السعودية تشكّل خطراً على الكرة الأوروبية

29 يوليو 2023
بنزيمة نجم عالمي انضم إلى الدوري السعودي مؤخراً (الأناضول)
+ الخط -

لا تزال تصريحات، جيمي كاراغير، اللاعب الدولي الإنكليزي السابق لنادي ليفربول نهاية القرن الماضي وبداية الألفية بشأن هجرة نجوم الكرة العالمية نحو السعودية، تثير الاستفزاز في الأوساط الكروية الجماهيرية والإعلامية والفنية، خصوصاً عندما اعتبر الاستقطاب المتزايد هذه الأيام بمثابة تهديد حقيقي لكرة القدم الأوروبية.

ومن وجهة نظره تُفقد هذه العملية الدوريات الأوروبية بريقها وشعبيتها وسمعتها على حد تعبيره، مطالباً "فيفا" والسلطات الرياضية الأوروبية بوقف ما وصفه بالنزيف، وحرمان البلدان التي لا تحترم حقوق الإنسان من تنظيم البطولات الكبرى، في إشارة إلى ضرورة قطع الطريق على السعودية إذا ذهبت أبعد من ذلك، وتقدمت بطلب احتضان مونديال 2030.

جيمي كاراغير عبّر أيضاً عن انزعاجه من إمكانية إغراء لاعبين شباب بالانتقال إلى الدوري السعودي مقابل الإغراءات المالية التي يتلقونها، وتخوفه من انتقال العدوى إلى المدربين الكبار، ما يؤدي حتماً إلى تحول الأنظار ورؤوس الأموال والاستثمارات إلى السعودية، وبالتالي تراجعها في أوروبا، وتراجع قيمة المسابقات الأوروبية، ودخول الأندية في دوامة مشاكل مادية وفنية تؤدي إلى المطالبة بإعادة إحياء فكرة مسابقة "السوبرليغ" لزيادة إيراداتها، وتعويض خسائرها المالية الكبيرة، بسبب هجرة لاعبين مهاريين صنعوا أمجاد الأندية والمسابقات الأوروبية، يصعب تعويضهم، ويمهد الطريق نحو هجرة جماعية يصعب على أوروبا الكروية تحملها، خصوصاً أنها تزيد من تكلفة اللاعبين، بسبب ارتفاع أسعارهم وزيادة رواتبهم.

ولم تتأخر الردود على تصريحات كاراغير في الأوساط الجماهيرية والإعلامية السعودية والعربية وحتى العالمية، خصوصاً عندما تحدث عن ضرورة تدخل "فيفا" والسلطات الكروية الأوروبية لإيقاف الاستقطاب، ومواجهة استراتيجية التحول التي تخوضها رابطة الدوري السعودي للمحترفين، بسبب ما أسماه انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

وذكروه في هذا الإطار بأن إنكلترا استعمرت واستعبدت نصف سكان الكرة الأرضية، ونهبت خيرات النصف الآخر، وساهمت في تدمير دول وتقتيل شعوب، لكن مشاعر جيمي كاراغير ومن يؤيدونه في تحليله لم تتحرك للتنديد بالانتهاكات والجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في العراق وسوريا، وتُنتهك في فلسطين واليمن والسودان وبلدان القارة السمراء.   

كما نسي كاراغير أيضاً أن الأندية الإنكليزية أنفقت بدون حساب على مدى عشرات السنين، فخطفت كل اللاعبين والمدربين الكبار من أوروبا وأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، ونسي أن تشيلسي وحده أنفق أكثر من 600 مليون جنيه إسترليني الموسم الماضي، وأموال الخليج عندما تُستثمر في سيتي ونيوكاسل يكون الأمر عادياً وطبيعياً.

لكن عندما يقرر هؤلاء الهجرة من الغرب إلى الشرق يصبح الأمر في نظره خطيراً، ويشكل تهديداً للكرة الأوروبية يجب مواجهته بكل الوسائل والطرق، رغم يقينه بأن حركة اللاعبين أمست تخضع لمنطق من يدفع أكثر، وتدخل في إطار الحرية الشخصية للاعبين والمدربين ما دامت تخضع للوائح "فيفا" وقوانين العرض والطلب، لأننا لم نسمع عن لاعب انتقل إلى السعودية رغماً عنه.

 على قدر الألم كان صراخ جيمي كاراغير وأمثاله الذين خاضوا حملات تشويه ضد قطر لسنوات منذ فوزها بتنظيم كأس العالم 2022، وعليه من المتوقع أن يزداد حجم الصراخ مع ارتفاع نسق الاستقطاب وتحول الدوري السعودي إلى قبلة ثانية لعشاق الكرة العالمية، خصوصاً أن كل المعطيات تعد بسيناريو يختلف تماماً عن تجارب سابقة مثل تجارب أميركا وروسيا والصين.

المساهمون