مخيمات "خربة الجوز" نحو الأسوأ

18 يوليو 2018
هل اعتادا العيش هنا؟ (محمد النجار/ Getty)
+ الخط -
تستمرّ معاناة النازحين السوريين في المخيّمات المنتشرة على امتداد الأراضي السورية. لم تتغيّر ظروف هؤلاء وما زالوا يفتقدون الخدمات الأساسية، في وقت ترتفع نسبة البطالة

يعيش مئات آلاف النازحين في مخيّمات تنتشر على طول الأراضي السورية، في ظل أوضاع إنسانية صعبة. مضى على وجود عشرات الآلاف فيها نحو خمس سنوات، من دون أي تحسن في حياتهم أو أمل بالعودة إلى منازلهم، حتى أصبحوا يشعرون أنهم منسيّون.

يقول أبو محمد (55 عاماً)، وهو نازح من جسر الشغور، لـ "العربي الجديد": "نزحنا إلى مخيم قرب خربة الجوز قبل نحو أربع سنوات، ونعاني وضعاً إنسانياً صعباً للغاية. اليوم، بعد مرور كل هذه السنوات، ما زلنا نحاول الاحتماء بالخيمة، وترميمها بما يتوفر لدينا من شوادر ونايلون وبطانيات وغيرها". يضيف: "نعاني من جرّاء تردّي الواقع الخدماتي. لا يوجد صرف صحي، عدا عن النقص في مياه الشرب، وتردي واقع التعليم والصحة، في وقت ترتفع نسبة البطالة".

من جهته، يقول إبراهيم، وهو نازح من اللاذقية إلى أحد مخيمات خربة الجوز: "نحن منسيّون هنا. يوماً بعد آخر، تزداد الأوضاع سوءاً في ظل تراجع الدعم وغياب المنظمات الإنسانية. تعاني المنطقة من جراء الفقر. طوال السنوات الأخيرة، لم تفكّر أي منظمة أو دولة في تأمين فرص عمل أو مشاريع تنموية. نحن شبه محاصرين والحركة لدينا محدودة".



يضيف: "نعاني أوضاعاً معيشيّة صعبة منذ نحو أربع سنوات. يومياً، لدينا مهمات شاقة لتأمين مياه الشرب والطعام. حتى أنّ قضاء الحاجة يتطلب منا الوقوف في طوابير طويلة". ويلفت إلى أن "إحدى أكبر المشاكل التي نعاني منها هي عدم توفر فرص للعمل. وفي حال توفر العمل، فالأجور متدنية جداً، ولا يمكن أن تكفي العائلة". يضيف: "العوز المادي يدفع كل أفراد العائلة للعمل بما هو متوفر، من القتال ضمن الفصائل، وقطع الأشجار ونقل الحطب، والزراعة، إلى أعمال البناء في حال وجدت. وغالباً ما يقتصر أي عمل على أيام فقط".

في السياق، يقول مدير صفحة خربة الجوز إدلب الإعلامية، مجدي فيضو، لـ "العربي الجديد": أحد أقدم المخيمات التي أقيمت في مزارع خربة الجوز وعلى الشريط الحدودي هو مخيم صلاح الدين. يقدّم صورة عن مختلف المخيمات في المنطقة، ويضم 650 عائلة قدمت من جبل الأكراد وجسر الشغور وجبل التركمان، إضافة إلى اللاذقية". يضيف: "إحدى المنظمات تقوم على تأمين المياه وجمع القمامة وتأمين وصيانة المراحيض. في حين تعدّ المساعدات الغذائية ضعيفة جداً، ولا توجد منظمات توزع المواد الغذائية بشكل دوري. هناك منظمة توزع المساعدات الغذائية بشكل متقطع، وتخصّها لأسر الشهداء والأرامل. كما توزع الخبز على المخيمات يومي السبت والثلاثاء". ويبيّن أن "تأمين الكهرباء في المخيمات يعتمد على مولدات الكهرباء الخاصة، لكن ما من منظمات تدعم هذه المولدات أو أسعار الوقود، ما يحمّل الأهالي عبئاً مادياً".

الوضع مأساوي في المخيمات (محمد النجار/ Getty) 


من جهته، يقول الناشط الإعلامي محمد الشامي، من خربة الجوز في ريف جسر الشغور في إدلب، لـ "العربي الجديد": "تعيش مخيمات خربة الجوز بشكل عام، والممتدة من منطقة الحمبوشية حتى منطقة الزوف مروراً ببلدتي عين البيضا وخربة الجوز، أوضاعاً إنسانية صعبة مع استمرار فترات النزوح. وعلى الرغم من أنها أقيمت منذ خمس سنوات تقريباً، إلا أن موجات النزوح إليها زادت بعد التدخل الروسي في منطقة ريف اللاذقية وريف جسر الشغور الغربي في عام 2015".



يضيف: "يعيش في تلك المخيمات نحو 12 ألف نسمة، يتوزعون ضمن مخيمات عشوائية في منطقة جغرافية صعبة التضاريس والمناخ. الطرقات ضيقة وما من صرف صحي. وترتفع درجات الحرارة خلال فصل الصيف إلى ما يزيد على 40 درجة مئوية، ويكثر انتشار الحشرات والأفاعي. وفي الشتاء، تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير وتكثر مستنقعات المياه والطين".

ويلفت إلى أن "نسبة البطالة تكون مرتفعة بين أهالي المنطقة، خصوصاً سكان المخيمات. ويقدر بعضهم النسبة بأكثر من 60 في المائة. أما أولئك الذين يعملون، فإما لجأوا إلى صفوف الفصائل المسلحة، أو المنظمات الإنسانية والمدنية. وهناك فئة تعمل في التجارة من خلال بسطات أو محال تجارية، إضافة إلى مهن أخرى كالنجارة والبناء".

وحول واقع الخدمات، يقول الشامي: "في ما يخص الخدمات الصحية، وبعد جهود متواصلة
على مدى سنوات، نجحنا في تأمين المستلزمات الطبية لتلك المخيمات من مستشفى ومراكز طبية وصولاً إلى حملات تلقيح مستمرة، وذلك من دون مقابل مادي في معظم الأحيان. إلا أن تلك المراكز الطبية ما زالت تفتقر إلى التخصصات مثل الجراحين، أو أطباء الأمراض السرطانية والعيون والقلب".



يتابع الشامي: "في ما يخص التعليم، فإن غالبية المدارس المتوفرة ضمن تلك المخيمات هي عبارة عن بيوت جاهزة في أحسن الأحوال، أو خيم أو بيوت ذات جدار من النايلون أو الشوادر أو الصفيح. وتفتقر غالبيتها إلى مدرسين من أصحاب الخبرة، إضافة إلى نقص الاحتياجات اللوجستية التعليمية من كتب مدرسية وقرطاسية، التي غالباً ما تؤمن من خلال مساعدات".

ويلفت إلى "وجود أزمة تعليمية من جراء التسرّب المدرسي في ظل أجواء الحرب التي يعيشونها، وتوجه جزء منهم للعمل ضمن الأسواق لتأمين تكاليف الحياة المعيشية اليومية لعائلاتهم". ويذكر أن "احتياجات أهل المنطقة، منهم سكان المخيمات، تُؤمَّن من خلال محال تجارية وبسطات، تجلب بضاعتها من إدلب وحماة وحلب".

ويذكر الشامي أن "دور المنظمات الإنسانية ضعيف جداً، سواء تعلق الأمر بالمساعدات العينية كالمواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات، أو المالية التي تقدم للعائلات الفقيرة والأيتام الذين فقدوا آباءهم في الحرب السورية، وتبلغ قيمتها نحو 50 دولاراً أميركياً، ولا تكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية".
المساهمون