الأردن والعراق... والفرص الضائعة

31 ديسمبر 2014
تراجع التبادلات الاستثمارية بين العراق والأردن (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
واجه الاقتصاد الأردني مصاعب اقتصادية عدة على مدى السنوات القليلة الماضية متأثراً بالأوضاع المضطربة في المنطقة، فعانى من انخفاض أعداد السياح وتفاقم أزمة طاقة حادة، بالتزامن مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، بلغ مجموعهم أكثر من مليون لاجئ منتشرين في مخيمات اللاجئين ومراكز حضرية أردنية، ما تسبب بضغط إضافي على موارد البلاد. 
وعلى الحدود الشمالية الشرقية، فإن مخاوف تقلُّص التجارة مع الجارة العراق وتداعياتها على الاقتصاد الأردني بدأت تتصاعد بشكل كبير، حيث يعتبر العراق أكبر سوق تصدير للأردن خلال سنوات طويلة مضت، فهو يمثل حوالي ربع الصادرات الأردنية السنوية. وكانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في أوجها خلال فترة الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، حين كان العراق يدعم الاقتصاد الأردني بالنفط الرخيص، مع تحوُّل الأردن إلى المتنفس الاقتصادي الوحيد للعراق خلال 12 سنة من الحصار الاقتصادي الدولي عليه.
وتضاعفت الصادرات الأردنية إلى العراق من 530 مليون دولار في عام 2007 إلى 1.25 مليار دولار في 2013، شكلت فيها المنتجات الصناعية أكثر من 90% من صادرات الأردن إلى العراق، والتي تتضمن قطع غيار السيارات والمواد الكيميائية والمعادن والملابس، إضافة إلى منتجات أخرى كالخضار والفواكه والألبان واللحوم.
ومع تصاعد العنف في العراق، انخفضت التجارة بين البلدين بشكل كبير بعدما كانت تشكل ركيزة من ركائز الاقتصاد الأردني. وتراجعت التجارة لأول مرة بين البلدين بعد اندلاع القتال بين قوات الحكومة العراقية والقبائل السنية في محافظة الأنبار في ديسمبر/ كانون الاول عام 2013، وازداد الوضع سوءاً مع سيطرة الجماعات المسلحة على الحدود العراقية مع الأردن في شهر حزيران/ يونيو الماضي، ما أدى إلى إغلاق جزئي للحدود.
وقبل تباطؤ أحجام التبادل التجاري، كُرِّست حوالي 2000 شاحنة لتبادل البضائع بين البلدين. أما اليوم، فإن 1900 من هذه الشاحنات قد غيرت مساراتها حيث أصبحت تعبر من الأردن إلى العراق عن طريق دول الخليج العربي، مثل المملكة العربية السعودية والكويت، في حين انخفض عدد الشاحنات المتجهه الى العراق عبر المنفذ الحدودي بين البلدين إلى أقل من 40 شاحنة فقط منذ كانون الاول عام 2013.
وأكثر ما يثير القلق الأردني هو تراجع واردات النفط من العراق بشكل حاد، حيث توقفت ناقلات النفط عن استيراد النفط العراقي منذ نحو عامين، والتي تأثرت نتيجة الاضطرابات. ووفقاً لغرفة صناعة الاردن، فقد انخفضت واردات النفط من العراق من 194 مليون دولار في الفترة بين يناير/كانون الثاني ومايو/ أيار 2013، إلى 4 ملايين دولار فقط للفترة نفسها من عام 2014، وذلك بعد توقف نقل 15 ألف برميل يومياً من الاراضي العراقية إلى الأردن.
ويتَّضح من خلال الزيارات المتبادلة الأخيرة بينهما، اهتمام الأردن والعراق بإعادة علاقتهما إلى مسارها الصحيح واستكمال مشاريع اقتصادية عالقة بينهما. ويولي البلدان أهمية بالغة في تنفيذ مشروع أنبوب النفط العراقي الأردني "البصرة – العقبة"، ذلك أن العراق يبحث عن منفذ جديد وآمن لتصدير إنتاجه من النفط، في حين ينظر الأردن إلى المشروع على أنه حل يُسهم في تخفيف حدة أزمة الطاقة المتفاقمة لديه. وتم، كذلك، إحياء مشروع ربط البلدين بالسكك الحديد، بعد أن تم تأجيل تنفيذه عدة مرات، وهو مشروع عملاق يهدف إلى توسيع قاعدة التجارة الخارجية بين البلدين وفتح آفاق اقتصادية جديدة لكل منهما.
توجد فرص اقتصادية غير محدودة لتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي بين الأردن والعراق، لكن الواقع الأمني، الذي تعيشه العراق، يبقى الهاجس الأكبر في كلا البلدين والمُثبِّط لقدراتهما على اصطياد هذه الفرص.
المساهمون