العراق: اتهامات بتعذيب سجناء حتى الموت في سجن "الحوت"

17 ابريل 2020
اتهام السلطات العراقية بالوقوف خلف عمليات التعذيب(فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
اتّهم تحالف سياسي بارز في بغداد السلطات العراقية بالوقوف وراء استمرار عمليات التعذيب والانتهاكات التي تؤدّي إلى موت السجناء، في سجن "الحوت"، الواقع جنوب البلاد، والذي يحوي قرابة الأربعين ألف نزيل. وتأتي هذه الاتهامات بعد أيام من تسجيل عدّة وفيّات لنزلاء بظروف غامضة فيه، وتأكيد ذويهم بأنهم تسلّموا الجثث وعليها علامات تعذيب واضحة، في وقت أكّدت فيه لجنة برلمانية امتلاكها أدلّة توثّق تلك الانتهاكات، مطالبة الحكومة بالتحقيق فيها.
ويعدّ ملفّ السجون العراقية من الملفّات الأكثر حضوراً في العراق، بسبب التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة، الذي تحوّل إلى ظاهرة في هذه السجون، وسط استمرار قرار منع الزيارات المفاجئة للّجان والمنظّمات الحقوقيّة لتلك السجون.
وكان "العربي الجديد" قد نشر في الثامن من الشهر الحالي، تقريراً عن تعذيب وحالات وفاة في سجن "الحوت"، وأكّد عندها مسؤول عراقي رفيع المستوى في وزارة الداخلية، لـ"العربي الجديد"، أنّ شهادات الوفاة التي تقوم إدارة السجن والطبّ العدلي بإصدارها حول وفاة النزلاء "غير مقنعة".
وبحسب بيان لـ"جبهة الإنقاذ والتنمية"، التي يتزعّمها رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، فإنّ العراق يسجّل عمليات تعذيب وسوء معاملة بحقّ متهّمين، "الغرض منها كما يدّعون (الجهات المسؤولة) هو محاولة انتزاع اعترافات تخفق كفاءتهم في الوصول إليها". وأكّد البيان أنّ "ما يتعرض له المحكومون من تعذيب يصل إلى درجة القتل، هو أمر خارج عن قدرة أيّ مواطن ذي ضمير على تخيّله. وهو ينافي الغرض الذي يدّعيه بعض المحقّقين".
وأضافت الجبهة في بيانها، أنّ "ما يحدث في سجن (الحوت)، في الناصرية، هو جريمة بشعة بحقّ المحكومين، مهما كانت عدالة أو ظروف الأحكام التي صدرت بحقهم. فمنذ بداية هذه السنة، قُتل العشرات من المحكومين بعد تعرّضهم للتعذيب بطريقة لا تتّفق مع عرف أو ضمير أو قانون"، مؤكّدة أنها تدين وتستنكر هذه "الجرائم الشنيعة".


ودعت الجبهة الحكومة إلى "إجراء تحقيق فوري وإعلان نتائجه"، كما دعت مفوضية حقوق الإنسان إلى "القيام بواجباتها، والتحقيق في هذه العمليات بحسب ما تقرّه برامجها ومقوّمات عملها"، وشدّدت الجبهة على "الأحزاب والكتل السياسية ومنظّمات المجتمع المدني، عدم السكوت أمام انتهاكات تصل إلى حدّ الجرائم ضد الإنسانية، ضدّ مواطنين عراقيين".

وأكّدت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية امتلاكها أدلّة توثّق حالات التعذيب في سجن "الحوت"، وقال رئيس اللجنة، النائب أرشد الصالحي، إنّ "اللّجنة تسلّمت وثائق وأدلّة وصوراً بشأن حالات التعذيب داخل سجن (الحوت)". وأكّد الصالحي، في تصريح صحافي، أنّ "اللجنة طالبت الحكومة بإجراء تحقيق شامل ومحاسبة المقصّرين والمتورطين في عمليات التعذيب". وحذّر من "مجاملة المقصّرين والمتورطين".
وأقرّ مسؤولون عراقيون بعمليات تعذيب وانتهاكات وسوء تغذية وإهمال طبّي في سجون مختلفة بالعراق، لكنهم يعتبرونها أخطاء في إدارات السجون، وهي لا تتمّ بتوجيه أو عمليات ممنهجة من وزارات العدل والداخلية والدفاع، التي تتقاسم غالبية السجون في البلاد.
وقال مسؤول في وزارة العدل العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزير العدل فاروق أمين أجرى، الأربعاء، زيارة إلى سجن (الحوت) في الناصرية، واطّلع على الأوضاع فيه". وأوضح أنّ "الوزير طلب إجراء تحقيقات بشأن الاتهامات بخصوص عمليات التعذيب التي جرت داخل السجن، كما طلب إعادة التحقيق بحالات الوفاة كلّها التي وقعت في الأسابيع الماضية".
وكان "مركز جرائم الحرب في العراق"، وهو منظّمة حقوقية معنيّة بتوثيق الانتهاكات الإنسانية في البلاد، قد حمّل الحكومة العراقية مسؤولية عمليات التصفية الجسدية التي يتعرّض لها المعتقلون في السجون.

ويقع سجن "الحوت" في مدينة الناصرية، ضمن محافظة ذي قار، جنوب العراق، ويضمّ نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، صاحب الصيت السيئ، منذ سنوات.