رونالدو. . عندما اعتلى درجات المجد

13 يناير 2015
+ الخط -

هو ذاك الطفل الذي نشأ في فوتشال في جزر ماديرا البرتغالية مولعا بكرة القدم ومعدما في نواحي الحياة الأخرى، من أصبح مراهقا يشق طريقه نحو أضواء الشهرة في زحمة أضواء المدينة وبعيدا عن جزيرته وأهله، من كان فقيرا يخشى من عدسات المصورين ولقاء الصحفيين. . هو نفسه الذي لم يكن يعلم أنه سيكون في يوم ما الموهبة التي أحبتها مانشستر فأصبح فتاها المدلل، ولم يكن يعلم أنه سيكون الاستثنائي الذي سيُدون اسمه في أولى صفحات الذهب لعظيم أوروبا وفريقها الملكي مدريد، ولم يكن يعلم أن قصته أصبحت فيما بعد أروع القصص في تطوير الذات والإصرار على النجاح والتي ألّف قصتها بأقدامه.

كريستيانو رونالدو كأنه أصبح اسما مرادفا لكلمة النجاح وخطواته. . كان في عقله مجموعة أفكار صغيرة طورها وتعب لأجلها فنمت بالجد والاجتهاد فأصبحت عملا كبيرا يحصده اليوم. . فجميل أن تخلق تحدّياً بينك وبين ذاتك بالعمل والصبر والتضحيات والمثابرة وتُثبت كل ذلك لنفسك أولا ثم لمن حولك فعندها ستكتشف أنك أفضل كثيرا مما توقعت فكان لهذا الاستثنائي ما أراد فابتسمت له عدالة المنطق فجد ووجد، حتى بات أفضل لاعبي العالم لسنتين متتاليتين وهو على مشارف الثلاثين.

هو من الأشخاص الذين وجب على كل من يعرف كرة قدم أن يحترم مشواره وأن يرفع له القبعة تقديرا لإصراره ومثابرته. . ليس فقط لأنه يسجل عددا هائلا من الأهداف أو حتى يصنعها وليس حتى لتسديداته أو سرعته أو رأسياته وليس حتى لنجاحاته المختلفة وتجاربه الفريدة بل لأن كل تلك الصفات اجتمعت في شخص لا يحمل الموهبة الكروية الفطرية معه منذ الولادة بل هو من صنعها لنفسه بمجهوده وإرادته وذكائه وتضحياته، يستوعب كل جديد ينتهجه مدربوه في خططهم ويتكيف معها ولا يتأثر مهما عملوا وفي نفس الوقت لديه المقدرة على اكتساب مهارات متجددة بشكل مستمر. . هو باختصار الشخص المتكامل في كل شيء يخص لاعب كرة القدم.

سؤال دائما ما يراودني. . ماذا لو كان هذا الدون أرجنتينيا أو برازيليا؟ الجماهير بمختلف أطيافها وجنسياتها تولع عادة بكل ما هو لاتيني أو حتى قادم من الدول العظمى التاريخية في كرة القدم فنجدها تميل نوعا ما إلى تلك الجنسيات التقليدية سواء كانوا مشجعين عاديين أو حتى مسؤولين اعتباريين يشغلون كراسي مهمة في الرياضة. . هنا لا بد أن أحمد ربي أن رونالدو البرتغالي الجنسية اكتمل ونضج وتوهج وهو في حضرة الريال وبقوة إعلامه وجمهوره فكان له ما أراد وما استحق أن يحصل عليه.

لا بد من أن يعترف الجميع بأن الدون رونالدو هو ذاك المحترف النموذجي في كل شيء، مضرب المثل في كل كلمة نجاح في قاموس كرة القدم. . صحيح أنه استفاد كغيره الآن من عصرهم فهو عصر العولمة السريعة والاحصائيات المتجددة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تقرب العالم أكثر وأكثر والإعلام المؤثر، لكن ما هو أكيد أن الإعلام أيضا مهما كان قويا ومؤثرا فإنه لن يصنع هالة لأحد لا يستحقها لأنه في النهاية سيستفيد من صاحبها، وبالطبع كريستيانو رونالدو هو أجدر من يستحقها في يومنا هذا.

ليست كل الأيام جيدة في كرة القدم ولا بد أن يعي خصومه ذلك لكن الأجدر بهم أن يستمتعوا به فمثله لا يتكرر في كل حين. . وعلى محبيه أن يتفاخروا به حاليا وأن يعوا مستقبلا أن القمة من الممكن أن تتسع لاثنين أو لشخص غير ما أحبوا لأن في النهاية ليست كل الأيام جيدة في كرة القدم. . فقط لنستمتع.

المساهمون