3 ملايين طفل ألماني تحت وطأة الفقر

04 سبتمبر 2022
عدد الأطفال المتضرّرين من الفقر آخذ في الازدياد بألمانيا (توبياس شوارتز/ فرانس برس)
+ الخط -

بينما تُعَدّ ألمانيا من أبرز اقتصادات العالم، فإنّ الأحداث العالمية في السنوات القليلة الماضية أثّرت سلباً على الاقتصاد الألماني القائم على التصدير. والحروب التجارية والتوتّر المتزايد بين الغرب والصين، بالإضافة إلى صدمات سلاسل الإمدادات وجائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا، لعبت كلها دوراً في ذلك.

ويعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين طفل في أسر فقيرة، تفاقمت معاناتها مع ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة ثقلها على الآباء.

وفي حديث إلى وكالة الأناضول، كشف مؤسس جمعية "أرشي" الخيرية للأطفال بيرند سيجيلكو أنّ عدد العائلات التي تتقدّم بطلبات دعم للمؤسسة يرتفع بشكل مطّرد. والجمعية تدعم آلاف الأسر التي ترزح تحت الفقر وأطفالها في ألمانيا، إذ تساعد في تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال، كما تقدّم وجبات ساخنة بالإضافة إلى الدعم التعليمي.

وقال سيجيلكو إنّ "عائلات كثيرة تقصد الجمعية طلباً للدعم"، معرباً عن أسفه إزاء "تخاذل الحكومة وعدم قيامها بما يكفي لمعالجة المشكلة". أضاف: "يتعيّن على السلطات التحرّك فوراً، وعدم الانتظار إلى العام المقبل. لكنّه بحسب ما يبدو، لن يقوم أحد بأيّ شيء حتى يموت أحد الأطفال في ألمانيا من الجوع"، موضحاً أنّ لا دعم كافياً للفقراء في ألمانيا و"بنوك الطعام لم تعد تستقبل مزيداً من الناس".

تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة

وتسابق ألمانيا الزمن لملء صهاريج الغاز في وقت مناسب للشتاء، بعد أن قلّصت روسيا بشكل كبير التدفّقات عبر خط "نورد ستريم" الرئيسي، ما أدّى إلى ارتفاع الأسعار وتفاقم أسوأ أزمة للطاقة في أوروبا منذ عقود، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من عقوبات دولية على روسيا.

وفي هذا السياق، لفت سيجيلكو إلى أنّ "التضخم وارتفاع أسعار الطاقة يصعّبان على العائلات تحمّل الاحتياجات الأساسية". وتوقّع أن يزداد عدد العائلات التي سوف تطلب مساعدة جمعيته "من أجل دعم أطفالها وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم".

ورأى أن الأوضاع الاقتصادية للعائلات، لا سيّما الفقيرة منها، تتردّى أكثر فأكثر منذ الربيع الماضي، إذ تواصل أسعار السلع والخدمات الارتفاع. وشرح أنّه "منذ ذلك الحين، لم تتمكّن عائلات عديدة من التعامل مع الأوضاع. فكثيرون يعملون بأجور منخفضة، والأغنياء يزدادون ثراءً والفقراء يصيرون أكثر فقراً".

قضايا وناس
التحديثات الحية

برنامج الدولة لا يكفي

وتحدّث سيجيلكو عن محاولات أسر فقيرة كثيرة للتوصّل إلى سبل لتخفيض الإنفاق، حتى وإن حملت هذه المساعي آثاراً سلبية على الأطفال. وأوضح أنّه "إذا استمرّت الأسعار بالارتفاع على هذا النحو، سوف يزداد عدد الأطفال الذي يذهبون إلى مدارسهم من دون تناول وجبة فطور".

ووفقًا للتقديرات، سوف يتعيّن على الأسر في ألمانيا سداد نحو 3500 يورو (نحو 3480 دولاراً أميركياً) لقاء الحصول على الغاز في فصل الشتاء، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما دفعته هذه الأسر في العام الماضي.

بالنسبة إلى مؤسس جمعية "أرشي" الخيرية للأطفال، فإنّ ألمانيا في حاجة إلى "قيادة رشيدة"، مشدّداً على ضرورة اتّخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز دعم الآباء العاطلين من العمل والأسر الفقيرة والأطفال. وشرح: "أظنّ أنّ بلادنا تفتقر إلى القيادة، السياسيون يختبئون عندما يتعلق الأمر بقضايا مهمّة، يتحدّثون ولا يأتون بأفعال".

أضاف سيجيلكو: "آمل أن يروا أنّ لدينا مشكلة فقر بين الأطفال في هذا البلد، وأنّ عدد الأطفال المتضرّرين آخذ في الازدياد". وشدّد على أنّ "برنامج الدولة لدعم الآباء العاطلين من العمل والأسر الفقيرة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية"، مطالباً بتنفيذ "إجراءات أكثر جدية"، من بينها الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية لمدّة ستة أشهر على أقلّ تقدير.

(الأناضول)