سيلفا ولاكازيت وبيلوتي.. عودة المهاجم الهداف إلى القمة

11 مارس 2017
بيلوتي أحد نجوم الموسم الجاري (Getty)
+ الخط -

غاب المهاجم الصريح عن الأجواء الرئيسية خلال السنة الأخيرة، لدرجة أن منتخبات المربع الذهبي في بطولة أوروبا اعتمدت أكثر في الحسم على الأجنحة وصناع اللعب، ومنتخب ألمانيا خير مثال على غياب اللاعب الهداف الكلاسيكي. وشهد هذا الموسم تغيرا مفاجئا في هذا الجانب، بعد تألق أكثر من مهاجم صريح، وظهور قوي لأصحاب المركز 9 في مختلف الدوريات الأوروبية، من البرتغال إلى فرنسا مروراً بإيطاليا.

ويرغب كبار القارة في جلب أسماء جديدة خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، فالريال يريد مهاجما إضافيا في حالة رحيل بنزيمة، بينما يرغب مانشستر يونايتد في تأمين نفسه تحسبا لكبر سن زلاتان ونهاية عقده، كذلك يصر أنطونيو كونتي على جلب اسم جديد بجوار دييغو كوستا، بينما حالة أرسنال شبيهة مع انخفاض مستوى جيرو وضعف إنتاجه في المباريات الكبيرة. حتى ميلان هو الآخر يفكر في إعادة الأمجاد والحصول على رأس حربة أقوى من باكا.

يوفنتوس في المقابل ينتظر تجديد عقد ديبالا، لكن في حالة غدر الأرجنتيني فإن مدراء السيدة العجوز سيبحثون سريعا عن لاعب بديل، وبالتالي يتفق معظم أباطرة أوروبا في المبدأ الخاص بضرورة التعاقد مع رأس حربة في الصيف المقبل، والأسماء متاحة بقوة في الفترة الأخيرة.

أمل البرتغال
حصلت البرتغال على يورو 2016 في مفاجأة مدوية، ولعب الفريق معظم مباريات البطولة من دون مهاجم صريح، مع وضع رونالدو كرأس حربة متحرك بين الجناح وقلب منطقة الجزاء، ليتحول صاحب البالون دور مؤخرا إلى نسخة الهداف أكثر من أي شيء آخر، ويركز مع منتخب بلاده على عامل الحسم، كما حدث في مرحلة المجموعات والدور نصف النهائي أمام منتخب ويلز. حتى بعد إصابة كريستيانو، سجل البديل إيدر هدف الكأس أمام فرنسا، لكنه رضي بدور العامل المساعد، ومن الصعب الاعتماد عليه في الخانة الأساسية خلال المواعيد المقبلة.

يحتاج برازيل أوروبا إلى مهاجم صريح رقم 9، رأس حربة حقيقي على خطى نونو غوميز في منتخب يورو 2000، ويبدو أنهم وجدوا ضالتهم أخيرا، في نجم بورتو أندريه سيلفا، الشاب اليافع مواليد عام 1995 الذي وصل إلى القمة محليا بسرعة الصاروخ، ليخطف المركز الرئيسي في تشكيلة تنين الدراغاو، ويقدم مستوى مميزا للغاية في كافة مراكز الثلث الأخير، وبالتالي أصبح سريعا الخيار الدولي الأول لبلاده.

يمتلك سيلفا ميزة كبيرة في شغل أكثر من مكان، حيث يمكنه اللعب كرأس حربة صريح في طريقة لعب 4-3-3، يتمركز داخل منطقة الجزاء بين الجناحين، يعود إلى الوسط للاستلام والتسليم، وإتاحة الفرصة أمام القادمين من الخلف. كما يمكنه أيضا اللعب كمهاجم صندوق يترجم الفرص إلى أهداف، بالإضافة إلى توظيفه كجناح على اليمين، يستلم من الطرف ويدخل إلى العمق. وعندما يلعب فريقه بطريقة 4-4-2، يحصل أندريه على دور المهاجم المتأخر خلف زميله سواريس الذي يتواجد بالقرب من المرمى، وبالتالي يملك سيلفا ميزتي الحركة والتمركز في آن واحد.

رقميا، سجل المهاجم الشاب 15 هدفا في الدوري البرتغالي هذا الموسم، وصنع 4 مع عدد وافر من الفرص، بالإضافة إلى مساهمته في 6 أهداف بالشامبيونزليغ. وتزيد قيمة سيلفا في كونه قادرا على القيام بالضغط على دفاع الخصم، من خلال العرقلة والافتكاك واستخلاص الكرات في نصف ملعب منافسيه، ليقدم نفسه كإحدى الصيحات الحديثة للهداف العصري. ونتيجة سياسات بورتو التي لا تمانع في بيع النجوم، فإن أندريه سيكون أحد أهم نجوم الميركاتو الصيفي بكل تأكيد.

هدية ليون
يمتاز نادي ليون دائما بأنه أحد أهم مكتشفي النجوم في الكرة الفرنسية، يتذكر الجميع الفريق الأسطوري في بدايات الألفية، ويعرف رئيسهم جان ميشيل أولاس بكبير المفاوضين عندما يتعلق الأمر ببيع وشراء اللاعبين، لذلك يحصل هذا الكيان على قيمة كبيرة في فترة الانتقالات، بسبب تواجد عدد لا بأس به من المواهب التي يريدها كبار القارة العجوز، وواحد من هؤلاء هو ألكسندر لاكازيت، المهاجم الذي سجل أجمل أهداف الدوري الأوروبي لهذا الأسبوع في مرمى روما.

لاكازيت مهاجم متحرك، هو اللاعب رقم 9 على طريقة سواريز نجم برشلونة، يتمركز داخل المنطقة على الورق، لكنه يتحرك باستمرار في كافة أركان الثلث الأخير، وينطلق دائما في الفراغات والقنوات الدفاعية، مع قدرته على العودة إلى الوسط، والقيام بدور صانع اللعب تجاه زملائه على الأطراف، لذلك يجيد بشدة لعب دور النجم في خطتي 4-3-3 و4-2-3-1، لأنه بارع في دوري المهاجم الصريح والمهاجم المزور المساعد للاعبي الوسط.

ألكسندر لا يرحم أمام المرمى، يملك معدلا تهديفيا ممتازا في الدوري الفرنسي، إنه يشبه كريم بنزيمة في بداياته مع ليون أيضا، من حيث التحرك المستمر والقدرة على هزيمة المدافعين بالخفة والقطع المفاجئ، بالإضافة إلى تسجيل الأهداف في المباريات الكبيرة، وعدم الوقوف أمام دور المهاجم الأوحد، لأنه يستطيع اللعب بجوار زميل آخر، ويجيد أيضا صناعة الفرص. أمام روما كمثال له هدف و"أسيست" خلال 90 دقيقة.

حصل لاكازيت على شهرته الحقيقية في عام 2015 عندما سجل أهدافا غزيرة في الدوري الفرنسي، لكنه غاب بعد ذلك لداعي الإصابة، قبل أن يعود بقوة هذا العام ويصل إلى 21 هدفا محليا، وهدف في منافسات الشامبيونزليغ بمرحلة المجموعات، و3 أهداف في مباريات الدوري الأوروبي، ليقول عنه أولاس بأن ليون يملك ماكينة أهداف لا تتوقف، ليس من السهولة التخلي عنها لكنه لا يمانع في بيعها بسعر مستحق كعادته في مثل هذه المواقف، كما فعل سابقا مع بنزيمة وأومتيتي.

الجوهرة الإيطالية
في إيطاليا لا صوت يعلو فوق صوت أندريا بيلوتي، هداف تورينو وأفضل مهاجمي الكالتشيو هذا الموسم، بعد تسجيله 22 هدفا في 24 مباراته، بنسبة تسديد أسطورية تعدت حاجز الـ 55 % في معظم المواجهات. ويعتبر بيلوتي نسخة جديدة للمهاجم الكلاسيكي القديم الذي يتمركز أكثر داخل المنطقة، يتحرك في أضيق الفراغات المتاحة، ويضرب خصومه بأقل فرصة ممكنة، على طريقة غيرد مولر والعظماء القدامى في فترات الكرة الفائتة.

بيلوتي من مواليد منطقة الجزاء كما نقول في مناطقنا، لأنه لا يخرج بعيدا عنها في معظم الأحيان، وتجده باستمرار قريبا من حارس الفريق المنافس، وملتصقا بمدافعي الفرق الأخرى، وعندما تأتيه الكرة من أحد زملائه، لا يجد عناء كبيرا في تحويلها سريعا إلى الشباك، وبالتالي يلعب كمهاجم رئيسي في خطة 4-3-3، خلف ثلاثي وسط صريح وحوله ثنائي من الأجنحة، الكل بلا استثناء يلعب من أجل إيصال الهجمة إليه، وبعدها تنطلق نحو المرمى.

يسجل مهاجم تورينو بكل الأوضاع تقريبا، بالقدمين والرأس، ويملك قيمة كبيرة في ألعاب الهواء، حيث إنه يزاحم المدافعين على كل كرة، وله باع طويل في السيطرة على اللعب بعيدا عن الأرض، لذلك سجل 8 أهداف بالرأس من أصل 22. مع تمركزه العبقري خلال الكرات الثابتة، ليصنع الخطورة المطلوبة في الركنيات بسبب وقوفه باستمرار في الفراغ القاتل، وقدومه من خلف المدافعين طلبا للكرة الأولى أو الثانية.

"100 مليون يورو لا تكفي لرحيل بيلوتي"، هكذا قال رئيس تورينو أوربانو كايرو عند سؤاله عن إمكانية بيع مهاجمه الفذ، ورغم المبالغة في التصريح إلا أن أندريا لن يباع بسعر بعيد عن هذا الرقم، خصوصا مع صغر سنه وتكيفه السريع مع مختلف طرق اللعب، بالإضافة إلى أرقامه المذهلة أمام المرمى؛ وبالتالي لن يستمر في أغلب الأحوال داخل تورينو، ربما ينتقل إلى أندية الصفوة في إسبانيا أو ألمانيا، مسألة وقت ونشهد صفقة أخرى مدوية.

 
المساهمون