سانشيز أم هازارد؟ الإجابة عند فاليري ومورينيو

06 ديسمبر 2014
هازارد وأليكسيس كل نجم على طريقته
+ الخط -

 

"كرة القدم عبارة عن نظامين، كل واحد مكوّن من 11 لاعباً ليصبح المجموع الكلي 22. هذا النظام الفرعي يتحرك داخل منطقة معينة "الملعب" ويخضع لقوانين معينة "قواعد اللعبة" للوصول إلى هدف واحد "الفوز"، هكذا كانت فلسفة فاليري لوبانوفيسكي، عرّاب الكرة السوفييتية الرجل الذي وضع أوكرانيا على الخريطة العالمية بفضل كرة القدم، حيث النظام الفرعي تكون كفاءته أكبر من كفاءة مجموع العناصر التي يتألف منها، لذلك فإن أي فكرة ناجحة يجب أن تدخل في حيّز الوحدة والتآلف، وكرة القدم أيضاً يجب أن تكون بعيدة عن الفرديات، وتقترب من التحالفات وعوامل الاتصال بينهم. لذلك فإن اللعبة الناجحة الفعّالة هي الخاصة بالجماعية.

فاليري عرف بعناده وشخصيته القوية، وهو من أوائل الخبراء الذين استعانوا بلغة الإحصائيات والأرقام في تحديد تشكيلته وفريقه، باختصار، هو أول "سكاوت" حقيقي في كرة القدم، أي الأشخاص الذين يرتبط عملهم بفكرة القياسات الرياضية ومدى تأثيرها على أداء اللاعبين داخل الملعب، ويستعين بهم كل المدربين الكبار خلال السنوات الأخيرة من أجل وضع أفضل تشكيلة ممكنة قائمة على التوازن والتكامل لتحقيق الفوز.

ما وراء الأهداف
تدور كرة القدم في السنوات الأخيرة حول فكرة العمل الجماعي، لذلك يتشكل كل جهاز من مجموعة فنية كبيرة وليس مجرد مدرب ومساعد كما يحدث بالسابق، ودخلت لغة الأرقام في حيز التقييمات الخاصة بأي لاعب، ولم تعد المهارة فقط هي الفارق بالنسبة للعبة أدارت ظهرها للرفاهية منذ فترة ليست بالقليلة.

لذلك لم يعد فقط عامل تسجيل الأهداف هو العنصر الوحيد الخاص بتقييم المهاجم، بل دخلت عوامل أخرى كصناعة الأهداف والتحرك بدون كرة كما يفعل الفرنسي كريم بنزيمة في ريال مدريد، ويقوم بدور محوري في خلق المساحات اللازمة لتألق الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو. كذلك ندرت المتعة الكروية رفيعة المقام لنجوم بقيمة زيدان، كوستا، باجيو، مقابل زيادة الشق الدفاعي لصناع اللعب الجدد الذين يؤدون أدواراً أشمل من مجرد صناعة فرصة أو هدف.

وحينما تجد مشكلة في الخط الأمامي، لا تنظر إلى الهجوم بل يجب أن تعود إلى الدفاع وتضع يدك على أسباب عدم خروج الكرة بشكل منتظم من الخلف إلى الثلث الأخير، لأن المدافع العصري لا يكتفي بقطع الكرات أو حماية مرماه من الهجمات بل يجب أن يكون لاعباً لكرة القدم، يعرف كيف يمرر وأين يتحرك وكيف يصعد للأمام، حتى زادت المهام بالنسبة لجميع لاعبي الفريق وتداخلت الخطوط في قالب واحد.

اللاتيني الضاحك
عاش أليكسيس سانشيز طفولة صعبة لكنه تحمّل وأجاد حتى وصل إلى القمة سريعاً، ولم يرم المنشفة حينما تركه برشلونة، الفريق الذي عاش حياته الكروية على حلم اللعب له، وأكمل مسيرته دون توقف أو كلل ليصنع نجومية سريعة وفعالة مع مدفعجية لندن في ملعب الإمارات تحت قيادة المدرب الفرنسي أرسين فينجر، الذي جلب صفقات غير مهمة، لكن نجم الشيلي يشفع له خصوصاً مع تألقه اللافت خلال الفترة الماضية.

قيمة "كاشاي" ليست فقط في أهدافه أو مهارته الفائقة في المراوغة وصناعة الأهداف، بل يمتاز النجم اللاتيني بقدرة كبيرة على أداء الواجب الدفاعي، وخدمة الفريق أثناء الضغط بمجهوده الوافر وعودته المستمرة لمساندة الظهيرين ولاعبي الارتكاز أمام مرمى آرسنال، لذلك لا يعتبر أليكسيس مجرد لاعب مهاري بل ماكينة متكاملة الأركان تتألق في أي مركز بالملعب، سواء بعمق الهجوم أو منطقة الأطراف وخلال منتصف الملعب.

وبالرجوع إلى علم الإحصائيات والأرقام الذي ابتدعه الأوكراني فاليري وسار على خطاه كل مدربين الجيل الحالي، فإن سانشيز يتفوق بوضوح على كافة أقرانه من لاعبي البريميير، سواء على الصعيد الهجومي في إحراز 9 أهداف حتى الآن وصناعة هدفين، أو على الصعيد الدفاعي بقدرته على قطع الكرات في 15 لعبة خلال 13 مباراة بواقع 1.1 لكل مباراة، نسبة يتفوق بها على النجم إيدين هازارد الذي قطع فقط 9 كرات خلال 14 مباراة بالدوري الإنجليزي، مع 18 عرقلة لسانشيز بواقع 1.3 لكل مباراة، مقابل 9 أيضاً لإيدين.

الشمولية الكروية
لاعب كرة القدم بالنسبة لفاليري هو الرياضي أو العدّاء الذي يحتاج إلى السرعة والقدرة على التحمل، وعلى ذلك الأساس فإن النجاح من الممكن أن ينتقل من تجربة رياضية ما إلى ساحات كرة القدم. لذلك يجب أن يتمتع لاعب كرة القدم بروح اللعبة الجماعية، ويحاول توظيف إمكاناته وقدراته لصالح المجموعة، والمحصلة النهائية ستكون أفضل بكل تأكيد لأن الثناء سيعود على الجانبين، الفريق واللاعب في تلخيص واضح لجوهر المستديرة، اللعب بعدل وشرف.

سانشيز يمثل هذا الموسم جزءاً مشرقاً من كرة القدم، لأنه يقدم كافة مواهبه وقدراته على طبق من ذهب لزملائه ولاعبي فريقه، بعيداً عن أي شبهة أنانية. وبالتالي يبدو أن حديث البرتغالي جوزيه مورينيو حول فكرة اللاعب الأفضل لفريقه صحيحة وحقيقية، عندما أكد بأن لاعبه يجب أن يهاجم ويدافع في آن واحد، ولا يترك الأمور الصعبة لزملائه في سبيل ظهوره الأنيق أمام الكاميرات أثناء تسجيل الأهداف، ورغم تألق هازارد العام الماضي رفقة تشيلسي إلا أن أداءه العام لم يرقى لطموحات مدربه بسبب نتاجه الدفاعي السيئ.

لذلك يعتبر النجم التشيلي هو النموذج المثالي الذي تحدث عنه لوبانوفيسكي ومورينيو وكافة المدربين الكبار مراراً وتكراراً. يؤدي ما عليه هجومياً بصناعة الأهداف وتسجيلها، وإيصال زملائه للمرمى بتمريراته المذهلة داخل وخارج مناطق الجزاء، مع إمكانية للمراوغات وخداع المدافعين، كذلك يعود لمساندة دفاعه ويقوم بقطع الكرات وتشتيتها بعيداً عن مرماه.

مع التركيز على "الجيجن برسينج" أي القدرة على الضغط العالي وعمل العرقلة المشروعة التي تساعد فريقه على تنفيذ مرتدة قاتلة في نصف ملعب المنافس، كما تفعل فرق بروسيا دورتموند وأتليتكو مدريد في اختصار واضح للفروقات الشاسعة بين هذه الأندية ومنافسيها من أصحاب الملايين والنجوم الكبار. ومع الاقتراب من نهاية النصف الأول للموسم الكروي، فإن سانشيز يسير بخطى ثابتة نحو الكمال الكروي مع فريق طالما خذل جماهيره في الأمتار الأخيرة من عمر المسابقة.

المساهمون