استراتيجيات النفط العربي

10 اغسطس 2015
قيمة النفط بدأت لا تقاس بالاحتياطي والإنتاج (Getty)
+ الخط -
بدأت قيمة النفط، خاصة في المنطقة العربية، تثير الكثير من الجدل في ظل التحديات العالمية التي يواجهها هذا القطاع، وظهور بدائل طبيعية أخرى تساهم في تحرك الأسعار. وتعتبر منطقة الجزيرة العربية أولى المناطق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي بدأت بها عمليات التنقيب عن النفط، وقد شكل ذلك أول التحديات لمرحلة طويلة ومعقدة تركت آثارها في السياسة النفطية. تعد الجزيرة العربية المقر الأساسي للصراع السياسي بين القوى النفطية. اليوم وبعد أكثر من نصف قرن على الاكتشافات النفطية، وظهور بدائل الطاقة المتجددة والنفط الصخري، بدأ يدور سؤال رئيسي حول قيمة نفط المنطقة العربية. حيث يطرح خبراء استراتيجيون فرضيات متعددة تدور حول انتهاء عصر النفط العربي من حيث تأثير القيمة السوقية على الإنتاجية والاحتياطيات؟

بدأ اكتشاف النفط عربياً في العام 1925، حيث كان الاقتصاد المغلق والقائم على المجهود الشخصي غير المنظم يشكل أساس الحياة في البلاد. ولذلك كان الإنتاج يستهلك بأكمله، وتمركز نشاط السكان والأهالي بشكل رئيسي على تربية الماشية، أما سكان القرى والأرياف، فقد مارسوا الزراعة والتجارة بشكلها البدائي البسيط، فيما عمل سكان المدن الكبيرة بالتجارة والصناعات البسيطة التي لم تتجاوز مرحلة الإنتاج اليدوي.

وقد كانت المؤشرات الاقتصادية قبل اكتشاف البترول بكميات تجارية في السعودية مثلاً تدل على أن البلاد كانت إحدى أفقر بلاد العالم اقتصادياً. إذ إن دخل الفرد كان أقل من مثيله في عدد من الدول النامية، ولذلك كانت تُعد في نظر الغرب من أفقر بلدان العالم. حين تولى عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود الحكم في العام 1932 دفعته الأوضاع الاقتصادية الصعبة البحث عن الموارد الأولية، وتولت شركة ستاندرد أويل أف كاليفورنيا "سوكال آنذاك وشيفرون حالياً " الأميركية عمليات التنقيب عن النفط، ليتم اكتشاف أول بئر نفط في الدمام، إلا أن نتائجها لم تكن محققة للتطلعات. وفي الوقت عينه، كانت الدلائل تشير إلى وجود الزيت والغاز، إذ استمرت الشركة في حفر تسع آبار متتالية إلى أن تحقق الحلم في 4 مارس/ آذار 1938حيث أنتج بئر الدمام السابع كميات كبيرة من البترول بعد حفرها على عمق 1441متراً في طبقة أطلق عليها اسم (الطبقة الجيولوجية العربية)، فدخلت بذلك المملكة العربية السعودية عصر صناعة البترول لتحتل مكانة في السياسة النفطية الدولية.

وفي مقارنة لأوزان وحجم الحقول في المنطقة، نجد أن المملكة العربية السعودية تمتلك 49 حقل بترول، و28 حقل غاز، أبرزها حقل الغوار، حقل السفانية، حقل أبقيق، حقل الشيبة، حقل الضلوف، حقل بيري، حقل المرجان، حقل الخفجي، حقل الدمام، والقطيف والخرسانية، وخريص.

أما الكويت، فتمتلك حقل برقان الذي ينقسم إلى ثلاثة قطاعات (برقان، مقوع، الأحمدي)، وحقل الروضتين، حقل الصابرية.

فيما تمتلك الإمارات النفط في إمارتي "أبو ظبي" و"دبي"، حيث تنتجان سوياً 2.5 مليون برميل يومياً، ويوجد في أبو ظبي 13 حقل بترول تحت التشغيل والإنتاج، وفي دبي 5 حقول تحت التشغيل والإنتاج، أهمها حقلا زاكم العلوي وحقل زاكم السفلي، بالإضافة إلى حقل بوحسا، حقل باب، حقل عصب، حقل أم الشيف، وحقل الفاتح.

وتمتلك قطر سبعة حقول نفطية، أبرزها حقل الدخان، حقل العد الشرقي، حقل ميدان محزم، حقل بو الحنين، حقل البندق، حقل الشاهين، حقل الريان، حقل الخليج، حقل الكركرة وطبقات.
وفي سلطنة عمان يعد حقل النمر، وحقل يبال من أهم الحقول المنتجة، أما في البحرين، فإن الإنتاج يعد ضعيفاً نوعاً ما، إذ تمتلك حقلاً مشتركاً مع السعودية وهو (حقل أبو سعفه)، والذي يبلغ إنتاجه بالكامل ما يقارب 67.26 مليون برميل.

في اليمن، يعتبر النفط المصدر الرئيسي للدخل القومي، وتمثل عائدات النفط 67% من الدخل المحلي، وأكبر حقلي نفط فيها هما، كمعال، وعليف، إضافة إلى حقول حمير والسنة هيجا وغيرها من الحقول الصغيرة.

وبالتالي نجد أنه على الرغم من الوفرة الإنتاجية والاحتياطية، إلا أن قيمة النفط بدأت لا تقاس بالاحتياطي والإنتاج، وإنما بالأسعار نتيجة توفر البدائل كالنفط الصخري أو استخدامات الطاقة المتجددة. ولكن المؤشرات تقول أن المستقبل سيحدد نهاية عصر النفط بقيمته وليس بغزارته!
(خبير نفطي عراقي)
المساهمون