغاني ودعمها، سواء من خلال استدعاء هؤلاء المغنين إلى المهرجانات الوطنية أو الترويج للأغاني المغربية في الخارج.

وكانت أولى ثمار هذه الاستراتيجية هي افتتاح استديو مؤسسة "هبة"، الذي يعتبر أكبر استديو في القارة الأفريقية، إذ تصل مساحته الإجمالية إلى 1500 متر مربع. ويروم هذا المشروع، الأول من نوعه في المغرب، إلى تمكين الفنانين والمجموعات الموسيقية من الاشتغال في فضاء فني وبأثمان تفضيلية، وخصوصاً أن الاستديو يحتوي أحدث وسائل التسجيل الموسيقي.

يقول أحمد العداني، وهو صاحب شركة للإنتاج الموسيقي، إن الدولة تعمل على دعم الإنتاج الموسيقي بشكل لافت، إذ خصصت وزارة الثقافة، التي تعتبر الوزارة الوصية على القطاع، مبلغ 240 ألف دولار لدعم 20 مشروعاً من أصل 53 في مجال تنظيم المهرجانات والحفلات الخاصة بالموسيقى والمهنيين، و150 ألف دولار لدعم 12 مشروعاً من أصل 38 في مجال الإنتاج الموسيقي والغنائي، و82 ألف دولار لدعم 4 مشاريع من أصل 17 في مجال ترويج وتوزيع المنتوج الموسيقي والغنائي. وأضاف العداني أن الدولة رصدت 20 ألف دولار لدعم 3 مشاريع من أصل 4 للإقامات الفنية، و52 ألف دولار لثلاثة مشاريع من أصل 9 في مجال الفنون الاستعراضية، و6 آلاف دولار لمشروع واحد من أصل 4 للمشاركة في المهرجانات الموسيقية الدولية، ويتعلق الأمر بمشروع المنتدى الدولي، "موسيقى بدون تأشيرة".

غير أن هذه الأرقام يصفها العداني بالضعيفة، ويقول
: "هناك بعض الفنانين الذين يتقاضون في العام الواحد مجموع ما خصصته الدولة لدعم الأغاني"، لذلك من الأجدى أن تغيّر الدولة نظرتها للموسيقى من كونها نشاطاً ثقافياً فقط إلى التفكير فيها كصناعة تخضع لمنطق التجارة وقانون السوق، مشيراً إلى وصول العديد من المغنيين إلى درجة من العالمية، يجب استغلالها لخلق ثورة في مجال الاستثمار الموسيقي بالمغرب.

نظراً لأهمية النشاط الموسيقي المغربي الذي لم يعد موجهاً للسوق المحلية فقط، بل أصبح موجهاً إلى السوق العربية، يقترح عماد الدوغمي، المسؤول عن الشبكات الموسيقية في إحدى الإذاعات الخاصة بالمغرب، أن يتم إطلاق مكتب لتصدير الموسيقى، كما هو الحال بالنسبة لفرنسا، التي أسست مكتباً لتصدير الموسيقى بإشراف من وزارة الثقافة الفرنسية.

يقول الدوغمي إن هذا المكتب ستكون مهمته إضافة قيمة إلى المنتوج المغربي الموسيقي، وأن يعطيه "قيمته الحقيقية. وسيصبح هذا المكتب هو المحاور الرئيسي بالنسبة للموزعين الراغبين في استغلال الأغاني المغربية". كما سيكون هذا المكتب المسؤول عن تسهيل منح التراخيص للفنانين من أجل إنتاج الأغاني، وذلك "حتى يتم تنظيم المجال بشكل أكبر، وتوفير حماية أكبر للملكية الفكرية لأصحاب الأغاني، لأن الملكية الفكرية الموسيقية في المغرب ما زالت تطرح مشكلة حقيقية"، بحسب الدوغمي.

إقرأ أيضا:ملف الملحق: الاستثمار الموسيقي العربي... سوق واعدة تنتظر المزيد
المساهمون