فلسطينيون بتقاعد مبكر يعودون إلى الشارع

03 أكتوبر 2019
تكررت اعتصامات المتقاعدين منذ عام 2017 (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -
يعود ملف التقاعد المبكر لموظفين في السلطة الفلسطينية إلى الواجهة مجدداً، مع حراك المتقاعدين العسكريين عامي 2017 و2018، المتواصل منذ الرابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، أمام مجلس الوزراء الفلسطيني في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، للموظفين العسكريين المحالين للتقاعد القسري. يشرح جمال كنعان لـ"العربي الجديد"، وهو من مخيم بلاطة في نابلس، شمال الضفة الغربية، حاله وأسرته بعدما أحيل إلى التقاعد في الأول من يناير/ كانون الثاني 2018، من عمله في جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، بعد 15 عاماً من الخدمة، فهو ينتظر مولوده الخامس خلال أيام، لكنّ وضعه المالي صعب، فهو يحصل الآن، كما يقول، على 63 في المائة من راتبه. يقول كنعان: "تقدمت بطلب التقاعد المبكر بعدما فتح الباب، على قاعدة أنّي سأحصل على 70 في المائة من الراتب، وسأحصل على حقوق مالية أخرى توفر لي العيش الكريم، وفق ما أبلغتني به إدارتي المركزية في مدينة رام الله، لكنّي اليوم أندم على هذا القرار".

تعود أزمة المتقاعدين العسكريين إلى العام 2017 حين أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بقانون بشأن التقاعد المبكر لقوى الأمن سمح لمن يريد وفق شروط معينة أن يطلب التقاعد المبكر، ونص على ألا يقل الراتب التقاعدي عن 70 في المائة من الراتب الخاضع للتقاعد.

من اعتصام الضباط المتقاعدين الحالي (العربي الجديد) 


احتجاجات المتقاعدين العسكريين ليست جديدة، وعددهم في الضفة الغربية، كما صرح الناطق باسمهم ماهر برهم، لـ"العربي الجديد"، نحو 4 آلاف متقاعد، وفق شروط مرسوم الرئيس لعام 2017، لكنّهم قرروا كما يؤكد العودة إلى الاحتجاج الذي أوقفوه مع بدء الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية بسبب احتجاز أموال المقاصة، وعادوا للاحتجاج بعد انفراجة قليلة في الأزمة المالية وحلّ أزمة أموال ضريبة الوقود. ويؤكد برهم أنّ مطالب الحراك هي تنفيذ مرسوم الرئيس عباس الذي ينصّ على أنّ راتب التقاعد هو 70 في المائة من آخر راتب للمتقاعد، والالتزام بمنحة بقيمة 300 شيقل (86 دولاراً) شهرياً تحت مسمى "منحة الرئيس" وصرف مكافأة نهاية الخدمة، واحتساب تلك المكافأة منذ بداية التوظيف أو الاعتماد الوظيفي وليس منذ العام 2006 كما هي الحال الآن، وكذلك صرف بدل غلاء معيشة.



منسق الحراك في محافظة سلفيت، جهاد حسني، يصف ما حصل لـ"العربي الجديد": "غرر بنا ونصب الفخ لنا، حين تم إبلاغنا بالتقاعد في إبريل/ نيسان 2017، وذلك باجتماعات من قبل إداراتنا في الأجهزة الأمنية على قاعدة 70 في المائة من آخر راتب، وحين تقاعدنا سألنا عن المبالغ التي يجري صرفها لنا كرواتب وهي ما دون 70 في المائة، وجرى إبلاغنا بأنّ هذه التسليفات هي إلى حين اكتمال الأمور الإدارية، لكن في النهاية لم يحصل ما وعدنا به".

المتقاعد أيمن فرعونية، يقول لـ"العربي الجديد": "القانون كان يسمح لنا بالعدول عن التقاعد خلال ثلاثة أشهر، لكن حين استفسرنا من هيئة التقاعد جاءتنا الإجابة بأنّ ما يصرف لنا هو سلفة، فانتظرنا وانتهت الأشهر الثلاثة، ولم يعد باستطاعتنا العودة".

على الشارع الرئيس القريب من هيئة التقاعد في مدينة البيرة اعتصم قرابة 150 من المتقاعدين في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، مطالبين بتطبيق قرار الرئيس محمود عباس، ثم انطلقت مسيرة نحو مقر الهيئة، وهناك خرج رئيس هيئة التقاعد ماجد الحلو، داعياً المعتصمين إلى قاعة داخل المبنى، وأكد بعد نقاشات حادة أنّ الهيئة ستناقش لجنة المتقاعدين بمطالبها، وقال للمحتجين: "نحن نشعر بالألم الذي تعانون منه والمأساة التي تعانون منها، كلّ مطلب نسمعه منكم سنناقشه بعقلانية، وكلّ مطلب نستطيع جدولته معكم سنقوم به". الحلو لم يتطرق في حديثه سوى لمطلب واحد متعلق بصرف مكافأة نهاية الخدمة مؤكداً أنّ عدم صرفه يعود لعدم القدرة على الصرف، مشيراً إلى أنّ الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة بسبب مواجهة صفقة القرن ورفض الإملاءات الإسرائيلية والأميركية، ووعد بنقاش المطالب.



"حراك المتقاعدين العسكريين الجدد 2017 - 2018" ليس الاحتجاج الوحيد بملف التقاعد حالياً، فمنذ الرابع من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، يواصل عدد من المحالين إلى التقاعد القسري اعتصاماً على جانب رصيف الطريق القريب من مجلس الوزراء في رام الله، فنحو ثلاثين من المتقاعدين يتناوبون على الحضور ليل نهار، ويؤكدون استمرارهم في الاعتصام حتى تحقيق مطلبهم بالعودة إلى رأس عملهم. الضابط خالد أبو جورة، المحال إلى التقاعد من جهاز الاستخبارات العسكرية، واحد ممن يعتصمون عند مجلس الوزراء، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ الاجتماعات مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وقيادات من حركة فتح، وموظفين في مجلس الوزراء لم تسفر عن حلّ لقضيتهم، مشيراً إلى أنّ الوعود المتتالية التي لم تطبق هي التي دفعت الضباط للاعتصام الدائم عند الرصيف.