لم تعرف الفتاة نور حسن الكثير عن الأسير الفلسطيني كريم يونس قبل أن تطلب المعلمات في مدرسة بنات البيرة الثانوية الجديدة، وسط الضفة الغربية، كتابة رسالة له تحت عنوان برقية تهنئة لعميد الأسرى المناضل كريم يونس.
وتقول حسن، لـ"العربي الجديد" وهي تجلس بين عدد من زميلاتها المنهمكات بكتابة الرسائل لكريم، إنها قررت بعد إبلاغ المعلمات لهن بحملة 40 ألف رسالة وفاء ليونس أن تبحث عنه أكثر على الإنترنت وجمع مزيد من المعلومات، والنتيجة كما تقول أنه بات ملهما لها، لأنه صاحب أطول مدة أسر متواصلة في سجون الاحتلال، والتي وصلت لأربعين عاما.
وخصت نور ابنة الصف العاشر والدة الأسير كريم برسالتها التي تأمل أن يقرأها بعد الإفراج عنه في الخامس من شهر يناير/كانون الثاني المقبل، فكما تقول، شرف كبير لها أن يقرأ هذه الرسالة، لتقول له إن الطالبات والطلاب يشعرون به وبحزنه، وبأنه سيخرج من السجن ويذهب أولا ليقرأ الفاتحة على قبر والدته، التي توفيت في شهر مايو/ أيار الماضي دون أن تحقق حلمها باحتضانه محررا.
ونجحت حملة 40 ألف رسالة وفاءً لعميد الأسرى كريم يونس، والتي أطلقها كل من نادي الأسير الفلسطيني ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية ظهر اليوم الأربعاء، بلفت انتباه هذه الفتاة إلى مناضل فلسطيني قضى قرابة ثلثي عمره في سجون الاحتلال، وهذا أحد أهداف الحملة إضافة إلى هدف استقبال يونس استقبالا يليق به.
والرسائل الـ40 ألفا التي ستجمع من مدارس مختلف المناطق الفلسطينية، وتحمل تعبيرات الطلبة البسيطة أحيانا والبليغة أحيانا أخرى، ستجمع في صندوق كبير، كما أكد الناطق باسم نادي الأسير أمجد النجار لـ"العربي الجديد"، ليسلم طلبة من أبناء الشهداء الرسائل لكريم في حفل استقبال له في رام الله بعد أن يفرج عنه إثر انتهاء محكوميته الشهر المقبل، بينما سيكرم يونس عددا من أصحاب أفضل الرسائل.
وتحدثت عدة طالبات لـ"العربي الجديد" عن رسائلهن، حيث تقول ليان علي إنها كانت تسمع دوما عن كريم، وحين انطلقت المبادرة أحبت أن تشارك لتقول له ما يجول بخاطرها، فهي كتبت له: "لن ننساك، أنت أبونا كلنا، حتى لو لم يكن لك أبناء، فنحن وكل الشعب أبناؤك، لا تستسلم، ستكون بيننا خلال أيام، ونراك وتتحدث لنا عن معاناتك".
وكتبت له رونزا لدادوة تقول: "نحن انتظرناك كثيرا، نحن كلنا أبناؤك وننتظر أن نفرح بك"، وكتبت بيان مؤيد نصا تقول فيه: "ليت حريتي كانت ملكي أنا في حكايتي مستاء، قوتي تذهب للآخرين دواء، دون صوت يغمرني البكاء، أنا أتنفس دون هواء، حريتي أين حريتي هل سلبوها مني، أم أنني فقدتها دون أن أدري، أنا شخص لديه جرح نازف في مدمعه يبحث عن السلام في مسكنه".
يؤكد النجار أن يونس قال حين تواصل معه نادي الأسير إنه حين علم بهذه الرسائل وأنها ستحمل كلمات الأطفال، فرح كثيرا بذلك، قائلا: "بعد أربعين عاما عندما تصلني كلمات هؤلاء الطلاب والطالبات بالنسبة لي تغنيني عن كل شيء". وعلق النجار بالقول إن هذه الفعالية تهدف لتحريك مشاعر هؤلاء الأسرى الذين يستحقون أكثر.
على الهامش، عبرت عدة طالبات برسوماتهن عن قضية عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، بعد افتتاح رسمي بمشاركة عدد من المؤسسات والشخصيات الفلسطينية، وكان الأسير المحرر لؤي المنسي قد قدم للطالبات محاضرة حول كريم يونس وعمداء الأسرى.
وبحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، فقد اختير موعد إطلاق حملة الرسائل بالتزامن مع يوم المعلم الفلسطيني، مشيرا إلى أن اعتقاله "جاء وهو على وشك إنهاء تعليمه الجامعي، فقد دخل السجن مثقفا متعلما، مدركا أن ما يريده الاحتلال من المعتقلات بأن يخرج الأسير من السجن عبرة لباقي الأجيال، فأدرك أن السجن ميدان صراع، وأن أكثر ما قدمت الحركة الأسيرة من تضحيات، بمن فيهم كريم، القلم والورقة والدفتر والكتاب والتعليم ليتحول السجن إلى مدرسة ثورية، وصولا إلى عام 1992 والحصول على حق التعلم في الجامعة العبرية، حتى أوقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ذلك عام 2010".
ومن المنتظر أن يفرج عن يونس في الخامس من الشهر المقبل في بلدته عارة في منطقة المثلث في الأراضي المحتلة عام 1948، وأن يفرج عن ابن عمه عميد الأسرى ماهر يونس في 17 يناير/كانون الثاني المقبل، أي بعد أيام من الإفراج عن كريم، بعدما يقضيا محكوميتهما البالغة 40 عاما.
وقد صادق المجلس الثوري لحركة "فتح" في عام 2017 على اعتماد الأسير كريم يونس كعضو في اللجنة المركزية للحركة، وكانت والدته قد توفيت في شهر مايو/ أيار الماضي، دون أن تحقق حلمها بالإفراج عنه.
ويونس واحد من 25 أسيرا اعتقلوا قبل إبرام اتفاق أوسلو، وواحد من أكثر من 290 أسيرا يصنفون على أنهم عمداء الأسرى، لأنهم أمضوا أكثر من 20 عاما في سجون الاحتلال، ومن بينهم صاحب أطول مجموع اعتقال وهو أحد محرري صفقة تبادل وفاء الأحرار نائل البرغوثي الذي أفرج عنه عام 2011، وأعاد الاحتلال اعتقاله عام 2014 ضمن حملة طاولت العشرات من محرري الصفقة، وأعاد الاحتلال له حكم المؤبد.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
