يسبب غياب الرقابة على تجارة الأدوية في العراق انفلاتا واضحا في عمليات تداول الدواء وتوزيعه التي باتت خاضعة لرغبات تجار ومندوبي البيع في العراق.
ويلقي أحمد فتحي، وهو صاحب صيدلية في شارع السعدون ببغداد، باللائمة على مندوبي بيع الأدوية في مسألة انتشار الدواء الفاسد، مؤكدا لـ "العربي الجديد" ، أن "بعض المندوبين الذين يجولون على الصيدليات لترويج المنتوجات الدوائية المستوردة يمثلون إحدى أبرز مافيات الفساد التي تتلاعب بأرواح العراقيين".
يضيف "قبل أيام اكتشفت أن أحد أدوية القولون الذي زودني به مندوب بيع أدوية أتعامل معه منذ ثلاث سنوات كان فاسدا ومنتهي الصلاحية"، مبينا أن "المندوب زوّر تاريخ انتهاء الصلاحية بأختام محلية تصنع في سوق مريدي ببغداد".
ويتابع "نحن كأصحاب صيدليات نتعرض غالباً للإحراج من قبل المرضى حين يقولون لنا إن أدويتنا لم تأت بمفعول"، موضحاً أن "المسبب الحقيقي لذلك هو الجهة التي تزودنا بالدواء وليس نحن".
أما الحاجّة علية كريدي، فتقول إنها اضطرت للسؤال عن مكان أحد مندوبي بيع الأدوية المعروفين في بغداد للحصول على علاج لغسيل الكلى بحوزته، مبينة في حديث لـ "العربي الجديد" أنها حصلت عليه بالفعل لكن بسعر غال جدا.
وتضيف "كنا نحصل على هذا الدواء من مستشفى الكرامة ببغداد ومستشفيات أخرى، إلا أن هذا العلاج اختفى فجأة"، مؤكدة أن إحدى الممرضات نصحتها بالحصول عليه من أحد المندوبين الذي يحتفظ بكميات كبيرة منه يخزنها ليبيعها خلال فترة اختفائها من المستشفيات بأسعار عالية. وتتابع "بالفعل حصلت عليه من أجل ابنتي المريضة والتي تحتاج إلى غسيل الكلى المتكرر"، موضحة أنها اضطرت لبيع جزء من أثاث منزلها لتوفير ثمن الدواء.
ولا ينكر الطبيب فالح عبد الرزاق "وجود سوق سوداء للدواء في بغداد تتلاعب بأسعار الأدوية، لا سيما تلك المتعلقة بالأمراض الخطيرة كالسرطان، والتي يضطر المرضى لشرائها مهما كانت أثمانها"، مبينا في حديث لـ "العربي الجديد" ، أن "التقصير بالدرجة الأساس يأتي من وزارة الصحة العراقية، والأجهزة الرقابية التابعة للدولة".
ويوضح أن المرضى يبلغونه أنهم في أكثر الأحيان يحصلون على الأدوية من أشخاص عاديين لا يمتلكون شهادات لممارسة الطب أو الصيدلة"، مضيفا "المصيبة الكبرى أن الأدوية بدأت تباع على الأرصفة في منطقتي الباب الشرقي والباب المعظم على بعد مئات الأمتار من مقر وزارة الصحة العراقية، وذلك مؤشر خطير يهدد أرواح المرضى الذين أصبحوا بين مطرقة تجار السوق السوداء والمندوبين، وسندان غياب الرقابة".
وفي السياق، يقول موظف في دائرة صحة بغداد إن بعض المعلومات التي وردت للدائرة أفادت بقيام بعض المذاخر(مخازن أو مستودعات) بتصنيع علب أدوية محليا في العراق، تعبأ بأدوية رديئة المنشأ، وتسوّق على أنها أدوية منسوبة لماركات عالمية شهيرة"، موضحاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن هذا الأمر وغيره من أمور المتاجرة بمعاناة المرضى يجري في بغداد بعلم الجميع، إلا أن الرقابة ما تزال غائبة.