وقد أثار تعليق مسؤولة في منظمة الصحة العالمية، يوم الاثنين، نقاشاً علمياً محتدماً حول المسألة التي لم يتم حلها، وجذب انتقادات واسعة النطاق للمنظمة.
وكانت رئيسة وحدة الأمراض الناشئة والأمراض الحيوانية المنشأ في المنظمة ماريا فان كيرخوف، قالت إنّ دراسات عدة أجريت في بلدان مختلفة أظهرت أن انتقال الفيروس من أشخاص لا تظهر عليهم أعراض "كوفيد-19"، أمر "نادر جداً". وأوضحت، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، الاثنين، "لدينا تقارير من بلدان تجري عمليات تعقب مدققة، وتتابع حالات لمصابين لا تظهر عليهم أعراض المرض، كما تتابع الأشخاص المخالطين لهم، وهم لم يخلصوا إلى تفشي العدوى لدى المخالطين. إنه أمر نادر جداً".
Twitter Post
|
وانتقد علماء من جامعة هارفرد، بحسب تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، المنظمة، بسبب "إثارة الارتباك"، مؤكدين أن أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة، يمكنهم نشر المرض.
ويرى معهد الصحة بجامعة هارفرد أنّ منظمة الصحة العالمية "تسببت في الإرباك" ببياناتها حول أولئك الذين ليست لديهم أعراض، والذين لا ينشرون الفيروس بسهولة. ويقول علماء من المعهد "إنه نظرًا لأن المرضى عديمي الأعراض ينقلون الفيروس، لا يزال الناس بحاجة إلى المسافة الاجتماعية وارتداء الأقنعة".
وقال مدير معهد الصحة بجامعة هارفرد أشيش ك. جهاه لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إنّه "من الواضح أنّ مسألة ما إذا كان يمكن نشر الأعراض أم لا، أمر بالغ الأهمية للسيطرة على المرض"، مضيفاً "نرى أنّ خطر الانتشار بدون أعراض، أمر حقيقي ومهم، ولذا هناك حاجة إلى مواصلة واتباع احتياطات السلامة التي أوصت بها الوكالات الصحية والأخصائيون الطبيون".
منظمة الصحة العالمية: "سوء فهم"
ودفع هذا الجدل بماريا فان كيرخوف إلى كتابة تغريدة جديدة عبر "تويتر" لتوضيح موقفها. وقالت إنّ "إجراء دراسات شاملة بشأن المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض مهمة صعبة، غير أنّ الأدلة المتوافرة عن طريق تعقب المخالطين بهؤلاء من جانب الدول الأعضاء (في المنظمة) تدفع إلى الاعتقاد بأنّ احتمال نقل الفيروس من المصابين الذين لا يظهرون أي أعراض أدنى بكثير مقارنة بأولئك الذين تظهر عليهم أعراض".
وخلال مناقشة مصوّرة، الثلاثاء، عبر حساب منظمة الصحة العالمية عبر "تويتر"، تراجعت المسؤولة عن تعليقاتها، مؤكدة أنّ الكثير من الأمور لا تزال مجهولة.
ووصفت فان كيرخوف الجدل بأنه لا يغدو أن يكون "مجرد سوء فهم" لحديثها، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته، يوم الاثنين.
وأوضحت أنّ ما ذكرته "كان يستند إلى بضع دراسات لا يتخطى عددها الاثنتين أو الثلاث". وقالت "لم أكن أتحدث عن سياسة معتمدة لدى منظمة الصحة العالمية".
وأضافت "استخدمت عبارة (نادر جداً) وأظن أنّ القول إن انتقال العدوى من مصابين لا تظهر عليهم أعراض أمر نادر جداً في العموم هو سوء فهم. ما كنت أشير إليه هو نتيجة الدراسات".
Twitter Post
|
وقال مايك رايان رئيس برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنه لم تكن "نية منظمة الصحة العالمية أن تقول إن هناك سياسة جديدة أو مختلفة. لا يزال هناك الكثير من الأمور المبهمة حول هذا الفيروس وما تزال آليات وديناميكيات انتقاله غير معروفة".
واعتبر إريك توبول أستاذ الطب الجزيئي في معهد "سكريبس ريسيرش" للأبحاث، أنّ "هذه التصريحات ساهمت في نشر الفوضى"، وقال "لا أعرف لماذا سيقولون إن الانتقال بدون أعراض نادر جداً عندما تكون الحقيقة غير معروفة".
وتابع، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، أنّ مسألة نشر الأشخاص عديمي الأعراض الفيروس "أمر بالغ الأهمية، لأنه يشكل جزءاً الأساس المنطقي للحكومة الأميركية لسنّ توجيهات الانخراط والتباعد الاجتماعي وارتداء القناع وفرض الإغلاق".
من جهتها، رأت مونيكا غاندي، خبيرة الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أنّ "الأمر يبدو في المراحل المبكرة لإطلاق أي تحليلات".
من جهتها، أوضحت الدكتورة مانيشا جوثاني، أخصائية الأمراض المعدية، والأستاذ المشارك في الطب وعلم الأوبئة في كلية "ييل"، لشبكة "سي أن أن" الأميركية، أنّ "العديد من الأشخاص المصابين بـ(كوفيد 19)، الذين قد يبدو أنهم لا يعانون من أعراض في الواقع، يمكن أن يكون لديهم أعراض خفيفة أو غير نمطية، أو قد يكون لديهم أعراض مسبقة، ويمكنهم نشر المرض".
وقالت جوثاني إنّ "النتائج التي تحدثت عنها منظمة الصحة العالمية، لا تتعارض بالضرورة مع التقديرات الأخرى المتعلقة بكيفية حدوث الانتشار المسبق لأعراض الفيروس".
ووجدت دراسة، في إبريل/ نيسان الماضي، أن انتشار الفيروس يمكن أن يبدأ قبل يومين إلى ثلاثة أيام من ظهور الأعراض. وتقدر المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنّ 40% من انتقال الفيروس يحدث قبل أن يشعر الناس بالمرض. وتوصلت الدراسة إلى أن الأشخاص قد يكونون مصابين بالفيروس قبل ظهور الأعراض عليهم.
ووفق موقع "سي أن أن"، فقد وجدت العديد من الدراسات أنّ انتقال الأعراض يمكن أن يحدث غالبًا قبل أو في اليوم الذي ظهرت فيه الأعراض لأول مرة.
وكان مدير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الدكتور روبرت ريدفيلد، قد أشار، في إبريل/ نيسان الماضي، إلى أنّ التدابير الاجتماعية تساعد في الحد من انتشار الفيروس، لافتاً إلى أنّ الأشخاص عديمي الأعراض يمكنهم التخلص من الفيروس لمدة تصل إلى 48 ساعة قبل ظهور أي أعراض.