سوق صبرا الشعبي في لبنان لم يعد للفقراء

21 مارس 2016
تاجر في سوق صبرا (كافح كاظمي/ فرانس برس)
+ الخط -
قليلون هم اللبنانيون الذين لا يعرفون سوق صبرا الشعبي. إذ تقع هذه السوق على أطراف منطقة صبرا وشاتيلا، التي شهدت واحدة من أبشع المجازر خلال الحرب الأهلية، وتحولت في مرحلة ما بعد الحرب، إلى جزء من حزام الفقر الذي يسيّج العاصمة بيروت. وتضم هذه المنطقة آلاف السكان من لبنانيين وفلسطينيين وسوريين وبعض العمال الآسيويين الذين يجدون فيها ملاذاً سكنياً لا يرهقهم بالإيجارات الخيالية التي تسيطر على المدينة، وكذا انخفاضاً في كلفة العيش بشكل عام.
يقصد سوق صبرا الأغنياء والفقراء على حد سواء، فإما بحثاً عن الأسعار المتدنية للخضر والفاكهة والثياب والأحذية وكل السلع الاستهلاكية تقريباً، أو للحصول على بضائع يصعب الحصول عليها في الأسواق الأخرى، وخصوصاً الأنتيكا.

ارتفاع الأسعار

هنا، في قلب السوق، لا تحتاج إلى دليل سياحي أو خارطة، فأصوات الباعة ونداءاتهم كفيلة بإعطائك صورة واضحة عن السوق ومحتوياته: بهارات، مواد غذائية، مواد منزلية، مواد صحية، كتب، موسيقى، ألبسة جديدة ومستعملة، أسماك، لحوم، أجبان وألبان... تكاد السوق لا تخلو من أي سلعة تخص المعيشة. إلا أنك بمجرد دخولك السوق والاحتكاك بالباعة والمتبضعين ستجد أن الحال تغير عن السابق، وأن الحرب في سورية أيضاً كان لها أثر كبير على الأسعار، وانقراض الكثير من أنواع البضائع. وهذا الواقع خلف أزمة داخل السوق، أزمة اقتصادية ومعنوية على عاتق البائع والزبون على حد سواء.
يقول أبو محمد الديري، صاحب بسطة ألبسة: "فيما مضى، أي قبل الأزمة السورية، كنا نشتغل أحسن من الآن، لأننا كنا نجلب البضاعة من حلب بكل سهولة وبأسعار زهيدة ثم نعرضها هنا ونبيعها. أما الآن فباتت كلفة جلب البضاعة من سورية باهظة، عدا كلفة النقل والجمرك هناك تكاليف أخرى، منها ارتفاع الأسعار في سورية نفسها، وصعوبة التنقل في المناطق السورية، ودفع الرشوة للحواجز، كل هذا يزيد من كلفة نقل البضاعة".
ويقول رائد البراك، زبون وصل لتوه إلى بسطة أبو محمد: "منذ خمس سنوات وأنا أتسوق من صبرا وبالتحديد في بسطة أبو محمد، معظم ملابسي أشتريها منه". ويضيف: "كنت أشتري منه بنطال جينز مثلاً بـ 10000 ليرة (نحو 7 دولارات)، وذلك بعدما نتجادل في السعر لدقائق عدة من أجل أن يراعيني في سعر القطعة. أما الآن فبت أشتري نفس القطعة بـ 25000 ليرة (نحو 17 دولاراً) دون جدال مع أبو محمد". وعن سبب هذا الارتفاع يجيب رائد: "أكيد بسبب أحداث سورية فأغلبية المصانع والمعامل بسورية تدمرت أو تم إغلاقها، وصار يوجد صعوبة في نقل البضائع".
عبود خضر شيف مطبخ، هو الآخر يجلب كل مستلزمات المطعم الذي يعمل فيه من سوق صبرا، من لحوم وأسماك وبهارات، يقول عبود: "التسوق في صبرا له نكهة خاصة لدي، فكل ما يلزمني للمطعم أو للبيت موجود هنا، وبأسعار أرخص من المنطقة التي أسكنها في بيروت". ويضيف: "لم تعد الأسعار كما كانت سابقاً، أتذكر في العام 2011 كنت أشتري كيلو الدجاج بدولارين وكيلو اللحمة بـ 4 دولارات، أما الآن فالأسعار باتت أغلى بثلاثة أضعاف، مما جعلني أتردد في مسألة المجيء كل يوم إلى هنا، فالأسعار باتت اليوم لا تختلف كثيراً عن باقي المناطق".
أما عماد الحجي، صاحب محل خضر، يجيب ساخراً عن سؤال عن تأثير الأزمة السورية على سوق صبرا، قائلاً : "كان يعمل معي أربعة عمال، وكانت البضائع كلها تباع بسرعة، أما اليوم كما ترى، أعمل بالحد الأدنى". ويضيف : "منذ بدء الحرب في سورية، لم نعد قادرين على شراء البضائع من هناك، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار، ما سبب قلة الزبائن". وتشارك في الحديث زبونة تقف في محل عماد بقولها، "كيلو البندورة بدولارين والخيار كذلك، وكل الخضر غالية. لدي عائلة من 8 أفراد، ما يعني أنه إذا اشترينا خضارا كالسابق، فهذا سيجعلنا بلا أي مدخول".

اقرأ أيضاً:غلاء بيروت يثقب جيوب السوريين
المساهمون