يتفاعل إغلاق المنشآت والمؤسسات الفلسطينية في لبنان، وطرد العمال الفلسطينيين بذريعة عدم حيازتهم إجازات عمل، وذلك في إطار حملة لوزارة العمل
بعد انتهاء المهلة التي منحها وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، لأرباب العمل لتسوية أوضاع العمال الأجانب "غير الشرعيين" بدأت الوزارة بتنفيذ خطتها لملاحقة المؤسسات المخالفة، ومكافحة العمالة الأجنبية "غير الشرعية" على الأراضي اللبنانية، منذ الأربعاء الماضي، لتستهدف الحملة الفلسطينيين.
يروي زياد عارف، الذي يملك محلاً لبيع السيراميك في بلدة ضهر العين بالكورة، شمالي لبنان، لـ"العربي الجديد" ما حصل معه: "بعد أحداث مخيم نهر البارد (معارك بين الجيش اللبناني وفصيل فتح الإسلام عام 2007 في شمال لبنان)، وتضرر محلي فيه، افتتحت محلاً في منطقة ضهر العين (شمال)، قبل سبع سنوات. منذ أيام جاءت إلى المحل قوى الأمن الداخلي، وطالبتني بإجازة عمل، كوني فلسطينياً، وسألوني عن السجل التجاري الخاص بالمحل، وبما أنّي لا أملك إجازة عمل، عملوا على إغلاق المحل بالشمع الأحمر، فطالبتهم بمهلة حتى أسوي أوضاعي، وأستحصل على إجازة عمل، لكنّهم رفضوا طلبي". يتابع: "ليست لديّ النية للاستحصال على إجازة عمل، فأنا مولود في هذا البلد، وأعيش فيه، ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تسعى إلى إيجاد اتفاق من أجل حق الفلسطيني في الحصول على حقوقه المدنية، وحق التملك، وبما أنّني ولدت لاجئاً في لبنان، فمن حقي الحصول على حقي الإنساني".
أما أحمد أنيس الذي يملك مؤسسة صغيرة في شارع دلاعة، بمدينة صيدا (جنوب) فيقول لـ"العربي الجديد": " أنا فلسطيني مقيم في لبنان، وأملك مؤسسة صغيرة في مدينة صيدا، وهي مسجلة بالشكل القانوني المطلوب، ويعمل في المؤسسة شخصان لاجئان فلسطينيان، وشخص من الجنسية اللبنانية، وعندما جرت مداهمة مؤسستي طلبوا مني استحصال إجازات عمل للفلسطينيين، وعندما حاولت ذلك، طلبوا مني الانتساب إلى صندوق الضمان الاجتماعي، وبالفعل ذهبت إلى الصندوق، وسجلت فيه، وبينما أدفع عن اللبناني مبلغاً صغيراً للتسجيل ويستفيد من التعويضات العائلية، والطبابة، وصندوق نهاية الخدمة، فإنّ العامل الفلسطيني ليس من حقه الاستفادة من الخدمات في ما عدا تعويض نهاية الخدمة". يتابع: "بعدما استوفيت الشروط المطلوبة من الضمان، ذهبت للبدء بإجراءات الحصول على إجازات العمل. فبالنسبة للموظف الفلسطيني طُلب مني أن يكون معي في حساب مصرفي مبلغ 90 مليون ليرة (60 ألف دولار)، وبأن أتعهد بتشغيل ثلاثة أشخاص من الجنسية اللبنانية على الأقل، أو أن أسجل المؤسسة باسم شخص لبناني، أو أن أضيف شريكاً لبنانياً في المؤسسة. وبهذه الشروط التعجيزية لا أستطيع إصدار إجازات عمل للموظفين، علماً أنّهم لا يعطونني إجازة عمل إلا بصفة عتال (حمّال)".
للفلسطينيين في لبنان مع حق العمل حكاية طويلة كغيره من الحقوق، فبعد مخاض طويل، أصدر وزير العمل السابق، طراد حمادة، قراراً عام 2005، يجيز فيها للفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية بالعمل في المهن المختلفة التي كانوا منعوا منها عام 1993، وعددها خمس وسبعون، لكنّ القرار على الرغم من أهميته كان ناقصاً، إذ لم يجز للأطباء والمهندسين باختلاف اختصاصاتهم بالعمل في مهنهم بشكل قانوني.
وبسبب الإجراءات التعسفية الأخيرة بحق العمال الفلسطينيين، جرت تحركات في المخيمات الفلسطينية كافة، وفي مدينة صيدا (جنوب)، بدأت ليل أمس الأول بمسيرة سيارة لفلسطينيين ولبنانيين عمت شوارع المدينة، كما نظمت مسيرة في مخيم عين الحلوة في صيدا. وصباح أمس، أغلق أهالي مخيم الرشيدية، في صور (جنوب)، مدخل المخيم بالإطارات، ومنع إدخال البضائع إليه من المتاجر اللبنانية المجاورة. وشهد مخيم البرج الشمالي في صور، تحركاً قضى بإقفال مدخله. ومنع إدخال منتجات أحد المخابز المعروفة إلى مخيم عين الحلوة، بعدما تأكد توقيف سبعة عمال فلسطينيين عن العمل فيه. كذلك، أبلغت المحلات في سوق الخضار بعين الحلوة عبر مكبرات الصوت أنّ غداً (اليوم الثلاثاء) يوم إضراب يجب أن تقفل فيه أبوابها. ومن جهته، دعا "ائتلاف حق العمل للاجئين الفلسطينيين والمؤسسات والجمعيات العاملة بالوسط الفلسطيني في لبنان" للمشاركة في مسيرة من محلة الكولا، إلى مبنى مجلس النواب (البرلمان) في العاصمة بيروت، اليوم الثلاثاء.
بدورها، عقدت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف الوطني بما فيها حركة حماس، وعصبة الأنصار، والحركة المجاهدة، وأنصار الله، اجتماعاً في سفارة فلسطين في لبنان بحضور السفير الفلسطيني أشرف دبور، وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فتحي أبو العردات، ومسؤولين من حركة أمل التي يترأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري. وصدر عن الاجتماع بيان طالب بـ"الوقف الفوري للإجراءات الصادرة عن وزارة العمل والتأكيد على استمرار عمل ودور لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وتعديل حق عمل الفلسطينيين ليشمل الفئات المهنية والكفاءات خصوصاً من الشباب".