مصر: منظمات حقوقية تستنكر استبعاد سجناء الرأي من عفو رئاسي

29 ابريل 2020
علّقت الزيارات في السجون لعشرة أيام(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
استنكرت ثماني منظّمات حقوقية مصرية، تعمُّد معايير العفو الرئاسي الأخير عن السجناء، الصادر في 14 إبريل/نيسان الجاري، استبعاد السياسيين المعارضين السلميين وسجناء الرأي من الصحافيين والمحامين والحقوقيين من قائمة المعفو عنهم. واعتبرت المنظمات أنّ هذا الإستبعاد المتعمّد، يعكس نظرة الحكومة المصرية إلى حقّ حرية التعبير، الذي تعتبره جريمة أشد خطراً على الأمن العام، من القتل وجرائم العنف.

وأضافت المنظّمات، أنّ قرار العفو الذي جاء في موعده السنوي المعتاد، بمناسبة عيد تحرير سيناء، تجاهل كافة النداءات الحقوقية المحلية والدولية للإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا، والسجناء الذين لم يثبت تورّطهم في جرائم عنف، وغيرهم من السجناء كبار السن والمرضى بأمراض مناعية وأخرى مزمنة، إضافة إلى النساء الحوامل والأطفال، تخفيفًا لاكتظاظ السجون في ظلّ تفشي وباء كورونا، واكتفى بالعفو عن متّهمين جنائيين ثبت تورطهم بأحكام نهائية في جرائم قتل وعنف.

قرار العفو الرئاسي، الذي نصّ على استثناء المتّهمين في جرائم التظاهر، جاء بعد أيام قليلة من صدور قرار رئيس الجمهورية في 18 مارس/آذار الماضي بإصدار القانون رقم 19 لسنة 2020، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون، بما يستوجب عدم سريان الإفراج الشرطي على المحكوم عليهم، استنادًا لقانون التجمهر-الثابت إلغاؤه– أو قانون مكافحة الإرهاب.

وقالت المنظمات "هذا الأمر يعكس نيّة السلطات المبيّتة في ضمان استبعاد معظم سجناء الرأي القابعين في السجون، بسبب احتجاجهم السلمي على السياسات الرسمية، من العفو الرئاسي أو الإفراج الشرطي، فضلاً عن أولئك المقيّدة حريتهم من صحافيين ومحامين وحقوقيين وسياسيين، على خلفية اتهامات مختلقة. انطلقت معظم هذه الاتهامات من التعريفات الفضفاضة، غير المنضبطة لقانون مكافحة الإرهاب، والذي سبق وحذّرت منظمات حقوقية محلية ودولية مراراً، من توظيفه المتعمّد في الانتقام السياسي ومصادرة الحق في حرية التعبير تحت مزاعم "الحرب على الإرهاب"".

وأضافت: "هذه القرارات الرئاسية الأخيرة، بالإضافة إلى الممارسات الأمنية المستمرة، خلال الأسابيع الماضية، من اعتقالات جديدة وإخفاء قسري (المترجمة مروة عرفة، الباحثة والمترجمة خلود السعيد) وحبس الصحافيين (عاطف حسب الله، ومصطفى صقر) والمحاميين (محسن بهنسي) من مختلف التيارات، تعكس جليًا الرغبة في مواصلة حملات القمع وكمّ الأفواه والزجّ بالمزيد في السجون انتقامًا، حتى في ظلّ دعوات عالمية متواصلة بتخفيف التكدّس في السجون، بسبب وباء عالمي تجاوز عدد مصابيه 3 ملايين حول العالم".

وتابعت: "هذه السياسات القمعية الانتقامية التي تواصل السلطات المصرية اتّباعها بحق كلّ منتقدي السياسات الرسمية ومعارضيها، تتناقض بشكل واضح مع تعهدات مصر الدولية الشهر الماضي أمام الأمم المتحدة، في جلسة الإستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي. وتعكس بشكل واضح نظرة النظام الحالي لحرية الرأي والحق في التنظيم والتجمّع السلمي والمشاركة السياسية والمجتمعية، لا سيما في أوقات الأزمات، باعتبارها جرائم تهدّد سلامة المجتمع وأمنه العام، حسب ما ورد في نص قرار العفو والقرار الخاص بالإفراج الشرطي".
المنظّمات الموقعة هي "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، "مركز النديم"، "مبادرة الحرية"، "مركز بلادي للحقوق والحريات"، "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، "كومتي فور جستس"، و"المفوضية المصرية للحقوق والحريات".
في السياق ذاته، أصدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" (منظمة مجتمع مدني مصرية) بيانًا، استنكرت فيه التجديد الورقي للمحبوسين احتياطيًا في مصر.

وقالت الشبكة، في قرارها الصادر في 24 مارس/آذار الماضي إنّ: "رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، لم يُشر إلى تعليق العمل في المحاكم والنيابات. إلاّ أن وزير العدل، عمر مروان، وبعض رؤساء المحاكم، كانوا قد استبقوا هذا القرار بتعليق العمل في كافة المحاكم والجلسات وتأجيلها دون حضور أطراف القضايا، منذ يوم 16 مارس/آذار 2020، للاحتياط من تداعيات فيروس كورونا المحتملة".


كما كانت وزارة الداخلية، قد قرّرت تعليق الزيارات في جميع السجون لمدة عشرة أيام، اعتبارًا من العاشر من مارس/آذار الماضي، وذلك حرصاً على الصحة العامة وسلامة النزلاء.

لكن الشبكة العربية قالت: "لا القبض على المواطنين توقف، أو تجديد حبس المحبوسين، لكنه تجديد على الورق! تجديد حبس دون حضور المتهمين أو محاميهم، ودون تقديم دفاع".
وقالت الشبكة: "مع إعلان منظمة الصحة العالمية تحُّول جائحة كورونا إلى وباء عالمي، نجد أن المتهم المحبوس احتياطياً لا يحضر من محبسه في جلسة نظر أمر حبسه احتياطيًا. بل ما يحضر هو، رسالة من الداخلية تفيد بتعذّر نقل المتهم لأسباب أمنية، ويلحق بتلك الرسالة قرار من الجهة التي تنظر أمر تجديد الحبس احتياطياً، بتجديد أمر الحبس ورقياً أو تأجيل النظر في الأمر مدّة معينة، وتنتهي تلك المدة برسالة أخرى من الداخلية تفيد بتعذّر نقل المتهم لأسباب أمنية!! تحت ذريعة الظروف القاهرة".
وأضافت الشبكة: "أجهزة الدولة المتعلقة، استندت في إنفاذ القانون والعدالة، ممثلة بوزارة العدل والنيابة العامة ووزارة الداخلية إلى وباء كورونا، كقوة قاهرة، لفرض مزيد من التنكيل بالسجناء والمحبوسين احتياطياً، ولا سيما سجناء الرأي، عبر حرمانهم من الزيارة، وكذلك من إبداء دفاعهم خلال جلسات تجديد الحبس أو المحاكمة، بدلاً من إجراء آخر، وهو الإفراج عنهم، أو الإفراج عنهم بتدابير احترازية".
وتابعت الشبكة: "منذ سنوات، ابتدعت وزارة الداخلية نهجاً جديداً للتنكيل بسجناء الرأي المحبوسين احتياطياً، وهو عدم إحضارهم من مكان احتجازهم خلال جلسات تجديد الحبس، لحجج أمنية. حتى أنّ العديد من الجلسات تتمّ في معهد أمناء الشرطة الذي بات محكمة، والذي يقع ضمن وداخل منطقة سجون طره، ولا يفصل بين محكمة معهد أمناء الشرطة والسجن المحتجز به سجين الرأي المحبوس احتياطياً سوى أمتار قليلة".
وانتهت الشبكة إلى "تحوّل وباء كورونا إلى أداة أو وسيلة إضافية لزيادة التنكيل بالسجناء عموماً، والمحبوسين احتياطياً من سجناء الرأي بوجه خاص".
وأوصت الشبكة الداخلية بأنّه "لا بد من التوقّف عن إهدار حقوق المتهم، بحجّة الأعذار الأمنية، خاصة أنّ تلك الأعذار تمثّل إخلالاً كبيراً بالقانون وبحقوق المتهم. وفتح الزيارات أسوة بالعديد من المؤسسات والمصالح الحكومية، مع اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تقرّها وزارة الصحة أو نقابة الأطباء".
كما أوصت السلطة القضائية بـ"أن تعمل بقاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وتُخلي سبيل المحبوسين احتياطياً، لا سيما في قضايا الرأي والجرائم غير الخطيرة. وأن تتوسّع في استبدال قرارات تجديد الحبس، لا سيما جرائم الرأي، والجرائم غير الخطيرة بالتدابير الاحترازية التي نصّ عليها قانون الإجراءات الجنائية. وأن تمارس دورها في معاقبة كلّ من يخالف أمر القضاء، بإحضار المتهم في المواعيد القانونية للنظر في أمر تجديد حبسه احتياطياً، وألا تقوم بالتجديد الورقي للمتهم، لما فيه من تعسّف قانوني لحقوق المتهم ولضمانات المحاكمة العادلة. وألا تقوم المؤسسة القضائية بتأجيل جلسة النظر بأمر تجديد الحبس الاحتياطي، لما بعد المواعيد المقرّرة قانوناً، وإذا تعدّت المدّة القانونية للنظر بأمر تجديد حبس المتهم احتياطيا، فعلى السلطة القضائية حينها أن تأمر بإخلاء سبيله".

المساهمون