مسلحو سورية يتقاضون بين 100 و600 دولار

22 يوليو 2015
ينحدر معظم مقاتلي المعارضة من مناطق تعاني التهميش والظلم
+ الخط -
مع انطلاق العمل المسلح في الثورة السورية، لعبت المزايا الشخصية لبعض القادة العسكريين الدور الأكبر في تفضيل المقاتلين السوريين لهذا الفصيل العسكري على ذاك. لكن، ومع تطور المشهد العسكري، لم يعد للكاريزما الشخصية للقادة من أهمية كبيرة، وصارت المزايا المالية التي يمكن أن يحصل عليها المقاتل أحد العوامل الرئيسية التي تدفعه لاختيار مجموعة معينة والانضواء في صفوفها، إذ تدفع بعض الفصائل رواتب أعلى مقارنة بغيرها. أما المقاتلون في صفوف النظام فليس لهم حرية الاختيار برغم وجود تفاوت في الرواتب والمنح التي يحصل عليها مقاتلو الجيش النظامي والمقاتلون المنضوون في صفوف المليشيات الحليفة للنظام.


"في البداية، كانت فصائل محدودة جداً هي القادرة على دفع رواتب للمقاتلين، فيما كانت بعض الفصائل تختار أن تدفع للمقاتلين على الجبهات فقط"، يقول الناشط زاهر الحلبي من ريف حلب لـ "العربي الجديد". ثم توسعت الظاهرة في العامين الماضيين، وباتت مختلف الفصائل تدفع الرواتب والمنح بانتظام نسبياً.

وتشير سلسلة تقارير حول المشهد الاقتصادي في المدن المحررة صادرة عن "مجموعة عمل اقتصاد سورية" إلى أن رواتب ومنح عناصر "الجيش الحر" في مدن الشمال تتراوح بين 100-300 دولار، وذلك حسب المدينة والموقع الذي يحتله المقاتل. وتقدم بعض الفصائل، بالإضافة إلى الراتب الشهري، معونات غذائية وملابس لعائلة المقاتل ولكنها ليست منتظمة في معظم الفصائل. وبالمقابل، يتراوح الراتب الشهري لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، بحسب الحلبي، بين 200-600 دولار.

وإذا استثنينا القادة العسكريين، الذين يحصلون على مزايا مالية أكبر بكثير من غيرهم، وقدرنا عدد المقاتلين في صفوف المعارضة والنظام والفصائل الأخرى بحدود 500 ألف مقاتل يحصل كل منهم على راتب شهري متوسط بحدود 250 دولاراً، يكون المبلغ الشهري 125 مليون دولار أميركي. ويقترب ذلك من مجمل الرواتب التي كانت تصرفها الحكومة السورية لموظفي القطاع العام الذين كان عددهم يتجاوز مليون موظف قبل اندلاع الثورة.

اقرأ أيضا: التسلّح في سورية يغيّر النمط الاستهلاكي للأسر

ينحدر مقاتلو الجيش الحر من مناطق فقيرة كانت السياسات الاقتصادية للنظام السوري قد زادت من تهميشها، ومن معاناة سكانها، وهيأت الأرضية لانخراط الشباب في العمل المسلح.
ووفق مسح القوة العاملة لعام 2010، فإن نحو 63 في المائة من إجمالي قوى العمل هم من الشباب دون الأربعين عاماً، وقد شاركت هذه الفئة بحماسة في العمل المسلح في ظل معدلات البطالة العالية التي كانت تنتشر في صفوفها. وبرغم أن المقاتلين انحدروا من المناطق المهمشة، لكنهم "تنوعوا في خبراتهم ومهنهم وتعليمهم، إذ لم يقتصر حاملو السلاح على الفقراء غير المتعلمين وأصحاب المهن البسيطة، وإن كان هؤلاء يشكلون الأغلبية نسبياً، فهنالك أفراد متعلمون وطلاب جامعات تركوا دراستهم للانخراط في القتال والدفاع عن مدنهم"، يقول الحلبي.


لا يعتبر الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد السلمان، في حديث لـ "العربي الجديد" ، أن "الدافع المادي هو السبب الرئيسي وراء انضمام الشباب السوري لصفوف الثورة، وإن كان للأوضاع الاقتصادية المتردية وانسداد الآفاق، بالإضافة إلى العنف والقمع الممارس من قبل مليشيات النظام وحلفائه، دور بارز في ذلك. على الطرف المقابل، ليس هناك ما يفسر انضمام آلاف المرتزقة لمليشيات النظام وحلفائه سوى الدافع المالي أو الحفاظ على المكاسب السابقة".

ونظراً لخطورة ظاهرة ارتفاع أعداد المقاتلين بصورة كبيرة في سورية، يشير السلمان إلى أن "أي حل للقضية السورية لا بد أن يتضمن معالجة جادة لمسألة إيجاد فرص العمل وإعادة تأهيل عشرات الآلاف من الشباب المقاتل، وذلك كجزء من استراتيجية متكاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة والمجتمع، الاقتصادية والسياسية والأمنية".

اقرأ أيضا: الخطف يطارد السوريين ويغذي "اقتصاد العنف"

بين النظام و"داعش"
يتلقّى مقاتلو الجيش التابع للنظام رواتب تتراوح بين 150-250 دولاراً، يضاف إليها ما يستولون عليه أثناء عمليات نهب البلدات والقرى. ومع تراجع قدرة الجيش النظامي في اقتحام مناطق جديدة، وتراجع مداخيل عناصره، أقرّ النظام قبل نحو شهر زيادة على رواتب المقاتلين وصلت إلى 35 دولاراً. لكن المقاتلين الأجانب الذين يساندون النظام وأولئك المنضوين في صفوف ملشياته يتلقون راتباً شهرياً أعلى من المقاتلين المحليين ويتراوح بين 300-600 دولار.

في المقابل، يشير تقرير حديث لمركز "موارد بناء السلام النرويجي"، إلى وجود تصنيفات مختلفة لسلّم الرواتب للفصائل المقاتلة في سورية. وبشكل عام يحصل المقاتلون الأجانب من الطرفين، النظام والمعارضة، على أجور أعلى من المقاتلين المحليين، ويحصل المقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية على أجور أعلى من الجميع، بحسب المركز
المساهمون