يشكو طلاب وطالبات سوريون في الشمال السوري من معوّقات مختلفة تصعّب عليهم متابعة دراستهم الجامعية. ومن تلك العراقيل، إلى جانب المخاطر الأمنية الدائمة، تكلفة النقل وكذلك السكن
لا تبدو أمور الطلاب ميسّرة في الشمال السوري، من نواحٍ مختلفة. فإلى جانب الحرب الدائرة في البلاد وما تخلّفه من عراقيل لعموم المواطنين، تبقى للطلاب خصوصيّتهم حتى في الأزمات. ويعاني هؤلاء من جرّاء أزمة النقل نظراً إلى عدم توافر وسائل كافية من جهة، وإلى ارتفاع أجورها من أخرى. كذلك تأتي أزمة السكن مع ارتفاع بدلات الإيجار، تُضاف إليها أزمة أخرى تتعلّق بسكن الطالبات على وجه الخصوص.
عائشة مصطفى طالبة في جامعة إدلب، تقول لـ"العربي الجديد": "أسكن في جبل الزاوية، بالتالي إنّ المسافة التي تفصل ما بين منزلنا وجامعتي تُقدَّر بنحو 25 كيلومتراً". تضيف: "أستقلّ الحافلة للتوجّه إلى الجامعة أربعة أيام في الأسبوع، وأسدّد يومياً ألف ليرة سورية (نحو دولارَين أميركيَّين) بسبب عدم توافر وسائل نقل عام"، مؤكدة أنّ "هذا مبلغ كبير بالنسبة إليّ كطالبة". وتشير عائشة إلى أنّ "من غير الممكن بالنسبة إليّ أن أنتقل للعيش في مدينة إدلب، بهدف التوفير، فسكن فتاة بعيداً عن أسرتها غير مقبول اجتماعياً". كذلك تتحدّث عن "مخاوف دائمة ترافقني، سواء التعرّض للقصف أو قطع حركة السير أو تفويت الحافلة التي تعيدني إلى المنزل بعد انتهاء المحاضرات".
ميساء طالبة أخرى تتابع دراستها في جامعة إدلب، تخبر "العربي الجديد" وقد فضّلت عدم الكشف عن اسم شهرتها، أنّها تعيش في قرية مصيبين. تضيف أنّ "قريتي تبعد عن الجامعة نحو 15 دقيقة فقط، لكنّ الذهاب في سيارة أجرة يستغرق نحو نصف ساعة أو أكثر بقليل"، لافتة إلى أنّ "دوامي في الأسبوع أربعة أيام، وأجرة النقل هي 800 ليرة (نحو 1.6 دولار) في اليوم، لكنّها قد تزيد بحسب تقلّب سعر المازوت. وفي بعض الأحيان، أتأخّر في العودة إلى المنزل بسبب عدم التزام سيارة الأجرة بوقت محدد، علماً أنّها وسيلة النقل الوحيدة المتاحة". وتتابع قائلة إنّ "السكن بالقرب من الجامعة أفضل بكثير لي، إذ إنّه يوفّر عليّ الوقت والتعب، وكذلك يجنّبني الخطر المحتمل على الطريق، لكنّ الأمر لا يجوز في مجتمعنا، بالإضافة إلى أنّه مكلف مادياً".
اقــرأ أيضاً
بدورها تؤكد جميلة عبد الله، الطالبة في جامعة إدلب، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النقل إلى الجامعة همّ يومي، يبدأ من توفير أجرة النقل، فألف ليرة يومياً مبلغ كبير بالنسبة إلى العائلة، خصوصاً أنّ لديّ إخوة وأخوات يتابعون دراستهم كذلك في الجامعات والمدارس". تضيف أنّ "النقل ليس متوافراً دائماً، خصوصاً أنّ منطقتنا مستهدفة من قبل الطيران الحربي. لذلك، يجب عليّ حجز سيارة أجرة كلّ يوم بيومه"، لافتة إلى أنّ "الوضع الاقتصادي من جهة أخرى لا يسمح بفتح بيت جديد في إدلب، حيث ترتفع بدلات الإيجار".
من جهته، يتحدّث زياد بيطار، وهو طالب في جامعة أعزاز يسكن في إدلب، لـ"العربي الجديد"، عن "معاناة كبيرة في ما يتعلق بالنقل من معظم المناطق إلى جامعة أعزاز، بسبب تكلفة النقل المرتفعة جداً، خصوصاً بعد غلاء المازوت". ويشرح: "على سبيل المثال، الانتقال من مدينة الدانا إلى مدينة أعزاز يكلّف ثلاثة آلاف ليرة (نحو ستّة دولارات) ذهاباً وإياباً، وألفَي ليرة (نحو أربعة دولارات) ذهاباً فقط. أمّا من إدلب إلى أعزاز، فيتكلّف الطالب خمسة آلاف ليرة ذهاباً وإياباً (نحو 10 دولارات). ومع هذه المبالغ يُعَدّ من المستحيل على الطالب الذهاب إلى الجامعة يومياً". هل السكن في أعزاز يُعَدّ حلاً؟ يجيب زياد بأنّ "فكرة السكن هنا مستبعدة بالنسبة إلى كثيرين، بسبب الإيجارات المرتفعة جداً، فبدل إيجار منزل يراوح ما بين 100 و125 دولاراً كحدّ وسط، علماً أنّ سماسرة العقارات يطلبون مقدّماً قيمة إيجار ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى قيمة شهر كأتعاب. تُضاف إلى ذلك قيمة الضمان التي تراوح ما بين 50 و100 دولار. وهو ما يعني أنّ الطالب يحتاج إلى نحو 500 دولار أميركي إذا كان يفكّر في استئجار منزل".
ويلفت زياد إلى أنّ "زملاء كثيرين توقّفوا عن الالتحاق بالدوام، أو تخلّوا كلياً عن الدراسة، على خلفية تكاليف النقل المرتفعة التي تأتي لتُضاف إلى مصاريف أخرى وقسط الجامعة". ويكمل بأنّ "ثلاث سيارات أجرة تعمل على خط النقل، والعناء كبير على الطريق، إذ تستغرق الرحلة ثلاث ساعات، وهذا ما يضطرنا إلى الانطلاق عند الفجر حتى نصل إلى الجامعة في الساعة التاسعة صباحاً، علماً أنّ سيارة الأجرة لا تنطلق إلا إذا حُجزت بالكامل. كذلك، لا بدّ لنا من العودة قبل الساعة الرابعة من بعد الظهر، حتى نتجنّب أيّ طارئ، إذ إنّ المعبر قد يغلق أو قد يوقف أحد الحواجز حركة السير. فثمّة ستة حواجز عسكرية تابعة لأطراف عدّة على الطريق".
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول مدير المكتب الإعلامي في جامعة إدلب، وسيم الخلف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسألة النقل، خصوصاً بعد أزمة المحروقات الأخيرة، وفي ظل العمليات العسكرية الحالية، صارت مرهقة للجميع، والطلاب كذلك. فقد ارتفعت بدلات النقل تماماً، كما ارتفعت أسعار كل شيء". يضيف أنّ "الجامعة تحاول تخفيض التكلفة قدر المستطاع على الطلاب، ففي العامَين الماضيَين، وُقّعت عقود مع سائقين لنقل الطلاب ببدلات مخفّضة بنسبة 40 في المائة، ونعمل اليوم على توقيع عقود مماثلة للعام الدراسي الجاري. كذلك تشيّد الجامعة مشروع سكن جامعي سيتّسع لـ 500 طالبة مجاناً، على الرغم من مواردها المحدودة، فلا جهات داعمة، الأمر الذي يجعلها تعتمد على ما يسدّده الطلاب من أقساط". ويشير إلى أنّ "الطلاب المسجلين في جامعة إدلب العام الماضي بلغ عددهم 15 ألفاً و400 طالب وطالبة، من بينهم نحو 1500 طالب منقطعين عن الدراسة. وهذا العام، تسجّل ثلاثة آلاف طالب جديد، علماً أنّ نسبة الإناث من بين الطلاب تصل إلى نحو 65 في المائة".
عائشة مصطفى طالبة في جامعة إدلب، تقول لـ"العربي الجديد": "أسكن في جبل الزاوية، بالتالي إنّ المسافة التي تفصل ما بين منزلنا وجامعتي تُقدَّر بنحو 25 كيلومتراً". تضيف: "أستقلّ الحافلة للتوجّه إلى الجامعة أربعة أيام في الأسبوع، وأسدّد يومياً ألف ليرة سورية (نحو دولارَين أميركيَّين) بسبب عدم توافر وسائل نقل عام"، مؤكدة أنّ "هذا مبلغ كبير بالنسبة إليّ كطالبة". وتشير عائشة إلى أنّ "من غير الممكن بالنسبة إليّ أن أنتقل للعيش في مدينة إدلب، بهدف التوفير، فسكن فتاة بعيداً عن أسرتها غير مقبول اجتماعياً". كذلك تتحدّث عن "مخاوف دائمة ترافقني، سواء التعرّض للقصف أو قطع حركة السير أو تفويت الحافلة التي تعيدني إلى المنزل بعد انتهاء المحاضرات".
ميساء طالبة أخرى تتابع دراستها في جامعة إدلب، تخبر "العربي الجديد" وقد فضّلت عدم الكشف عن اسم شهرتها، أنّها تعيش في قرية مصيبين. تضيف أنّ "قريتي تبعد عن الجامعة نحو 15 دقيقة فقط، لكنّ الذهاب في سيارة أجرة يستغرق نحو نصف ساعة أو أكثر بقليل"، لافتة إلى أنّ "دوامي في الأسبوع أربعة أيام، وأجرة النقل هي 800 ليرة (نحو 1.6 دولار) في اليوم، لكنّها قد تزيد بحسب تقلّب سعر المازوت. وفي بعض الأحيان، أتأخّر في العودة إلى المنزل بسبب عدم التزام سيارة الأجرة بوقت محدد، علماً أنّها وسيلة النقل الوحيدة المتاحة". وتتابع قائلة إنّ "السكن بالقرب من الجامعة أفضل بكثير لي، إذ إنّه يوفّر عليّ الوقت والتعب، وكذلك يجنّبني الخطر المحتمل على الطريق، لكنّ الأمر لا يجوز في مجتمعنا، بالإضافة إلى أنّه مكلف مادياً".
بدورها تؤكد جميلة عبد الله، الطالبة في جامعة إدلب، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النقل إلى الجامعة همّ يومي، يبدأ من توفير أجرة النقل، فألف ليرة يومياً مبلغ كبير بالنسبة إلى العائلة، خصوصاً أنّ لديّ إخوة وأخوات يتابعون دراستهم كذلك في الجامعات والمدارس". تضيف أنّ "النقل ليس متوافراً دائماً، خصوصاً أنّ منطقتنا مستهدفة من قبل الطيران الحربي. لذلك، يجب عليّ حجز سيارة أجرة كلّ يوم بيومه"، لافتة إلى أنّ "الوضع الاقتصادي من جهة أخرى لا يسمح بفتح بيت جديد في إدلب، حيث ترتفع بدلات الإيجار".
من جهته، يتحدّث زياد بيطار، وهو طالب في جامعة أعزاز يسكن في إدلب، لـ"العربي الجديد"، عن "معاناة كبيرة في ما يتعلق بالنقل من معظم المناطق إلى جامعة أعزاز، بسبب تكلفة النقل المرتفعة جداً، خصوصاً بعد غلاء المازوت". ويشرح: "على سبيل المثال، الانتقال من مدينة الدانا إلى مدينة أعزاز يكلّف ثلاثة آلاف ليرة (نحو ستّة دولارات) ذهاباً وإياباً، وألفَي ليرة (نحو أربعة دولارات) ذهاباً فقط. أمّا من إدلب إلى أعزاز، فيتكلّف الطالب خمسة آلاف ليرة ذهاباً وإياباً (نحو 10 دولارات). ومع هذه المبالغ يُعَدّ من المستحيل على الطالب الذهاب إلى الجامعة يومياً". هل السكن في أعزاز يُعَدّ حلاً؟ يجيب زياد بأنّ "فكرة السكن هنا مستبعدة بالنسبة إلى كثيرين، بسبب الإيجارات المرتفعة جداً، فبدل إيجار منزل يراوح ما بين 100 و125 دولاراً كحدّ وسط، علماً أنّ سماسرة العقارات يطلبون مقدّماً قيمة إيجار ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى قيمة شهر كأتعاب. تُضاف إلى ذلك قيمة الضمان التي تراوح ما بين 50 و100 دولار. وهو ما يعني أنّ الطالب يحتاج إلى نحو 500 دولار أميركي إذا كان يفكّر في استئجار منزل".
ويلفت زياد إلى أنّ "زملاء كثيرين توقّفوا عن الالتحاق بالدوام، أو تخلّوا كلياً عن الدراسة، على خلفية تكاليف النقل المرتفعة التي تأتي لتُضاف إلى مصاريف أخرى وقسط الجامعة". ويكمل بأنّ "ثلاث سيارات أجرة تعمل على خط النقل، والعناء كبير على الطريق، إذ تستغرق الرحلة ثلاث ساعات، وهذا ما يضطرنا إلى الانطلاق عند الفجر حتى نصل إلى الجامعة في الساعة التاسعة صباحاً، علماً أنّ سيارة الأجرة لا تنطلق إلا إذا حُجزت بالكامل. كذلك، لا بدّ لنا من العودة قبل الساعة الرابعة من بعد الظهر، حتى نتجنّب أيّ طارئ، إذ إنّ المعبر قد يغلق أو قد يوقف أحد الحواجز حركة السير. فثمّة ستة حواجز عسكرية تابعة لأطراف عدّة على الطريق".
في السياق، يقول مدير المكتب الإعلامي في جامعة إدلب، وسيم الخلف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسألة النقل، خصوصاً بعد أزمة المحروقات الأخيرة، وفي ظل العمليات العسكرية الحالية، صارت مرهقة للجميع، والطلاب كذلك. فقد ارتفعت بدلات النقل تماماً، كما ارتفعت أسعار كل شيء". يضيف أنّ "الجامعة تحاول تخفيض التكلفة قدر المستطاع على الطلاب، ففي العامَين الماضيَين، وُقّعت عقود مع سائقين لنقل الطلاب ببدلات مخفّضة بنسبة 40 في المائة، ونعمل اليوم على توقيع عقود مماثلة للعام الدراسي الجاري. كذلك تشيّد الجامعة مشروع سكن جامعي سيتّسع لـ 500 طالبة مجاناً، على الرغم من مواردها المحدودة، فلا جهات داعمة، الأمر الذي يجعلها تعتمد على ما يسدّده الطلاب من أقساط". ويشير إلى أنّ "الطلاب المسجلين في جامعة إدلب العام الماضي بلغ عددهم 15 ألفاً و400 طالب وطالبة، من بينهم نحو 1500 طالب منقطعين عن الدراسة. وهذا العام، تسجّل ثلاثة آلاف طالب جديد، علماً أنّ نسبة الإناث من بين الطلاب تصل إلى نحو 65 في المائة".