الكرة الأرجنتينية.. الوكيل الحصري لبطولات أميركا اللاتينية

12 ديسمبر 2014
الكرة الأرجنتينية في تطور لخدمة المنتخب الأول (العربي الجديد)
+ الخط -

 في الأرجنتين، يتنفسون الحرية التي مات بسببها تشي جيفارا، ويتذوقون كرة القدم التي قدّمها أرماندو مارادونا ورفاقه، المجد كل المجد لدييجو، نجم الأرض ولاعب الشعوب الباحثة عن متعة أبدية تضعهم في لحظة صوفية لا تتكرر بعيداً عن لوعة الحياة ومآسيها، التي لا تنتهي. أسأل يا صاحب الرقم 10 عن الفن الذي أبدعته وجعلت أجيالاً تحكي لأجيال عن عظمتك وروعتك وقيمتك الرفيعة.

صحيح أن منتخب الأرجنتين فاز ببطولتين لكأس العالم فقط، ولا يتواجد ضمن المنتخبات الثلاثة الكبيرة التي وصلت إلى الرقم ثلاثة أو أكثر في سجلات التتويج بالمونديال، إلا أنه حصل على شعبية طاغية وجماهيرية مضاعفة نتيجة الخيال الذي ارتبط بنجوم هذه البلد على مر التاريخ، وهو خيال كسر جبروتاً ووضع نفسه باقتدار وسط الخريطة العالمية دون أدنى شك.

وحينما يسألونك عن أميركا اللاتينية ستقول لهم من دون شك، جابرييل جارسيا ماركيز وسنواته المائة في مواجهة العزلة، وأرنستو جيفارا، ودييجو أرماندو مارادونا، وأخيراً ليونيل ميسي في هذه السنوات، وتأتي أصول الثلاثي الأخير من الأرجنتين، البلد التي عادت بقوة للسيطرة على أجواء الكرة في أميركا اللاتينية في السنة الحالية، لتتفوق على الجميع وخصوصاً البرازيل.

# فريق القديس
 فعلها سان لورينزو أخيراً، وقضى على اللعنة الشهيرة وأغلق الباب تماماً أمام أشهر نكتة كروية أرجنتينية في تغيير اسم الفريق من San Lorenzo إلى Sin Libertadore في إشارة واضحة إلى لعنة عدم فوزه بالبطولة الشهيرة، "الكوبا ليبرتادوريس".

وأسس الفريقَ رجلُ دين، بعد أن شاهد طفلاً فقيراً معدوماً يلعب الكرة في الشارع دون مأوى ودهسه القطار المار بسرعة، فقرر الرجل أن يؤسس نادياً بسيطاً يلعب فيه الفقراء والبسطاء كرة القدم، لأنها اللعبة الشعبية الأولى والعشق الذي يأسر الجميع، من الكبير إلى الصغير.

وعلى طريقة كرة المال، فإن لورينزو خاض مباراة صراع الهبوط قبل عامين، وكان قاب قوسين أو أدنى من النزول إلى الدرجة الثانية، مع وجود كم رهيب من الديون، لكن الفريق تماسك وتحامل على نفسه، ليعود من جديد إلى الواجهة مع ترشيد كبير، وبطولة تعتبر الأغلى في القارة المنسية على صعيد الأندية.

والجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من الإنجاز يعود إلى أنتونيو بيتزي، النجم الذي لعب لبرشلونة وعدة أندية أرجنتينية، وقاد الفريق كمدرب إلى لقب الدوري، قبل أن يرحل إلى إسبانيا ليتولى تدريب فالنسيا خلال الموسم الماضي، ويقود المدرب إدجاردو باوزا كتيبة المجد، التي خطفت "الليبرتادوريس" مع مستوى سيىء للغاية مؤخراً في البطولة الأرجنتينية.

ويلعب سان لورينزو بطريقة خططية قريبة من (4 – 4 – 2)، مع التحول إلى رباعي الخطوط بعودة لاعب من الأمام إلى الوسط قليلاً، والتحول إلى (4 – 4 – 1 – 1)، في الدفاع وأثناء الضغط، ورغم الحالة الضعيفة للفريق في الآونة الأخيرة إلا أن المستوى تحسن مؤخراً قبل دخولهم أجواء مونديال الأندية، البطولة التي يحلم فريق القديس في الوصول إلى منصاتها عبر بوابة ريال مدريد.

# مجرة النجوم
يُحكى أن أليكسيس سانشيز انطلق بالكرة في ملعب "المونيمونتال"، معقل "الريفر بليت" أحد أعظم أندية الأرجنتين، وراوغ النجم التشيلي كل من قابله ليلعبها حريرية إلى المهاجم المتقدم فالكاو، فيحصل النمر الكولومبي على الكرة ويضعها في الشباك معلناً هدفاً رائعاً، قفز بسببه المدرب، دييجو سيميوني، تعبيراً عن الفرحة خارج الخط، لذلك عُرف فريق الريفر دائماً بأنه نادي النجوم ومصنع الأبطال بين كل أندية أميركا الجنوبية.

لذلك اشتهر فريق العاصمة ونادي الطبقة الغنية بحظه السيىء على مر تاريخه، ويلعب بشكل رائع ويسجل أهدافاً بالجملة لكنه يحصل على البطولات بشق الأنفس، وكان آخرها بطولة أميركا الجنوبية "كوبا سودا أميركانا"، بعد فوزه على ناسيونال الكولومبي بهدفين دون رد بعد انتهاء جولة الذهاب بدون أهداف، ليفوز ريفر أخيراً بهذه البطولة التي لم يصل إلى لقبها أبداً، بعد خسارته في النهائي عام 2003 أمام سيينسيانو بطل البيرو.

ومن الصدف الرائعة أن المدير الفني الحالي للـ"ريفر" هو مارسيلو جالاردو، أحد أشهر نجوم الفريق خلال فترة التسعينيات، واللاعب الذي خاض مع منتخب الأرجنتين 43 مباراة دولية كدينامو في الوسط الهجومي وصانع لعب كلاسيكي، ويلعب فريق "المليارات" بخطة (4-3-3) الأرجنتينية التي خرجت من ملاعب بلاد الفضة خلال حقبة السبعينيات، والتي تميزت بالضغط العالي والقوة الدفاعية الفتّاكة، وحماية مرمى الفريق من هجمات الخصوم ثم ضربهم بكرات سريعة عمودية من الخلف إلى الأمام.

في المقابل اختار جالاردو لاعب ارتكاز قوي مثل بونزيو أمام رباعي الدفاع، ويسانده كل من سانشيز وروخاس، بالإضافة إلى اللعب بثلاثي هجومي، اثنين في الأمام وصانع لعب صريح هو النجم الفنان بيسكو، اللاعب الماهر القادر على صناعة الأهداف وتسجيلها، لذلك دخل مرمى "الريفر" هدف واحد خلال آخر أربع مباريات بالبطولة، وسجل هدفاً قاتلاً في مرمى الغريم بوكا جونيورز، ثم ثلاثة أهداف في شباك بطل البيرو ذهاباً وإياباً، ليستحق لقب ثمين وقاري خطفه بعد سنوات.

# الكوبا أمريكا
ينتظر عشاق كرة القدم بطولة الكوبا أميركا في الصيف المقبل، كأحد الدورات الكروية التي يتابعها العشاق والأنصار في كل أنحاء المعمورة، ويخوض راقصو التانجو البطولة باعتبارهم ثاني أكثر المنتخبات خصوصاً على الكأس بعد الأوروجواي، ويريد النجم الكبير، ليونيل ميسي، العودة إلى التألق الدولي بعد خسارة النهائي المونديالي، من خلال التتويج بالنهائيات التي تستضيفها التشيلي.

ويراهن المدرب الجديد، تاتا مارتينو، على كوكبة من النجوم التي تلعب في الدوريات الأوروبية، مع توظيف دي ماريا كلاعب وسط ثالث وإعطاء الحرية الكاملة لميسي خلف المهاجم المتحرك كون أجويرو، لكن تبقى مشكلة الدفاع دون حل، وظهرت هذه المساوئ خلال اللقاء الودي الأخير أمام البرتغال على ملعب "أولد ترافورد".

لذلك، يجب على مارتينو الاستفادة من تجربة الأندية الأرجنتينية محلياً وقارياً، وتجربة بعض الأسماء المميزة خصوصاً أن الثنائي المتوج بألقاب أميركا اللاتينية، وصل إلى قمة المجد الكروي عن طريق الأسلوب الدفاعي المتقن، ليكون شعار الكرة الأرجنتينية الجديد، الهجوم مهم ومطلوب لكن الدفاع في النهاية يجلب الألقاب.

المساهمون