من إدارة الأعمال إلى عالم الأزياء.. هذه قصة المدرب توخيل

04 مارس 2021
شقّ توخيل طريقه في عالم التدريب بنجاح (Getty)
+ الخط -

تحدى المدرب الألماني توماس توخيل جميع الصعاب التي واجهها في حياته، بعدما وجد نفسه مُجبَراً على اعتزال لعب كرة القدم في سنّ الـ 24 عاماً، ليُصمم عقبها على تحقيق النجاح مهما كان الثمن. لذلك، وضع أهدافه المستقبلية أمامه، كي يصبح إنساناً ناجحاً.

قصة توخيل انطلقت عندما رُقِّي إلى اللعب كمدافع في صفوف نادي أوغسبورغ عام 1988، لكنه وجد نفسه في سن الـ19 خارج أسوار الفريق، إلا أنه صمم على المتابعة، من خلال الموافقة على اللعب مع شتوتغارت كيكرز في دوري الدرجة الثانية عام 1992.

ولم يلعب توخيل مع شتوتغارت كيكرز إلا في 8 مواجهات فقط، ليقرر المغادرة إلى فريق أولم 1846، الذي تعرض معهم لإصابة خطيرة في الركبة، جعلته يُعلن اعتزاله في عمر الـ24 عاماً، لتبدأ رحلة التفكير في المستقبل مع نهاية عام 1998.

استقر تفكير توخيل على إكمال دراسته الجامعية، لكنه يُريد جني الأموال أيضاً، لذلك عمل في إحدى الحانات الليلية، التي تعلم فيها المهارة الحياتية، ليطور ثقته التي اهتزت بعد إصابته الخطيرة، لينجح بعدها في نيل شهادته الأكاديمية من كلية الاقتصاد.

لكن حُلم توخيل بكرة القدم بقي مُعلقاً، وبذل الكثير من جهده حتى يعود مًجدداً، لذلك بادر إلى الاتصال برالف رانجنيك، رئيس نادي شتوتغارت حينها، الذي كان أيضاً مديراً لقسم الرياضة والتطوير في شركة (ريد بول)، حتى يُجري تجربة أداء، كي يعود لممارسة كرة القدم كما اعتقد.

وعانى توخيل في أثناء تجربة الأداء من الإصابة المُزمنة التي جعلته يعتزل، لكن رالف رانجنيك أدرك أنه أمام شخص يُحب كرة القدم، لذلك قدّم إليه نصيحة بالتوجه إلى عالم التدريب، وأرشده إلى كيفية الانضمام إلى إحدى الأكاديميات المحلية.

ونجح توخيل بتولي تدريب نادي شتوتغارت تحت 14 سنة في عام 2000، وأدرك حينها أنه وجد نفسه أخيراً في عالم كرة القدم، لذلك صمّم على إكمال مهمته مهما كلفه الأمر، ليتدرج بعدها في المناصب.

وأصبح توخيل مساعداً للمدرب هيرمان بادستوبر في شتوتغارت لفريق تحت 19 عاماً، وحقق معهم لقب الدوري الألماني في 2005، ليخطف الأنظار حينها، وتواصلت إدارة ناديه القديم أوغسبورغ في عام 2006 معه، حتى يُشرف على الجهاز الفني للفريق الثاني.

لكن طموح توخيل كان كبيراً، بعد أن وافق على عرض إدارة ماينز عام 2008، التي أوكلت إليه مهمة الإشراف على تدريب الفريق تحت 19 عاماً، وحقق معهم لقب الدوري الألماني، إلا أن فرصة توماس جاءت بعد أن أقيل يورن أندرسن من الفريق الأول، وحصل على وظيفة المدرب الرئيسي.

وفي موسم توخيل الأول في "البوندسليغا"، قاد ماينز إلى نيل المركز التاسع، لكن النجاح أتى في الموسم التالي، بعدما حقق سلسلة انتصارات مذهلة في 7 مباريات، وتغلب على بايرن ميونخ بهدفين مقابل هدف، ليحتل الفريق المركز الخامس، جعلته يضمن التأهل إلى الدوري الأوروبي للمرة الأولى في تاريخهم.

وأصبح توخيل حديث وسائل الإعلام في بلاده، التي اعتبرته خبيراً في التكتيك، فيما أشاد خبراء كرة القدم في ألمانيا بأسلوبه الهجومي، ليقول بعدها في حديثه لصحيفة "دي تسايت": "هناك بالتأكيد أسلوب نُسب إليّ، وقد جلبته معي إلى نادي ماينز، وهو يعتمد على سرعة تناقل الكرة، والعقلية الهجومية، مع الدفاع الجريء".

واعتبرت وسائل الإعلام الألمانية أن توخيل يُفكر خارج الصندوق، عندما يتعلق الأمر بتحفيز لاعبيه وطريقة إعدادهم لخوض المواجهات، حتى إن المدرب بدلاً من جعل لاعبيه ذات مرة يشاهدون تحليل الفيديو بعد هزيمة ساحقة، حفّزهم بخطاب قوي اقتبسه من أسطورة السلة مايكل جوردان.

ولم يكتفِ توخيل بالأسلوب التقليدي لمُعظم المدربين، بل وظّف رينيه ماريك، أحد مشجعي كرة القدم الشباب، الذي نشر أفكاره عن اللعبة الشعبية الأولى في العالم على مدونته الخاصة في الإنترنت، حول كيفية اكتشاف نقاط ضعف المنافسين.

ونال توخيل إجازة طويلة من نادي ماينز لمدة 12 شهراً، ليتلقى عرضاً لم يستطع رفضه من قبل إدارة بوروسيا دورتموند مع بداية عام 2015، ويوافق على تولي المهمة في شهر إبريل/ نيسان من العام نفسه.

وحرص توخيل على رعاية المواهب الشابة في دورتموند، وعلى رأسهم كريستيان بوليسيتش وعثمان ديمبلي، ما جعلهم يتوهجون في المواجهات تحت قيادته، وتمكن من نيل المركز الثاني في "البوندسليغا" عام 2016.

وتمكن توخيل من الفوز بأول لقب كمدرب في عام 2017، لكن علاقته توترت مع المدير التنفيذي هانز يواكيم واتسك، الذي قرر إقالة المدير الفني الشاب بشكل جعل جماهير دورتموند تشعر بالدهشة والاستغراب.

وبعد إقالة توماس توخيل من دورتموند، صدم المدرب الجميع، عندما شاهدت الجماهير الرياضية صوره في إحدى أشهر مجلات الأزياء في ألمانيا، وظهر مرتدياً أحدث صيحات الموضة في عام 2017.

ولاقت صور توخيل الإعجاب الكبير من قبل قطاع كبير من الجماهير، التي اعتبرت أن المدرب استطاع إيجاد عمل آخر، نتيجة الأناقة الكبيرة التي ظهر فيها، لذلك توقع الجميع أنه سينجح في عالم الأزياء.

كرة عالمية
التحديثات الحية

لكن الأحداث التي جرت بين دورتموند وتوخيل، لم تمنع إدارة باريس سان جيرمان الفرنسي من تقديم عرضها للمدرب الشاب، الذي قدم لقيادة الفريق في صيف عام 2018، وحقق معهم لقب الدوري الفرنسي في أول موسم له.

وحقق توماس توخيل العديد من الألقاب المحلية مع باريس سان جيرمان، وأسهم بوصول الفريق الفرنسي إلى المواجهة النهائية في دوري أبطال أوروبا، لكنه خسرها أمام بايرن ميونخ بهدفٍ نظيف.

ومع بداية الموسم الحالي، عانى توماس توخيل من تراجع مستوى أداء مُعظم نجوم باريس سان جيرمان، ودخل في مشاكل مع غرف خلع الملابس، نتيجة عدم التفاهم، لتقرر إدارة الفريق الفرنسي الاستغناء عن خدماته.

ولم يُعانِ توخيل كثيراً في إيجاد نادٍ جديد، بعدما قررت إدارة تشلسي الاستعانة بخدماته حتى يكون بديلاً للمُقال فرانك لامبارد، لذلك ستكون الجماهير الرياضية على موعدٍ مع قصة جديدة للألماني الذي استطاع تحقيق النجاح بشكل جعله يكتسب احترام الجميع، وهذا ما يفعله الآن مع "البلوز".

المساهمون