انتصار خادع وغير مستحق، هكذا عنونت صحفة الإحصاءات الرقمية الخاصة بكرة القدم، بعد مباراة بايرن ميونخ وإنغولشتات في البوندسليغا، بعد أداء ضعيف بعض الشيء من المارد البارفاري، لكن مع أهداف غاية في الجمال، ليرد أنشيلوتي سريعاً في المؤتمر الصحافي: "إن البايرن لن يلعب كل مبارياته بطريقة جمالية، ويغلب الطابع الإيطالي على الحديث بتأكيده أن الثلاث نقاط في مثل هذه المباريات هي الأهم.
عودة الكبار
لعب البايرن بطريقة 4-3-3 دون تغيير، مع استمرار سياسة المداورة وإشراك أكبر قدر ممكن من النجوم، بتواجد رباعي دفاعي صريح، أمامه ألونسو خلف سانشيز وفيدال، بينما يتشكل الهجوم من الثلاثي المتنوع، كومان، ريبيري، والهداف ليفاندوفيسكي، وعلى الرغم من استقبال هدف مبكر إلا أن أصحاب الأرض عادوا بقوة وردوا بالثلاثة.
لا يزال الوقت مبكراً للحديث عن طفرة خططية جديدة بقيادة الإيطالي الخبير، إلا أن بوادر التحسن واضحة بقوة على بعض الأسماء التي تعرضت للتهميش إبان حقبة البيب غوارديولا، وبالأخص النجم الفرنسي الكبير، فرانك ريبيري، اللاعب الذي حجز الخانة الأساسية سريعاً، وقدم أداء استثنائياً هذا الموسم، بعد فترات طويلة من الغياب بالسنوات الماضية.
لا يتعلق النجاح بالمشاركة أساسياً في معظم المباريات، ولكن تكمن تفاصيله في النجاعة التهديفية الواضحة، لدرجة أن الرقم 7 صنع 3 أهداف أمام إنغولشتات، وسجل، هذا الموسم ككل في الدوري، هدفاً وصنع 4، مع تألق واضح في مختلف البطولات الأخرى، ليقدم نفسه كأحد أهم أسلحة كارلو في مهمته الجديدة.
خلاف قديم
هاجم ريبري مدربه السابق، غوارديولا، بمجرد رحيله، وتحدث عنه كثيراً لدرجة تدخل الرئيس رومينيجه ومطالبته للّاعب بالصمت. وبعيداً عن الأحاديث الإعلامية الرنانة، يبدو بكل وضوح تصدع العلاقة بين الثنائي الكبير، خصوصاً بعد قلة مشاركات الفرنسي خلال الأعوام الماضية، صحيح كانت هناك إصابات حاضرة، لكن حتى في حالة جاهزيته لم يحصل على الفرصة الكاملة.
غوارديولا نفسه في حديث قديم مع مارتي بيرارانو، الصحافي والخبير التكتيكي المقرب منه بشدة، قال الكاتلوني بوضوح، "أجد صعوبات بالغة في إيصال المعلومة إلى بعض اللاعبين، حتى بكثرة الحديث في التدريبات وأثناء المباريات، وأعطى مثالاً بريبيري، مؤكداً أنه لاعب كبير، لكنه لا يستمع لغيره، ويصمم على اللعب وفق أسلوبه الخاص".
بيب الذي أخرج هنري بعد أن خالف تعليماته في التحرك على الرغم من تسجيله هدفاً، من نوعية المدربين المتعصبين لأفكارهم، مثله مثل فابيو كابيلو، الذي كان يتحدث بصرامة شديدة في غرفة الملابس، ولا يجد حرجاً في الهجوم الشديد على النجوم في حالة اللعب على طريقتهم الخاصة، لذلك لم تنجح ثنائية "بيب-ريبيري"، بينما من الواضح تحول ذلك الفشل إلى نجاح مبهر، خصوصاً أن أنشيلوتي يختلف عن غيره في كونه ينظر فقط إلى الفوز، ويعرف كيف يتعامل مع الجميع، بسابق خلفيه البراغماتية المرنة.
الجناح الكلي
يمتاز ريبيري على مر تاريخه بأنه لاعب الطرفين بامتياز، يعشق الأطراف ويميل لها دائماً، مع امتلاكه جرأة غير محدودة تؤهله للحصول على الكرة تحت الضغط، والاحتفاظ بها مستخدماً قوته البدنية وحضوره الذهني، لينقل اللعب من الطرف إلى العمق في أجزاء من الثانية، ويساهم بشدة في إضافة التوازن لأي فريق يلعب بقيصمه، بسبب قدرته على تسجيل الأهداف وصناعتها في آن واحد.
تتنوع الأجنحة في مراكزها الخططية، هناك جناح كلاسيكي على الخط، وآخر مركزي يميل دائماً إلى العمق كصانع لعب، ريبيري بمثابة الخليط المختلف عن كل هؤلاء، لأنه أقرب إلى الجناح الكامل الذي يتحرك أكثر في أنصاف المسافة، بالتحديد على حافة منطقة الجزاء، بين ظهير الخصم ولاعب ارتكازه، أو أمام قلبي الدفاع في المنطقة الفارغة نتيجة تقدم الأطراف للهجوم.
يستطيع الفرنسي التحول بأريحية من الطرف إلى العمق، يسدد بقوة ويصنع تمريرة بينية للمهاجم المتقدم، بالإضافة إلى تمريراته العرضية القصيرة داخل صندوق العمليات، لذلك ينجح هذا اللاعب بشدة رفقة مهاجم قوي أمام المرمى، لأنه ينظر فقط إلى الفعالية لا الاستعراض، ويبحث عن التسجيل أولا وأخيراً.
عالم كارلو
يُعرف عن كارلو أنشيلوتي ميله إلى الثقة التامة في نجومه، هو رجل لا يفضل نوعاً واحداً من اللعب، من الممكن أن يهاجم ومن السهل جداً عليه العودة للدفاع، ويستخدم في ذلك كل الوسائل المتاحة أمامه، لذلك لا تقدر أبداً على القول، إن هذا اللاعب لن ينجح مع هذا المدرب، لأنه منفتح بشدة أمام كل الأفكار الأخرى، ويعتمد على مبدأ الحرية في التعامل مع نجومه، وهذا ما جعل ريبيري يتألق بسرعة تحت قيادته.
يميل أسلوب الفرنسي إلى "العنترية" في اللعب، بمعنى أنه مندفع بشدة، جريء أمام المرمى لا يهاب أبداً المدافعين، وبالتالي يترك له المدير الفني جانباً لإظهار شخصيته القوية، دون الإخلال في النهاية بالأداء الجماعي للبايرن، وبالتطبيق الفعلي داخل الملعب، سنجد أن الجناح الأيسر هو أكثر اللاعبين فعالية في مختلف المنافسات هذا الموسم.
يلعب ريبيري على الخط تقريباً، يستخدم قوته في هزيمة الأظهرة، ولعب الكرات القطرية أو العرضيات، لذلك يصنع أهدافاً عديدة لزملائه، بالإضافة إلى إجادته في دور الصانع الوهمي، عندما يترك ليفا مكانه أمام المرمى، في سبيل دخول الرقم 7 بطريقة خاطفة، وكأن هناك تبادلاً للمراكز بين الجناح والمهاجم الصريح، لتكون هذه اللعبة هي النموذج المثالي لزعيم بافاريا حتى هذه اللحظة.