8 سنوات على جرائم "الإبادة الإيزيدية" في العراق: آلاف الضحايا ما زالوا مغيَّبين

03 اغسطس 2022
أصداء الإبادة الجماعية ما زالت تعيش في أذهان جميع الإيزيديين (ألبا كامبيرو/Getty)
+ الخط -

يُحيي العراقيون، اليوم الأربعاء، الذكرى الثامنة لجرائم الإبادة التي تعرّض لها الآلاف من أبناء الطائفة الإيزيدية على يد تنظيم "داعش"، خلال اجتياحه مدينة سنجار وضواحيها في الثالث من آب/أغسطس 2014، إبان سيطرته على أجزاء واسعة من مدن شماليّ البلاد وغربيّها، قادماً من الأراضي السورية المجاورة.

ونفّذ التنظيم سلسلة من جرائم عمليات الإعدام الميدانية وخطف النساء ضمن ما أطلق عليه "السبي"، في واحدة من أسوأ الجرائم في العراق، وما زال آلاف الضحايا من النساء حتى الآن مفقودات ولا يعلم مصيرهن.

وتحل الذكرى في ظل استمرار أوضاع إنسانية صعبة يعيشها مئات الآلاف منهم، بسبب سيطرة مليشيات مرتبطة بمسلحي حزب العمال الكردستاني على مدينة سنجار (115 كيلومتراً غرب نينوى)، وعرقلته جهود بغداد في البدء بعمليات إعادة الاعمار والتأهيل للمدينة، إذ لا يزال أكثر من 70 بالمائة من أهل المدينة يسكنون خارجها ضمن مخيمات ومجمعات سكنية مؤقتة.

بشكل رسمي، اعتبر البرلمان العراقي في عام 2020 ما تعرض له أبناء المكون الإيزيدي، وهم طائفة عراقية قديمة تستوطن شمالي البلاد، أنه جرائم "إبادة جماعية"، وأقرّ قانوناً لإنصاف الضحايا عُرف بقانون "الإبادة الجماعية للإيزيديين".

ومن أهم بنود القانون، منحه امتيازات مالية ومعنوية، لتسهيل إعادة اندماج النساء من ضحايا التنظيم في المجتمع، ومن الناحية المالية، فإن القانون يمنحهن راتباً تقاعدياً، وقطعة أرض سكنية، وأولوية في التوظيف، إلى جانب استثناءات في ما يتعلق بشروط الدراسة، فضلاً عن جوانب أخرى تتعلق بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة.

إلا أن القانون لم يلقَ حتى الآن مجالاً لتنفيذه بشكل كامل بعد تعثر حكومة مصطفى الكاظمي في تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع بمدينة سنجار الموقعة مع أربيل منذ عامين، حيث سبّب نفوذ مسلحي حزب العمال عرقلة الاتفاق ومنع تنفيذه، واشتبك مع قوات الجيش العراقي أكثر من مرة.

وما زالت حتى الآن سبع مقابر جماعية بمدينة سنجار ينتظر ذوو الضحايا المفقودين فتحها وأخذ عيّنات لمطابقتها، بعد تضاؤل آمال العثور على المفقودين من أهل المدينة في العام الثامن للنكبة.

ويقول مدير مكتب "إنقاذ الإيزيديين"، في حكومة إقليم كردستان حسين قائدي، إنه "تمّ جرد أعداد المختطفين من قبل عناصر تنظيم داعش الإرهابي من الإيزيديين، وكان عددهم 6417 شخصاً من الرجال والنساء والأطفال، وبعد جمع المعلومات أطلقنا العديد من عمليات البحث والتحرير، وحققنا نجاحاً بهذا الأمر".

ويلفت قائدي في حديث للصحافيين أمس الثلاثاء، إلى أنه "حُرِّر 3545 شخصاً، منهم 339 رجلاً و1207 نساء، والباقي من الأطفال، وعدد الذين ما زالوا مفقودين لدينا أكثر من 2700 شخص، والعمليات مستمرة للبحث عنهم حتى الساعة"، مبيناً أنه "حسب المعلومات المتوافرة لدينا، إن أغلب هؤلاء المفقودين ما زالوا أحياءً في مناطق من الموصل في المنازل التي كانت تؤوي عناصر تنظيم داعش وقسم منهم بسورية وبعضهم في مخيم الهول، والعمل مستمر من خلال البحث لتحريرهم".

واعتبر قائم مقام مدينة سنجار السابق وعضو البرلمان الحالي، محمد خليل في حديث سابق مع "العربي الجديد"، أن "أصداء الإبادة الجماعية ما زالت تعيش في أذهان جميع الإيزيديين، وما زاد من المآسي، أن الحكومة العراقية لم توفر أي شيء للمكون، للدرجة التي بات فيها الإيزيديون فاقدين للأمل، كذلك إن الصراعات السياسية والإقليمية على المدينة باتت في أشدها، فضلاً عن سوء الخدمات وتهميش حقوق الأهالي وعدم الاهتمام بهم".

وأضاف خليل أن "هناك أكثر من 3000 إيزيدي وإيزيدية بين مختطف ومغيب، لا أحد يعرف مصيرهم، وهل ما زالوا على قيد الحياة أم أنهم قتلوا، وليس هناك أي تحركات جادة لإنقاذهم، لا على مستوى الحكومة العراقية أو حتى المجتمع الدولي الذي يتنصل من مسؤولياته ووعوده التي كان قد قطعها في السابق للمكون الإيزيدي المهم في المجتمع العراقي".

واليوم الأربعاء، أكدت بعثة الأمم المتحدة في بغداد، أن من مسؤولية الجميع، العمل على إنهاء محنة الإيزيديين، وتنفيذ اتفاق سنجار، وذلك في الذكرى الثامنة للفاجعة التي حلت بمنطقة سنجار، على يد تنظيم داعش.

وأضافت في بيان لها أن "آلاف الإيزيديين لم يعودوا بعد إلى عائلاتهم وأحبائهم، ولا يزال مكان وجودهم مجهولاً". وأكد البيان ضرورة تنفيذ اتفاق سنجار دون تأخير، مشيراً إلى أن هيكليات الحكم والأمن المستقرة أمر حيوي، وهو ما سيتيح أخيراً للنازحين العودة إلى ديارهم، وتسريع جهود إعادة الإعمار، وتوفير الخدمات العامة. وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستواصل تعزيز المساءلة عن جرائم "داعش" ضدّ الإيزيديين، لتحقيق العدالة لجميع الذين عانوا من هذه الجرائم الشنيعة، ولتسير العدالة جنباً إلى جنب مع السلام والتنمية.

المساهمون