إسرائيل تتلاعب بقضية استشهاد عائشة الرابي... وتحاول تبرئة قاتلها

08 مايو 2019
الشهيدة عائشة الرابي (فيسبوك)
+ الخط -


لم يبد الفلسطيني يعقوب الرابي من بلدة بديا، في محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، أي استغراب من محاولة القضاء الإسرائيلي تبرئة المستوطن قاتل زوجته الشهيدة عائشة الرابي، التي قضت بعد إصابتها بحجر كبير على رأسها، رشقه مستوطن تجاه السيارة التي كانت تقلها برفقة زوجها وابنتها الصغيرة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، جنوب نابلس شمال الضفة الغربية.

وقررت ما تسمى بمحكمة "الصلح" الإسرائيلية في مدينة اللد المحتلة أمس الثلاثاء، فحص إمكانية الإفراج عن المستوطن المتسبب بمقتل الشهيدة الرابي، وتحويل المعتقل الملقب بالحرف "ص" إلى الحبس المنزلي بدلاً من بقائه قيد الاعتقال، وذلك على ضوء ضعف الأدلة وفق زعم الاحتلال، رغم أن النيابة العامة طلبت تمديد اعتقاله حتى نهاية الإجراءات القانونية ضده.

الزوج المكلوم، يعقوب الرابي، قال لـ "العربي الجديد": "يبررون خطوتهم بعدم وجود أدلة قطعية بحق القاتل، هم يكذبون، فقد أثبت فحص الحمض النووي (DNA) أنه الفاعل، مع أن محاميّ الدفاع أدعوا أن المستوطن يتجول كثيرا في منطقة المدرسة الدينية اليهودية (رحاليم)، وأن هناك تفسيرات بديلة لوجود الحمض النووي الخاص به على الصخرة، كأن يكون قد بصق عليه من قبل، أو حمله بيده في وقت سابق، وبقيت بصماته عليه".

وجاء في لائحة الاتهام ضد المستوطن، أن المتهم وعددا من زملائه الطلاب باتوا في المعهد الديني اليهودي "بري هعيتس" في مستوطنة "رحاليم"، والذي كانوا يدرسون فيه ليلة 12 و13 أكتوبر الماضي، وفي صبيحة اليوم التالي تربصوا على تلة مجاورة تطل على طريق رقم 60 السريع، وهاجم المتهم بصخرة يصل وزنها إلى كيلوغرامين، مركبة فلسطينية وذلك بدوافع عنصرية وعدائية تجاه العرب.



ويستدل من لائحة الاتهام، أنه لدى عودتهم إلى منزلهم في قرية بديا غرب سلفيت، مرورا بجنوب نابلس، تأكد المتهم أن الحديث يدور عن سيارة فلسطينية تحمل لوحة تسجيل بيضاء، فألقى بالصخرة بقوة على واجهة السيارة بهدف إلحاق الضرر قصدا براكبيها، وأن الجريمة ارتكبت بـ"دافع إيديولوجي يقوم على العنصرية والعداء للعرب لمجرد أنهم عرب".

ويؤكد زوج الشهيدة الرابي "هذه لعبة لا أكثر، سبق أن مارسوها مع المتهمين الأربعة الآخرين الذين أفرجت عنهم المحكمة بزعم عدم كفاية الأدلة، سيضعونه اليوم في الحبس المنزلي، ولاحقا سيصدرون قرارا بتبرئته". ويدلل الرابي على كلامه بأن المحكمة ترفض رفضاً قاطعاً حضور محامي العائلة وهو من الداخل الفلسطيني المحتل ويحمل هوية إسرائيلية، ومع هذا ممنوع من حضور الجلسات، التي تقتصر فقط على النيابة العسكرية الإسرائيلية التي تمثلنا، ومحامي القاتل.


ليس هذا وحسب، فممثل منظمة "يوجد قانون" الحقوقية الإسرائيلية ممنوع هو الآخر من حضور الجلسات، بل إن القضاء الإسرائيلي يهمل المراسلات القانونية التي تبعث بها المنظمة الحقوقية، ولا يصلهم رد إلا بصعوبة بالغة وبشكل متأخر جدا، فبعد خمس مراسلات وصل الرد على المراسلة الأولى فقط.

وبلهجة صارمة يقول الزوج: "ماذا نفعل إذا كان الجاني والقاضي والجلاد واحدا، قضيتنا رغم فداحتها ليست كحادثة عائلة دوابشة، أسرة أحرقت وهي نائمة، فماذا حل بالقتلة؟ لا شيء. هذا يشجع المستوطنين على المزيد من الجرائم، ويركنون إلى القضاء الذي سيخرجهم من تلك التهم".

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان لها وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، أن الإفراج عن المستوطن القاتل يكشف مجدداً للمجتمع الدولي والجنائية الدولية وغيرها من المحاكم المختصة زيف وكذب محاكم الاحتلال وتدابيرها وبعدها الكامل عن أي قانون، وأنها جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال.
الأم الشهيدة مع أفراد عائلتها (فيسبوك) 

وطالبت الوزارة المحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في فتح تحقيق رسمي في جرائم الاحتلال ومستوطنيه بما فيها جريمة قتل الشهيدة الرابي، ومحاسبة من قام بها ومن يقف خلفه من عصابات ومسؤولين إسرائيليين.

وخلال مجريات التحقيق وبعدها، عمم مجموعة من الحاخامات الإسرائيليين الكبار رسالة تطالب الجمهور الإسرائيلي بالتبرع لصندوق هدفه تمويل الإجراءات القضائية بحق اليهودي القاصر المتهم بقتل الرابي.


كما أصدر حاخامات فتوى هدفها دعم ناشطين متطرفين في مستوطنة "يتسهار"، المقامة على أراضي جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، سافروا إلى مستوطنة "ريحاليم"، بهدف تلقين الفتية في المعهد الديني اليهودي "يشيفاة بْري هآرتس" كيفية التصرف أثناء تحقيق جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) معهم، في أعقاب استشهاد الرابي.

وصدرت الفتوى ضمن ما يعرف بالشريعة اليهودية بـ"إنقاذ النفس" في يوم السبت، بأن يتم السماح بأثر رجعي لمجموعة من غلاة المتطرفين بين المستوطنين بالسفر بسيارة من مستوطنة "يتسهار" إلى مستوطنة "ريحاليم" في يوم السبت، غداة جريمة قتل الرابي.



وكانت معطيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية شهدت ارتفاعا حادا في جرائم الكراهية التي ترتكبها العصابات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة خلال عام 2018 الماضي، وسط تقديرات بأن تترجم هذه الاعتداءات إلى جرائم مثيلة بـ"محرقة دوما".

وأدعى "الشاباك" في بيان صدر عنه أنه "خلال العام الماضي أحبط مئات العمليات في الضفة الغربية وبضمنها عمليات إرهابية خططت لها مجموعات من اليهود".
دلالات
المساهمون