الضرب في مدارس غزة... أسلوب حياة

09 مارس 2016
طلاب غزة بحاجة إلى نوع آخر من التعليم(Getty)
+ الخط -
لا تختلف مدارس غزة عن باقي مدارس المدن العربية التي تشهد أشكال العنف والضرب داخل فصولها، لكن يمكن اعتبار هذه المدينة المحاصرة حالة خاصة، في ظل ما ذكره المرصد الأورومتوسطي، في نهاية يناير الماضي، خلال عمله إحصائية شاملة، ورد فيها أن أكثر من 50% من الأطفال الفلسطينيين بحاجة إلى دعم نفسي، فيما يعاني 55% من سكان قطاع غزة من الاكتئاب.

وهذا ما ينعكس على التلاميذ في المدارس، الذين، ورغم هذه الظروف، لا يزالون يتعرضون لأنواع من الضرب من قبل المعلمين المنقسمين في مدارس تتبع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ومدارس تتبع وكالة الأونروا.

وبالرغم من منع الضرب في المدارس من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ووكالة الأونروا، إلا أنه يتم الاكتفاء بتعيين مفتش يقوم بالرقابة الشكلية، لا أكثر، مما أدى إلى التمادي في استخدام الضرب، بحجة إجادة تعليم الأطفال.

اقرأ أيضا:شيماء زيارة .. قصة نجاح آتية من غزة

أنواع الضرب
في دراستها للدكتوراه بعنوان "انعكاس الضغوط المجتمعية في غزة على الأطفال" والتي أجرتها الأخصائية النفسية رولا سعيد، في أواخر عام 2015، بجامعة الأزهر في غزة، توصلت من خلال البحث في 20 مدرسة من مختلف محافظات القطاع ومقابلة 650 طفلاً، أن نسبة 65% من الأطفال الذين يتعرضون للضرب هم من مدارس الأونروا، بالرغم من منع الضرب بتاتا في أجندة الوكالة، والاستعاضة عن الضرب بعقاب آخر لا يضر بكرامة الطفل.

كما تشير الدراسة إلى أن 70% من الضرب في المدارس يكون باستخدام عصي من الخيزران وعصى جلدية، و20% بالضرب بالكفوف على الوجوه، و5% على القدمين باستخدام العصا، و5% أساليب ضرب عنيفة.

تقول الباحثة رولا سعد، لـ"العربي الجديد": "المشكلة أننا جميعا لا نؤمن بالضرب أو جدواه، لكن معلمي غزة يتحججون بكون الطلاب سيئين في التعلم والاستيعاب، في حين أنهم أنفسهم لا يطورون أسلوبهم التعليمي". وتؤكد الأخصائية النفسية أن استخدام عقاب آخر للتلاميذ لن يضر بكرامتهم، فكما تنصح الأونروا باستبدال الضرب بعقاب آخر كتنظيف الفصل أو القيام بعمل ما أو الوقوف في المكان، إلا أن الجميع يظن أن ذلك يحط من كرامة التلاميذ.

اقرأ أيضا:مناهج "السلام" الفلسطيني.. الفطرة تكسب

مجتمع يقبل الضرب
بدوره، أكد المدير العام للإرشاد والتربية الخاصة في الوزارة، أحمد الحواجري، أن قرار منع الضرب في المدارس الصادر عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في غزة عام 2010 مطبق، وأنه يتم متابعة هذا العمل بشكل حثيث في الميدان.

لكن ما تعرض له التلميذ أحمد مسعود، البالغ 11 عاماً، يؤكد غير ذلك، فقد تلقى ضربا مبرحا من معلمه، ليعود إلى منزله بقدمين زرقاوين، وما كان من والده إلا أن وبخه لتقصيره في متابعة دروسه، حيث يتضح أنه مازال هناك في غزة من يؤمن بأهمية الضرب وجدوى استخدامه مع التلاميذ، ليكون سبيلا للتعلق أكثر بالدراسة.

ورغم كل محاولات الحد من ظاهرة الضرب في المدارس التي تشرف عليها مؤسسات حقوقية دولية في غزة ضمن مشاريعها "التحسين من مستوى التعليم"، إلا أن المعلمين لا يصغون، ولا يتعاونون، فتنوه مشيرة مصطفى، مديرة مؤسسة مستقبل الطفل الفلسطيني، أن الضغوط المجتمعية تؤثر على عقلية المعلمين في غزة وتعطيهم صورة عدم تقبل تغيير النظام التعليمي الذي تأسسوا عليه.

وتضيف: "الضرب بالنسبة لهم وسيلة ضغط للالتزام الطلابي، لكن طلاب غزة بحاجة إلى نوع آخر من التعليم فيه ما يكفي من الترفيه واستخدام أساليب تعليم حديثه، إلا أن غزة كما هي محاصرة اقتصادياً وسياسياً، فهي محاصرة تعليمياً".

وقبل عام عبر صفحات التواصل الاجتماعي، تداول نشطاء فيديو لمدير مدرسة أونروا في غزة يقوم بتوبيخ طلاب مدرسته ويقوم بضربهم صفعاً على الوجه، ورغم الهجوم الكبير والتعليقات ضد هذا المدير، إلا أن بعض التعليقات كانت مؤيدة، بداعي أن هذا الجيل من التلاميذ "فاشل".

اقرأ أيضا:
آليات الدعم النفسي للأطفال في المدرسة

فلسطين.. ثانوية عامة بلا مستقبل
فلسطين: رغم أنف الأسر.. "يدرسون"
من غزة تنطلق العربية إلى العالمية
هلال جرادات.. الأسر دفعه إلى تعلم 16 لغة


المساهمون