سكان الشمال السوري المحرر، بمن فيهم أبناء المنطقة والنازحون إليها، يعانون من شحّ في المواد الإنسانية، وشحّ في السيولة، وظروف حصار مختلفة، لكنّ بعض المبادرات الصغيرة تحاول سدّ حاجتهم مع غياب معظم المنظمات
يعيش السكان في الشمال السوري واقعاً إنسانياً مريراً بسبب الحرب الروسية ــ الأسدية عليهم، وبسبب الكثافة السكانية الكبيرة نتيجة النزوح وغياب بنى تحتية وندرة فرص العمل، وما زاد من سوء هذا الواقع توقف معظم المنظمات الدولية عن العمل في تلك المنطقة، الأمر الذي دفع بالكثير من الأشخاص للقيام بمبادرات فردية وجماعية من أجل المساهمة بتخفيف العبء، ولو جزئياً، عن سكان تلك المناطق.
اقــرأ أيضاً
أسوان نهار، المقيمة بمدينة إسطنبول التركية، هي مؤسسة ومديرة فريق "رؤيا" التطوعي القائم على أساس الدعم الاجتماعي والتعليم للسوريين في الداخل، تقول لـ"العربي الجديد"ꓽ "بدأت بالعمل التطوعي في بداية الثورة من مكان إقامتي في دبي، وقد جاءتني فكرة التطوع لأنّه لم يكن باستطاعتي تقديم أيّ شيء آخر للثورة السورية"، موضحة أنّها بدأت بعدد من الأعمال التطوعية في المناطق الساخنة التي كانت تتعرض للقصف في بداية الثورة، ثم انتقلت لمساعدة السوريين في المخيمات بالأردن من خلال زيارة المستشفيات والمرضى وتقديم المساعدات لهم، كما أنشأت هناك مركزاً لتعليم الحاسوب ومكتبة لمبتوري الأطراف. تتابع نهارꓽ "في عام 2013 توجهت للعمل التطوعي في الغوطة الشرقية وأسست فريق نور لكسر الحصار، بهدف التخفيف عن السوريين المحاصرين في الغوطة من خلال تقديم المساعدات الطبية ومشاريع تهدف إلى تمكين النساء هناك".
تبرعات
أما عن النشاطات الحالية، فتقول نهار إنّها أسست فريق "رؤيا" التطوعي لتقديم المساعدات في الشمال السوري الذي يركز على مجالات الدعم الاجتماعي والتعليم، موضحة أنّها تقوم حالياً بدراسة إقامة مخيمات للمهجّرين بالإضافة إلى التكفل بدراسة تلاميذ المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى تأمين كفالة للطلاب الجامعيين، وإعادة فتح مكتبات ومراكز تدريب ودعم اجتماعي، وكلّ هذه المشاريع تصبّ في إطار دعم قطاع التعليم في الشمال السوري.
تتحدث نهار عن كيفية التحكم بالمشروع، إذ توضح أنّ ذلك يكون عن طريق التواصل عن بعد عبر وسائل التواصل الرقمية، وهو ما يتطلب توافر شبكة متصلة دائماً على مدى 24 ساعة لاحتمال وجود حالات طوارئ ومستجدات في أيّ لحظة. وتضيف أنّ كلّ هذا التواصل يجري عن طريق مجهود فردي منها، وأحياناً تجري الاستعانة بمتطوعين، يمكن أن يتقاضى بعضهم مكافآت مقابل عملهم. أما بالنسبة للمعلمين والعاملين، فقد اعتاد الفريق على توفير رواتب مستمرة لهم.
بالنسبة لتأمين كفالات دراسية للتلاميذ غير القادرين على متابعة تحصيلهم الدراسي، قالت نهار إنّها عند ورود حالات من هذا النوع، تجري الاستعانة بشبان متطوعين يقومون بدراسة هذه الحالات لناحية أحوالهم الشخصية وإمكاناتهم المادية، ويجري اختيار التلاميذ الأكثر احتياجاً وفقاً لقائمة محضّرة مسبقاً.
وعن تمويل المشاريع، توضح أنّ جميع المشاريع تمول من خلال تبرعات فاعلي الخير من السوريين، سواء كانت تبرعات عامة، أو زكاة، أو صدقات، أو من خلال تبرعات من تجمعات لسيدات وغيرها. وتضيف أنّ كلّ هذه التبرعات تتم من خلال معارف فردية "بنيت على مدى سنوات من الثقة المتبادلة ومن خلال مشاهدتهم مدى نجاح وجدوى أعمالنا ووضوح توثيق تلك التبرعات وطرق صرفها". أما عن المشاريع المنجزة، فتشير نهار إلى أنّ أكثرها مدارس ورياض أطفال، كما نفذت حملات إغاثية كثيرة وتمويل مشاريع صغيرة لعشرات العاطلين من العمل والأشخاص ذوي الإعاقة، ليتمكنوا من إعالة أنفسهم، بالإضافة إلى إنشاء مكتبات ومركز دعم اجتماعي ومركز كمبيوتر ودورات تمريض ولغات وتطوير وتدريب سيدات، وهناك كذلك خيم تعليمية كوسيلة إضافية للتلاميذ المحتاجين. وتتابع: "ساهمنا بالتعاون مع منظمات أخرى بتجهيز مخيمات، وحالياً نعمل على تجهيز مخيم كامل يتألف من خمسين خيمة بكامل فرشها وتجهيزاتها، كون المنظمات غافلة عن إقامة هذا النوع من المشاريع".
اقــرأ أيضاً
وعن العوائق التي تواجه المشاريع، تكشف نهار أنّ هناك صعوبات كبيرة، أبرزها ضعف الموارد وعدم توفر تمويل مستمر. تتابع: "لا نستطيع الاستمرار بتنفيذ المشاريع من دون تمويل كافٍ. يعطل ضعف الموارد تنفيذ المشاريع على نطاق كبير، ويُكتفى بالشكل الضيق، أو يجري التوجه فقط إلى المشاريع الصغيرة من الأساس". تضيف: "عند توقف الدعم يتوقف المشروع، ونعجز أحياناً عن الاستمرار بالتمويل. وهناك صعوبات أخرى، مثل الغلاء وإمكانية التعرض لخطر الفساد أحياناً والهدر، وأيضاً عدم القدرة على البدء بمشاريع دائمة إلا بعد الحصول على موافقات من الجهات المسيطرة على الأرض. هناك أيضاً صعوبة في الحصول على تمويل مستمر، كما أنّ قلة الموارد تؤدي إلى عدم الإعلان والترويج للنشاطات واقتصارها على التوثيق والإعلام الممول فقط". تختم نهارꓽ "مهما كان التمويل بسيطاً لم أتوقف يوماً عن العمل في المبادرات والمشاريع. خطتي المقبلة البحث عن مصادر مستمرة لإنشاء فريق عمل محترف في الداخل. الجهود ستنصب على مجالي الدعم الاجتماعي والتعليم تحديداً".
الأكثر حاجة
في خصوص المشاريع التطوعية الفردية، هناك عشرات من الأشخاص الذين يقومون مثلها بمشاريع لمساعدة النازحين في الداخل السوري وتقديم كلّ ما في استطاعتهم تقديمه من مساعدات، إذ يقوم عدد منهم بالتبرع من ماله الخاص لعائلات محتاجة، فيما يقوم البعض الآخر بإرسال مساعدات عينية، سواء بشكل مباشر للأسر المحتاجة أو من خلال تقديمها لمنظمات. الصحافية راما العبوش، من بين السيدات اللواتي يقمن بأعمال تطوعية من خلال مبادرات فردية. تؤكد العبوش لـ"العربي الجديد"، أنّ فكرة تطوعها الفردية وُلدت بسبب تعاطفها مع الأوضاع المأساوية التي يعيشها السوريون في الداخل السوري، إذ تشير إلى أنّهم الأحق بالمساعدة، وهي تحاول من خلال وجودها في تركيا تقديم كلّ ما تستطيع للتخفيف عن أهلها بالداخل. تتابع العبوش أنّ مبادرتها بدأت من فكرة التبرع بملابسها وملابس طفلتها من خلال إرسالها إلى مناطق الداخل السوري. وأيضاً طرحت الفكرة على المقربين منها، لكنّها لم تلق اهتماماً كبيراً لديهم، فاستمرت بتنفيذها من خلال جمع ملابسها وملابس عائلتها ومن خلال شراء ملابس المحلات التجارية التي تعلن عن تنزيلات من أجل شراء أكبر كمّ من الملابس. تضيف العبوش: "ما شجعني على الاستمرار بتنفيذ فكرتي وجود منظمة تتولى توضيب الملابس وتجهيزها وإرسالها الى مستحقيها".
في مدينة إدلب، شمالي سورية، أسست مجموعة من الشباب فريقاً تطوعياً لتلبية حاجات الناس في المنطقة بعد توقف معظم المنظمات الإنسانية عن العمل في محافظة إدلب. التقت "العربي الجديد" مؤسس إحدى الفرق التطوعية، وهو أحمد قطيع، الذي يؤكد أنّ فكرة تأسيس الفريق جاءت نتيجة تزايد احتياجات الناس في محافظة إدلب بسبب تزايد أعداد النازحين وتوقف 90 في المائة من المنظمات عن الدعم في المحافظة. وعن المشاريع التي نفذها الفريق، يكشف أنّهم تولوا عدة حملات، من بينها ما خصص لإفطار الصائمين بشكل سنوي في شهر رمضان، بالإضافة الى تأمين تكاليف عمليات جراحية لبعض العائلات الفقيرة، كما يتولون مشاريع تتعلق بتجهيز بيوت للنازحين، بالإضافة إلى تأمين ملابس لهم، خصوصاً في فترة الأعياد. يضيف قطيع: "نعتمد من خلال عملنا على معايير محددة لقبول الحالات بحسب الأكثر حاجة".
وعن آلية تأمين الدعم للمشاريع، يلفت قطيع إلى أنّ التمويل يتمّ عن طريق التبرعات، إما من خلال معارف أو من خلال نشر إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "كما تقدم لنا بعض الجمعيات تبرعات لتنفيذ بعض المشاريع"، مبيناً أنّ فريقه يقوم حالياً بمشروعين لتجهيز بيوت للنازحين بالإضافة إلى حملة تدفئة للمحتاجين، و"هي حملة نتولى تنفيذها سنوياً في بداية فصل الشتاء".
اقــرأ أيضاً
بالرغم من وجود عدد من المنظمات الإنسانية والمبادرات التطوعية من أجل تلبية احتياجات الناس في الشمال السوري، فالمأساة التي يعيشها الناس هناك، خصوصاً أنّ من بينهم عدداً كبيراً من النازحين بسبب ما خلّفه قصف النظام على مناطقهم، تجعل الاحتياجات في تلك المنطقة أكبر بكثير من كمية الدعم الذي تقدمه المنظمات وأكبر من قدرة المبادرات الفردية على استيعاب كلّ الحالات الإنسانية.
يعيش السكان في الشمال السوري واقعاً إنسانياً مريراً بسبب الحرب الروسية ــ الأسدية عليهم، وبسبب الكثافة السكانية الكبيرة نتيجة النزوح وغياب بنى تحتية وندرة فرص العمل، وما زاد من سوء هذا الواقع توقف معظم المنظمات الدولية عن العمل في تلك المنطقة، الأمر الذي دفع بالكثير من الأشخاص للقيام بمبادرات فردية وجماعية من أجل المساهمة بتخفيف العبء، ولو جزئياً، عن سكان تلك المناطق.
أسوان نهار، المقيمة بمدينة إسطنبول التركية، هي مؤسسة ومديرة فريق "رؤيا" التطوعي القائم على أساس الدعم الاجتماعي والتعليم للسوريين في الداخل، تقول لـ"العربي الجديد"ꓽ "بدأت بالعمل التطوعي في بداية الثورة من مكان إقامتي في دبي، وقد جاءتني فكرة التطوع لأنّه لم يكن باستطاعتي تقديم أيّ شيء آخر للثورة السورية"، موضحة أنّها بدأت بعدد من الأعمال التطوعية في المناطق الساخنة التي كانت تتعرض للقصف في بداية الثورة، ثم انتقلت لمساعدة السوريين في المخيمات بالأردن من خلال زيارة المستشفيات والمرضى وتقديم المساعدات لهم، كما أنشأت هناك مركزاً لتعليم الحاسوب ومكتبة لمبتوري الأطراف. تتابع نهارꓽ "في عام 2013 توجهت للعمل التطوعي في الغوطة الشرقية وأسست فريق نور لكسر الحصار، بهدف التخفيف عن السوريين المحاصرين في الغوطة من خلال تقديم المساعدات الطبية ومشاريع تهدف إلى تمكين النساء هناك".
تبرعات
أما عن النشاطات الحالية، فتقول نهار إنّها أسست فريق "رؤيا" التطوعي لتقديم المساعدات في الشمال السوري الذي يركز على مجالات الدعم الاجتماعي والتعليم، موضحة أنّها تقوم حالياً بدراسة إقامة مخيمات للمهجّرين بالإضافة إلى التكفل بدراسة تلاميذ المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى تأمين كفالة للطلاب الجامعيين، وإعادة فتح مكتبات ومراكز تدريب ودعم اجتماعي، وكلّ هذه المشاريع تصبّ في إطار دعم قطاع التعليم في الشمال السوري.
تتحدث نهار عن كيفية التحكم بالمشروع، إذ توضح أنّ ذلك يكون عن طريق التواصل عن بعد عبر وسائل التواصل الرقمية، وهو ما يتطلب توافر شبكة متصلة دائماً على مدى 24 ساعة لاحتمال وجود حالات طوارئ ومستجدات في أيّ لحظة. وتضيف أنّ كلّ هذا التواصل يجري عن طريق مجهود فردي منها، وأحياناً تجري الاستعانة بمتطوعين، يمكن أن يتقاضى بعضهم مكافآت مقابل عملهم. أما بالنسبة للمعلمين والعاملين، فقد اعتاد الفريق على توفير رواتب مستمرة لهم.
بالنسبة لتأمين كفالات دراسية للتلاميذ غير القادرين على متابعة تحصيلهم الدراسي، قالت نهار إنّها عند ورود حالات من هذا النوع، تجري الاستعانة بشبان متطوعين يقومون بدراسة هذه الحالات لناحية أحوالهم الشخصية وإمكاناتهم المادية، ويجري اختيار التلاميذ الأكثر احتياجاً وفقاً لقائمة محضّرة مسبقاً.
وعن تمويل المشاريع، توضح أنّ جميع المشاريع تمول من خلال تبرعات فاعلي الخير من السوريين، سواء كانت تبرعات عامة، أو زكاة، أو صدقات، أو من خلال تبرعات من تجمعات لسيدات وغيرها. وتضيف أنّ كلّ هذه التبرعات تتم من خلال معارف فردية "بنيت على مدى سنوات من الثقة المتبادلة ومن خلال مشاهدتهم مدى نجاح وجدوى أعمالنا ووضوح توثيق تلك التبرعات وطرق صرفها". أما عن المشاريع المنجزة، فتشير نهار إلى أنّ أكثرها مدارس ورياض أطفال، كما نفذت حملات إغاثية كثيرة وتمويل مشاريع صغيرة لعشرات العاطلين من العمل والأشخاص ذوي الإعاقة، ليتمكنوا من إعالة أنفسهم، بالإضافة إلى إنشاء مكتبات ومركز دعم اجتماعي ومركز كمبيوتر ودورات تمريض ولغات وتطوير وتدريب سيدات، وهناك كذلك خيم تعليمية كوسيلة إضافية للتلاميذ المحتاجين. وتتابع: "ساهمنا بالتعاون مع منظمات أخرى بتجهيز مخيمات، وحالياً نعمل على تجهيز مخيم كامل يتألف من خمسين خيمة بكامل فرشها وتجهيزاتها، كون المنظمات غافلة عن إقامة هذا النوع من المشاريع".
وعن العوائق التي تواجه المشاريع، تكشف نهار أنّ هناك صعوبات كبيرة، أبرزها ضعف الموارد وعدم توفر تمويل مستمر. تتابع: "لا نستطيع الاستمرار بتنفيذ المشاريع من دون تمويل كافٍ. يعطل ضعف الموارد تنفيذ المشاريع على نطاق كبير، ويُكتفى بالشكل الضيق، أو يجري التوجه فقط إلى المشاريع الصغيرة من الأساس". تضيف: "عند توقف الدعم يتوقف المشروع، ونعجز أحياناً عن الاستمرار بالتمويل. وهناك صعوبات أخرى، مثل الغلاء وإمكانية التعرض لخطر الفساد أحياناً والهدر، وأيضاً عدم القدرة على البدء بمشاريع دائمة إلا بعد الحصول على موافقات من الجهات المسيطرة على الأرض. هناك أيضاً صعوبة في الحصول على تمويل مستمر، كما أنّ قلة الموارد تؤدي إلى عدم الإعلان والترويج للنشاطات واقتصارها على التوثيق والإعلام الممول فقط". تختم نهارꓽ "مهما كان التمويل بسيطاً لم أتوقف يوماً عن العمل في المبادرات والمشاريع. خطتي المقبلة البحث عن مصادر مستمرة لإنشاء فريق عمل محترف في الداخل. الجهود ستنصب على مجالي الدعم الاجتماعي والتعليم تحديداً".
الأكثر حاجة
في خصوص المشاريع التطوعية الفردية، هناك عشرات من الأشخاص الذين يقومون مثلها بمشاريع لمساعدة النازحين في الداخل السوري وتقديم كلّ ما في استطاعتهم تقديمه من مساعدات، إذ يقوم عدد منهم بالتبرع من ماله الخاص لعائلات محتاجة، فيما يقوم البعض الآخر بإرسال مساعدات عينية، سواء بشكل مباشر للأسر المحتاجة أو من خلال تقديمها لمنظمات. الصحافية راما العبوش، من بين السيدات اللواتي يقمن بأعمال تطوعية من خلال مبادرات فردية. تؤكد العبوش لـ"العربي الجديد"، أنّ فكرة تطوعها الفردية وُلدت بسبب تعاطفها مع الأوضاع المأساوية التي يعيشها السوريون في الداخل السوري، إذ تشير إلى أنّهم الأحق بالمساعدة، وهي تحاول من خلال وجودها في تركيا تقديم كلّ ما تستطيع للتخفيف عن أهلها بالداخل. تتابع العبوش أنّ مبادرتها بدأت من فكرة التبرع بملابسها وملابس طفلتها من خلال إرسالها إلى مناطق الداخل السوري. وأيضاً طرحت الفكرة على المقربين منها، لكنّها لم تلق اهتماماً كبيراً لديهم، فاستمرت بتنفيذها من خلال جمع ملابسها وملابس عائلتها ومن خلال شراء ملابس المحلات التجارية التي تعلن عن تنزيلات من أجل شراء أكبر كمّ من الملابس. تضيف العبوش: "ما شجعني على الاستمرار بتنفيذ فكرتي وجود منظمة تتولى توضيب الملابس وتجهيزها وإرسالها الى مستحقيها".
في مدينة إدلب، شمالي سورية، أسست مجموعة من الشباب فريقاً تطوعياً لتلبية حاجات الناس في المنطقة بعد توقف معظم المنظمات الإنسانية عن العمل في محافظة إدلب. التقت "العربي الجديد" مؤسس إحدى الفرق التطوعية، وهو أحمد قطيع، الذي يؤكد أنّ فكرة تأسيس الفريق جاءت نتيجة تزايد احتياجات الناس في محافظة إدلب بسبب تزايد أعداد النازحين وتوقف 90 في المائة من المنظمات عن الدعم في المحافظة. وعن المشاريع التي نفذها الفريق، يكشف أنّهم تولوا عدة حملات، من بينها ما خصص لإفطار الصائمين بشكل سنوي في شهر رمضان، بالإضافة الى تأمين تكاليف عمليات جراحية لبعض العائلات الفقيرة، كما يتولون مشاريع تتعلق بتجهيز بيوت للنازحين، بالإضافة إلى تأمين ملابس لهم، خصوصاً في فترة الأعياد. يضيف قطيع: "نعتمد من خلال عملنا على معايير محددة لقبول الحالات بحسب الأكثر حاجة".
وعن آلية تأمين الدعم للمشاريع، يلفت قطيع إلى أنّ التمويل يتمّ عن طريق التبرعات، إما من خلال معارف أو من خلال نشر إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "كما تقدم لنا بعض الجمعيات تبرعات لتنفيذ بعض المشاريع"، مبيناً أنّ فريقه يقوم حالياً بمشروعين لتجهيز بيوت للنازحين بالإضافة إلى حملة تدفئة للمحتاجين، و"هي حملة نتولى تنفيذها سنوياً في بداية فصل الشتاء".
بالرغم من وجود عدد من المنظمات الإنسانية والمبادرات التطوعية من أجل تلبية احتياجات الناس في الشمال السوري، فالمأساة التي يعيشها الناس هناك، خصوصاً أنّ من بينهم عدداً كبيراً من النازحين بسبب ما خلّفه قصف النظام على مناطقهم، تجعل الاحتياجات في تلك المنطقة أكبر بكثير من كمية الدعم الذي تقدمه المنظمات وأكبر من قدرة المبادرات الفردية على استيعاب كلّ الحالات الإنسانية.