ريال مدريد × شالكه ..الدفاع اختيار وهل كروس "ريجستا"؟

11 مارس 2015
+ الخط -
رغم كل ما يمر به ريال مدريد من تدنٍّ في المستوى وأزمات داخل فريقه في الوقت الحالي، إلا أنه لم يدر بخلد أحد أن لقاء ضيفه شالكه كاد أن ينتهي بكارثة محققة.

فبالنظر لأداء النادي الألماني في لقاء الذهاب -فترة لم يكن الريال يمر فيها أيضاً بأفضل حالاته- كان الحديث عن كون المواجهة محسومة لريال مدريد هو الطاغي، لكن يبدو أن الأزرق الملكي كان ملكياً أكثر من المدريدي في ليلة البيرنابيو أمس.


دي ماتيو .. الدفاع اختيار وليس عجزاً
في لقاء البيرنابيو، قدم الإيطالي روبيرتو دي ماتيو أوراق اعتماده من جديد كمدرب قادر على تقديم شيء أكبر من المباريات الدفاعية في المواجهات الكبيرة.

كثيرون تحدثوا عن أن كل ما يملكه دي ماتيو من فكر كروي، هو كيفية توزيع 10 لاعبين أمام وداخل وحول منطقة الجزاء للدفاع عن مرماه، لكن الرجل قدم رداً عملياً على هذا الأمر، فقد تميز شالكه بشكل لا يوصف في عملية السيطرة على الهجمة الخاصة به، وعدم فقدان الكرة على طريقة الفرق الإسبانية؛ وهو ما يجعلني أتصور أن دي ماتيو حاول دراسة ما تقدمه فرق الليجا في مواجهة ريال مدريد، وتجعل مواجهتها عصية على الأخير أكثر من مباريات دوري الأبطال هذا الموسم.

اللعب بتكتيك متوزع ما بين الـ4/4/2 دفاعاً والـ3/5/2 هجوماً، وإن مال أكثر للأخيرة في أغلب فترات المباراة، خصوصاً مع ثبوت نجاحها في اختراق دفاعات الريال التي كانت حائرة ما بين محاولة سد التمريرات المؤلمة لوسط شالكه -بسبب الرغبة المستمرة في التمرير للأمام- وفتح الملعب بشكل مستمر عن طريق بارنيتا وفوكس الذي قدم مباراة عظيمة.

أهم ملاحظة يمكن توضيحها اليوم هي الدور البارع الذي يقوم به قلوب الدفاع في صناعة اللعب، فما بين فشل فريق كمانشستر يونايتد في إيجاد قائد حقيقي يخرج بالكرة بشكل مميز من دفاعه -لتلعثم فيل جونز وكريس سمولينج ولهوجة ماركوس روخو- وما بين القيادة الأنيقة من جانب بينيديكت هوفيديس لهذا الأمر في شالكه في لقاء الأمس؛ والذي تميز بتمريراته الأمامية المستمرة التي تضرب خط وسط ريال مدريد، وتُخرج إيسكو وربما توني كروس أحياناً من اللعبة، ورغم حجم المخاطرة الواضح في تمريراته (لاحظ كم التمريرات الأمامية الأكثر مخاطرة من التمريرات العرضية) إلا أن هوفيديس خرج من المباراة بنسبة تمرير تصل إلى 92%.






إيسكو بـ 83% أم كروس بـ96%؟
هذا يجرنا لنقطة هامة جداً .. خرج الدولي الألماني توني كروس من المباراة وفي حوذته نسبة تمرير أنيقة معتادة تصل إلى 96% بينما كان لإيسكو نسبة تمرير 83% صحيحة من جملة التمريرات التي مررها. السؤال هو من مفيد أكثر؟

هل يمكن وصف أداء كروس بالعظيم هجومياً لمجرد تقديمه تلك النسبة المذهلة في كل مباراة؟ في الواقع فإن كروس لاعب رائع جداً، لكن كارلو أنشيلوتي وضعه في مركز لاعب الارتكاز لسبب مهم تحدث الجميع عنه؛ وهو قيامه بدور "الريجستا" فهل هو يقوم بهذا الدور حقاً؟

في مباراة الأمس يمكنكم مشاهدة كم التمريرات العرضية التي قام بها كروس، فهل هذا هو الدور المرسوم له فعلاً؟ لماذا لم نعد نشاهد تمريرات طويلة كثيرة لكروس، ولماذا باتت المخاطرة نادرة في تمريراته؟ على الرغم من أن هذا دور "الريجستا" الحقيقي .. تقديم التمريرة المفاجئة للخصوم وخلف الدفاعات أو في المساحات الخالية على الأجنحة.




قد يكون كروس معذوراً في عدم وجود تحركات جيدة من جانب لاعبي ريال مدريد أو انخفاض مردود الفريق بشكل عام، في الوقت الذي كان الجميع فيه يطالب أنشيلوتي بإعادة كروس لمركزه الأصلي كلاعب وسط محوري بجانب إيسكو، والمخاطرة بوضع لاعب آخر في مركز الارتكاز والتضحية بدور الريجستا، لكن الحقيقة أن كروس حتى لم يعد يقدم دور الريجستا فلماذا يستمر؟

ربما بات هذا السؤال متأخراً فلوكا مودريتش عاد، ولم يعد هناك مجال سوى للاستمرار بهذا الشكل، لكن الأكيد أن نسبة التمرير الخاصة بإيسكو كانت أكثر إفادة لريال مدريد قياساً إلى حجم التمريرات الأمامية التي قام بها، وعلى كروس أن يغير عقليته أكثر لتصير عقلية ريجستا حقيقي.


كرة القدم ليست مجرد إحصائيات
الإحصائيات وحدها لا يمكن أن تعبّر عن حال كرة القدم .. هذا ما يمكن أن يكون قد فُهم من الفقرة الماضية وكذلك يمكن الحديث عنه في هذه الفقرة.

فالبعض قرأ في الإحصائيات التليفزيونية أن كاسياس قام بـ 6 إنقاذات فهب للدفاع عنه. الواقع أن الإنقاذات التي يتم احتسابها في الإحصائيات هي أي كرة تم تسديدها على المرمى سواء كانت هذه التسديدة ضعيفة، قوية .. في زاوية، في وسط المرمى .. بعيدة عن الحارس أو قريبة منه.

كل إنقاذات كاسياس الـ6 في هذا اللقاء عادية جداً، في ما عدا تسديدة هوفيديس الأخيرة وحتى هذه الكرة تميزه فيها في أنه أمسك بها وليس في التصدي لها نفسه.

هذا اضطرني للحديث عن أن ‫‏كاسياس نفسه مُساهم بشكل رئيسي في الهدف الثالث، فلا يمكن في كل مرة التحجج بمجال الرؤية، بل عليه أن يفسح لنفسه بنفسه مجالاً لهذا الأمر، خصوصاً مع لعبة إيقاعها عادي كما كانت اللقطة، وكذلك كان كاسياس ضالعاً بنسب متفاوتة في الهدفين الأول والثاني، فالهدف الثاني مثلاً لا يليق فيه إبعاده للكرة بحارس اعتبره البعض أفضل من بوفون يوماً ما!

لكي تشعر بأن حارساً ما أنقذ فريقك من كرات خطيرة لا تقس عدد الإنقاذات من الإحصائيات، بل اسأل نفسك في كل كرة من تلك الإنقاذات .. لو كانت دخلت مرماه هل كنت ستلومه أم لا؟ فإن لم تكن ستلومه فيمكنك وقتها أن تعتبر أن الحارس أنقذك فعلاً .. قس ذلك على تسديدة ساني التي صرخ فيها معلق المباراة أو تسديدة تشوبو موتينج في مكان كاسياس أو غيرها، وستعرف أن تلك التسديدات كلها تعتبر عادية، ولا يمكن اعتبارها وأن الحارس أنقذ فريقه من الخروج بل هي فقط إنقاذات تُحتسب في الإحصائيات.

كرة القدم ليست مجرد إحصائيات...

المساهمون