تجلس آية على "كرسي متحرك" تحرّك يديها النحيفتين وآثار المرض بادية عليهما، تارة تخطّ في ورقة بيضاء أحلامها، وتارة تلعب بالهاتف النقال، وعيناها تتعقبان شقيقتها الكبرى وهي تتحرك بكل عفوية في كل أرجاء البيت وتلعب مع أخويها.
تُعبّر آية عن حزنها الشديد لحالتها وتقول، لـ"العربي الجديد"، أريد أن أذهب للمدرسة كي أصبح طبيبة في المستقبل، وأن أتحرك دون كرسي لألعب في الشارع مع أولاد الجيران.
ولا تخفي آية حرقتها وألمها حينما تسمع بعض العبارات من الأطفال وأبناء الجيران الذين ينعتونها بالمقعدة والعاجزة عن الحركة.
ويوضح عبد المحمّد، والد الطفلة آية، لـ"العربي الجديد"، أن ابنته أصيبت بمرض الثلاسيميا في الشهر الرابع من عمرها، وهاجمتها الأمراض فيما بعد، حيث اضطر الأطباء لاحقا إلى إزالة طحالها وعمرها لم يتجاوز الخمس سنوات، الأمر الذي أدّى إلى ضعف المناعة في جسدها بشكل كبير.
ويتابع بمرارة: "مؤخرا في إحدى جلسات نقل الدم لآية، ونتيجة الأوضاع الطبية السّيئة، انتقل فيروس "سي" إلى جسدها ليزيد من معاناتها، ويتسبب لها في مرض الكبد".
وأُصيبت أيضا آية، وفق إفادة والدها، بقصور في الصمام الأيمن للقلب، وقصور في الكلى، وهشاشة في العظام، وهي الآن مقعدة غير قادرة على الحركة.
واشتكى عبد المحمّد من الأوضاع المزرية، خاصة أنهم نازحون من قرية شيزر في ريف حماة هربا من قوات النظام إلى قرية الشريعة في ريف حماة الغربي. وأوضح أن طفلته بحاجة إلى فحص وتحاليل بشكل دائم، بالإضافة إلى إجراء عمليّة جراحية، ويُمكن إجراؤها في تركيا في حال تلقت المساعدة.
فيما تحدّث الطبيب أيمن عبد الكريم عبود، مدير مركز الثلاسيميا في سهل الغاب بريف حماة الغربي، عن حالة الطفلة آية حيث يقومون بالذهاب إلى منزلها من أجل نقل الدم لها، وذلك يعود إلى حالتها المُزرية.
وأضاف أن الطفلة بحاجة إلى فحوصات غير متوفرة في المنطقة، ويجب نقلها إلى مكان آخر لإجراء الفحوصات والمعاينة، مشيرا إلى أنّ وضعها الصحي يزداد سوءا.
وتُعرف الثلاسيميا باسم مرض "فقر دم الحوض الأبيض المتوسط"، وهي مرض وراثي يُصيب خلايا الدم بحيث تقل نسبة الهيموغلوبين، وهو مركب مسؤول عن نقل الأكسجين في الدَّم، كما يتسبب بانخفاض في عدد كريات الدَّم الحمراء.
وبحسب مختصّين، عندما تقل نسبة الهيموغلوبين في الدم تكثر نسبة كريات الدم الحمراء الميتة، وهو ما يستدعي إجراء تغيير في الدم، ومع الزمن يتسبب المرض بهشاشة في العظام.
وقد يكون الشخص حاملاً لجينات المرض ولا يكون مصاباً به فلا تظهر الأعراض عليه، وينقل هذا المرض لأبنائه، ويمكن إجراء فحص للجينات عن طريق عمل خريطة جينية لمعرفة ذلك، قبل الزواج.