في الصيف الفائت، أعلن فريق يوفنتوس الإيطالي التعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، والهدف الحقيقي والمُبطن من الصفقة هو التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا. لم يكن رونالدو مجرد صفقة تجارية، بل صفقة هدفها تغيير مجرى التاريخ بالنسبة للنادي الإيطالي والعودة إلى منصات التتويج الأوروبية.
في 19 أيلول/سبتمبر من عام 2018، دخل رونالدو أرض الملعب في دوري أبطال أوروبا بقميص يوفنتوس لأول مرة. كل الأنظار عليه وكل كاميرات العالم تُراقب كل حركة يقوم بها، ليس لأنه صفقة جديدة في النادي الإيطالي بل لأنه ملك هذه البطولة لكن بالقميص "الأبيض" سابقاً.
بعد 29 دقيقة فقط أمام فالنسيا، رفع حكم المباراة البطاقة الحمراء في وجه البرتغالي كريستيانو رونالدو وكانت الصدمة المُدوية. رونالدو خرج من الملعب يومها باكياً ليس فقط بسبب الطرد، بل لأنه كان يعرف جيداً أنها المباراة الأولى له في بطولته المُحببة بقميص فريق آخر، والتحدي بالنسبة إليه كان في تقديم الكثير بعد انتقاداته لمغادرته النادي "الملكي".
لم يُسجل رونالدو سوى هدفٍ وحيدٍ في دوري أبطال أوروبا حتى الآن، بعد أن كان الهداف الأول في دور المجموعات في السنوات الأخيرة مع ريال مدريد. وبالأمس ضد أتلتيكو، عاد رونالدو إلى عاصمته "مدريد" وعينه على تأكيد أنه ملك كرة القدم في العاصمة الإسبانية، لكن سيناريو المباراة أحرج البرتغالي وبات قاب قوسين أو أدنى من توديع دوري الأبطال من دور الـ 16 لأول مرة منذ سنوات طويلة.
من خرج من داره قلّ مقداره؟
عند التحدث عن ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا وألقابه الثلاثة التي حققها في السنوات الأخيرة، لا يمكن استثناء البرتغالي كريستيانو رونالدو من المُعادلة، فهو باختصار صانع هذه الإنجازات دون منازع. خمسة ألقاب في البطولة الأوروبية لرونالدو، أربعة منها مع النادي "الملكي" البيت الذي حضنه من عام 2009 حتى 2018.
رونالدو كان فعلاً ملكاً لأوروبا بأهدافه مع ريال مدريد مثلما تبين ذلك الأرقام، فمن تصدر قائمة الهدافين في بطولة مثل دوري أبطال أوروبا أولاً برصيد 16 هدفاً، وثانياً برصيد 12 هدفاً وآخرها في العام الماضي برصيد 15 هدفاً، لكن كل هذه الإنجازات الفردية صنعها في البيت "الملكي" فقط والباقي مجرد تفاصيل.
رونالدو ترك الدار التي صنع فيها تقريباً كل شيء لأن نجوميته في مانشستر يونايتد هي مجرد بداية. فمرحلة النضج كانت في ريال مدريد. الألقاب كانت في ريال مدريد. صناعة التاريخ في ريال مدريد. المجد والاستحواذ على أوروبا كانا في ريال مدريد فقط.
بالأمس، كان رونالدو يسير ملكاً في دوري الأبطال، يقود مجموعة من النجوم نحو القمة. تارةً بتحركاته المثالية وتارةً بتسجيله الهدف تلو الآخر دون رحمة. فالذاكرة لا تنسى ثلاثية فولفسبورغ التاريخية، خماسية "البافاري"، ثلاثية أتلتيكو مدريد الخارقة وركلة الترجيح الذهبية في نهائي 2016.
أما اليوم، فرونالدو يبدو يتيماً في بطولته الأوروبية حائراً بهدف وحيد لا يُشبع البرتغالي والمؤكد أنه ليس نادماً، لأن حركة "الخمس" أمام جماهير أتلتيكو تؤكد افتخاره واعتزازه بما قدمه مع النادي "الملكي". لكن في النهاية انطفأ توهج رونالدو الأوروبي في الموسم الحالي، وربما ينطبق عليه المثل الشائع: "من خرج من داره قلّ مقداره"...