%23 من التونسيين لا يملكون مسكناً

23 مارس 2015
الوضع العقاري في تونس "مأساوي" (Getty)
+ الخط -
في أحد الأحياء الراقية بضواحي العاصمة تونس، تتزاحم القصور والمباني الضخمة التي لا يسكنها سوى الفراغ. تغلق هذه المباني أبوابها أمام المواطن التونسي، لأن سعر شرائها أو إيجارها لا يمكن أن تجده إلا عند فئة قليلة من أصحاب المال والأعمال الذين، ربما، لا يعنيهم السكن فيها، لأنّهم في معظم الأوقات يسكنون الطائرات أو اليخوت الخاصة في رحلات أعمالهم أو سياحتهم. 

يصل سعر البيت المستقل إلى ما يقارب 255 ألف دولار، أما متوسط أسعار القصور فحدّث ولا حرج. يشير سمسار العقارات، عبد الجليل أحمد، إلى أن متوسط سعر المنزل الصغير في حي رياض الأندلس في محافظة أريانة، إحدى ضواحي العاصمة التونسية، يبلغ 61 ألف دولار، وهو يعد رقماً قياسياً مقارنة مع قدرة التونسيين الشرائية.

جهود حكومية

تؤكد الإحصائيات الرسمية لوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية التونسية، أن نحو 23% من التونسيين لا يملكون مساكن، وتشير الوزارة إلى استفحال أزمة السكن والعقارات. وبحسب وزير التجهيز والإسكان، محمد الصالح العرفاوي، فإن أسباب غلاء السكن والعقارات في تونس، هو نتيجة قلة الأراضي المهيّأة للبناء وارتفاع كلفتها، بالإضافة إلى إرتفاع كلفة مواد البناء واليد عاملة. ويقول الوزير، لـ"العربي الجديد": "إن الوزارة تعمل جاهدة لتوفير المساكن، حيث إن هناك خططاً وضعت لتأمين أكثر من 50000 مسكن سنوياً، بحيث سيتم إنجاز ما يقارب 77% من هذه المساكن في إطار البناء الذاتي، أي عن طريق العائلات أنفسها، و20% سيتم إنجازها عن طريق المطورين العقاريين المرخص لهم، و1.7% من بقية المساكن سيتم إنجازها عن طريق المطورين العقاريين العموميين".

يقول الخبير الاقتصادي، محسن الشيخ، إن في تونس خمسة ملايين ومئتي ألف وحدة سكنية، 427 ألف وحدة منها فارغة، فيما العدد في تصاعد مستمر أمام هوس الشركات العقارية في تحقيق الأرباح عن طريق تجميد عملية بيعها إلى أوقات الذروة وبأسعار مرتفعة تتجاوز طاقة استيعاب المواطن التونسي، الذي بات مشرداً.

أما نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، فيصف الوضع العقاري في تونس اليوم، بالمأساوي، حيث تعيش تونس أزمة بفعل أسباب متعددة، منها سقوط هذا القطاع بين مخالب المضاربين والسماسرة والشركات العقارية الخاصة التي تحتكر الميدان. ويلفت سعد الله إلى أن توافد الليبين إلى تونس بمجموعات كبيرة بعد الثورة، ساهم بدوره في إشعال فتيل الأسعار.

ارتفاع ملحوظ
يقف التونسي ذو الدخل المحدود عاجزاً عن شراء منزل صغير، وخاصة أن الأسعار تشهد ارتفاعاً هستيرياً. ويقول غازي الشريف، المكلف بالمأمورية بديوان وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، إن 23% على الأقل من التونسيين لا يملكون مسكناً، وإن الحكومة تسعى في اتجاه إيجاد صيغ عملية لحل مناسب يوفّق بين سعر العقارات الاجتماعية ومستوى الدخل الفردي للمواطن التونسي.


ويقدّر عدد من الناشطين في سوق العقارات التونسية، بأن نسبة الزيادة على أسعار العقارات بلغت 30% خلال السنوات الماضية. ويشير الناشطون إلى أن هذه الزيادة هي نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي المعدة للبناء، وارتفاع فوائد القروض الخاصة بالسكن. ويؤكد الناشطون بأن أسباب الارتفاع المسجل بعد الثورة على مستوى أسعار مختلف العقارات، تعود إلى ارتفاع كلفة اليد العاملة المتخصصة التي باتت تتجاوز 40 دولاراً في اليوم، وإلى ارتفاع أسعار مواد البناء بصفة عامة، بالإضافة إلى خضوع سوق العقارات التونسية للمضاربات بين "السماسرة" والفوائد المتنامية في القطاع المصرفي على القروض الخاصة بالسكن.

هذا، ويصل سعر المتر المربع الواحد من الأرض الجاهزة للسكن إلى ألف دولار بعد الثورة، وقد تضاعف خمس مرات، إذ كان قبل العام 2011 في حدود 200 دولار. وتختلف الأسعار من مدينة إلى أخرى، ففي الأحياء السكنية الراقية يصل السعر إلى أكثر من 1300 دولار.

إقرأ أيضا: استرداد الأموال المصريّة المنهوبة في الخارج: صفرٌ كبير