وأشارت الدراسة التي أطلقتها منظمة "أرض"، في إطار فعاليات اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف اليوم السبت، تحت عنوان "أصوات اللاجئين الفلسطينيين الشباب في أنحاء الشرق الأدنى: المشاركة والتطلعات الاجتماعية والسياسية"، إلى أنّ الشباب اللاجئين، هم اليوم دعاة مجاهرون بحق العودة، ويصفونه بالحق الوجودي والمقدس، ولا يجوز التنصّل منه.
وأوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة "أرض"، سمر محارب، لـ"العربي الجديد" أنّ هذه الدراسة استمرّت لـ4 أشهر مع شباب ناشطين، في مخيمات اللجوء. وأضافت أنّ هؤلاء الشباب، رغم نشاطهم وأعمارهم الصغيرة، إلا أنّهم يشعرون بالتهميش والإحباط، ليس فقط من سياسات المجتمعات المضيفة، بل من أفراد الأجيال الكبيرة في المخيمات، الذين انخرطوا في أعمال نضالية في القرن الماضي، إضافة إلى تعدّد المرجعيات والانتماءات السياسية.
وأضافت، ما يعيقهم أيضاً، هو عدم قدرتهم على الحصول على الحقوق القانونية، خاصة في لبنان وسورية، لافتة إلى المعاناة المضاعفة للاجئين الفلسطينيين الذين قدموا إلى الأردن من سورية بعد الثورة، والذين لم يصنّفوا مع اللاجئين السورين، أو حتى مع اللاجئين الفلسطينيين القدامى في المملكة.
وتلفت محارب إلى المعاناة الاقتصادية للاجئين، خاصة في ظلّ نقص التمويل الذي تعاني منه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ووقف بعض الخدمات المقدمة لهم. وأشارت إلى أنّ وباء كورونا فاقم من صعوبة الأوضاع المعيشية للاجئين، حيث فقد حوالي 90 في المائة منهم أعمالهم، بسبب سياسات حظر التجوّل والأزمة الاقتصادية المرافقة للإجراءت الحكومية لمواجهة الفيروس.
وتركّز الدراسة على الشباب الناشطين سياسياً واجتماعياً، بشكل رئيسي، في المخيمات في كل من الأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة وسورية، من خلال إشراك أكثر من مائة فلسطيني من الشباب والشابات (معظمهم من ذوي الخبرات الحالية أو السابقة في برامج العمل الاجتماعي أو الأنشطة التطوعية). وحاولت الدراسة التقاط أصوات الشباب في ما يتعلق بالقضايا الهامة، وذلك عبر نقاشات مجموعات التركيز والمقابلات الفردية التي تجرى وجهاً لوجه. وشملت هذه القضايا: وضعهم الاجتماعي والسياسي داخل مجتمعاتهم، و"نظام الحكم" الفلسطيني الأوسع، والمجتمع المضيف بشكل عام، بالإضافة إلى التحدّيات والفرص التي تؤثر على حراكهم الاجتماعي والسياسي، ووعيهم السياسي كفلسطينيين وكلاجئين شباب (في المخيمات)، وكيف تتقاطع تلك العوامل مع تطلّعاتهم وتؤثّر عليها.
وحدّدت الدراسة بعض التوجهات بين الشباب في ما يتعلق بالمستقبل. فمن ناحية، يوجد رابط عضوي بين تطلعات الأفراد والقضايا الجماعية المتعلقة بمستقبل فلسطين والشعب الفلسطيني (اللاجئين) بشكل عام، وكما هو الحال بالنسبة للأجيال السابقة، يبقى الفلسطينيون من جيل الشباب اليوم دعاة مجاهرين بحق العودة، ومن ناحية أخرى، هم يظنون أنه لا يمكن تحقيق السعي من أجل حق العودة وحق تقرير المصير، على حساب تمتعهم بحقوقهم الإنسانية الأساسية. كما أنّهم يؤمنون، بأنه لا بد من الإبقاء على ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) بل وتعزيز أنشطتها، حتى الوصول إلى تسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين.
ويطالب هؤلاء الشباب، أثناء انتظار "عودتهم" إلى فلسطين، بتمكينهم بشكل عام، من خلال: بناء القدرات والتعليم الجيد، والحصول على وظائف لائقة، وأخيراً، إتاحة انخراطهم في "الفضاء السياسي".
ويُعد التمكين الأخير حاسماً، لناحية تحقيق تطلعاتهم وآمالهم، التي يتم التعبير عنها بطرق مختلفة وحسب الواقع الذي يعيشون فيه: "العيش في حالة الانتماء إلى فلسطين" مع الإبقاء على "ولائهم للدولة" في الأردن، والحصول على "اعتراف" و"حقوق إنسانية" في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع "خدمة القضية (الفلسطينية) في كل مكان آخر"، بما في ذلك الشتات، وفقاً لما قاله المستجيبون للدراسة من سورية.
وتقول الدراسة إن الفرص التي يمكن تقديمها للاجئين في السياق السياسي الراهن، تبقى غير واضحة، في فلسطين على وجه خاص، والمنطقة بشكل عام. ومع ذلك، يبدو أنّ اللاجئين الفلسطينيين الشباب، يتمتّعون بالحماسة والقدرات الضرورية للمساعدة في تغيير السرد الفلسطيني وتحقيق العدالة التاريخية، وذلك من خلال إعمال حقوق الإنسان الجماعية والفردية.
وما زال أكثر من 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجّلين في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يعانون اللجوء، نتيجة تهجيرهم من أراضيهم قسراً إبان نكبة عام 1948. شكّلت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، تسبّبت بطرد شعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه، وتشريد ما يربو على 800 ألف فلسطيني، عام 1948، ونزوح أكثر من 200 ألف فلسطيني غالبيتهم إلى الأردن بعد حرب حزيران 1967.
وتضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من 9 مرات، منذ أحداث نكبة 1948، وبلغ عددهم الاجمالي في العالم، نهاية العام المنصرم 2019 حوالي 13.4 مليون نسمة، أكثر من نصفهم (6.64 ملايين نسمة) في فلسطين التاريخية (1.60 مليون في أراضي الـ1948)، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.
وبحسب الإحصاء، فإن 28 في المائة من اللاجئين يعيشون في 58 مخيماً رسمياً تابعاً لوكالة الغوث، تتوزّع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سورية، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.