حرستا... مدينة سورية جديدة على أعتاب التهجير

19 مارس 2018
أهالي حرستا مهددون بالتهجير (فيسبوك)
+ الخط -
باتت مدينة حرستا السورية أقرب إلى التهجير من كل مدن وبلدات الغوطة الشرقية، خاصة بعد إحكام قوات النظام الحصار عليها، وعزلها عن باقي المناطق، وخصوصا مدينة دوما شمالاً وحي جوبر وعين ترما وعربين جنوباً.

وتكتسب حرستا، الواقعة شرقي العاصمة دمشق وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط منها، أهمية استراتيجية لوقوعها على طريق دمشق– حلب الدولي، ما جعلها في واجهة الصدام مع النظام الذي تمر أرتاله العسكرية عبر هذا الطريق.

قدر عدد سكان المدينة عند اندلاع الثورة السورية عام 2011، بأكثر من 350 ألفا، وتراجع على مدى السنوات إلى قرابة 15 ألف مدني فقط، يتخذ أغلبهم الأقبية كمساكن بسبب كثافة القصف الذي تتعرّض له مدينتهم.

لم تتأخر المدينة عن ركب الثورة السورية رغم قربها الشديد من العاصمة، ومع تواتر الأحداث، تعرضت حرستا لحملات عسكرية متعددة، منها الحملة التي نفذتها الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في شهر يونيو/حزيران 2011، حينما حوصرت المدينة بشكل كامل وقطعت عنها الكهرباء والمياه، وتعرضت لعمليات دهم واسعة طاولت عدداً كبيراً من الناشطين المعارضين.

وتحيط بالمدينة مواقع عسكرية مهمة للنظام، كإدارة المركبات، ومشفى حرستا العسكري، ومقار الفرقة الرابعة في جبل الضاحية، ومنطقة مساكن الشرطة التي أصبحت منطقة عسكرية محصنة منذ العام الأول للثورة.

خلال السنتين الأولى والثانية من الثورة، بدأت الحواجز العسكرية بالانتشار داخل المدينة وفي محيطها، فبدأ أبناؤها بحمل السلاح لمقاومة عنف عناصر الحواجز، فتمّ تشكيل عدّة كتائب عسكرية محلية.

وفي عام 2017، انضم لواء "فجر الأمة"، أكبر فصائل المدينة آنذاك لحركة "أحرار الشام"، والتي تسيطر على المدينة حتى الآن، ويقدّر عدد عناصرها بنحو خمسة آلاف مقاتل، وقاد هؤلاء معركة ضد إدارة المركبات أكبر معاقل النظام في المنطقة نهاية 2017، انتهت بحصارها وقتل عشرات من عناصرها.

ومع تفرّغ قوات النظام للغوطة الشرقية، بدأت حملة لاقتحام حرستا بداية من منطقة المرج، وخلال تلك الحملة كانت حرستا ومدن أخرى في الغوطة تتعرض لقصف عنيف، وفي 11 مارس/آذار الحالي، تمكّنت قوات النظام من شطر الغوطة الشرقية إلى ثلاثة أقسام، وكانت حرستا وحيدة في الشطر الغربي، لتتعرض بعد ذلك لقصف مركز، ما اضطر أهلها للتفاوض مع النظام من أجل إخراج المدنيين.

ووفقاً لناشطين محليين، فإن لجنة من الأهالي وافقت على إجلاء المسلحين وعائلاتهم، ومن يرغب من المدنيين، نحو شمال سورية، تمهيداً لدخول قوات النظام، ليصبح مصير المدينة كمصير غيرها من المدن السورية التي أفرغها النظام من سكانها.

وحول الوضع الحالي، يقول الناشط الإعلامي أبو محمد الحرستاني، لـ"العربي الجديد"، إن "الواقع المعيشي في المدينة سيئ، خاصة بعد الحصار الأخير وعزل المدينة عن الغوطة، ومعظم المدنيين يعيشون في الملاجئ، ولا يستطيعون مغادرتها بسبب القصف الجوي والصاروخي".

ويضيف أن "المواد الغذائية والطبية شبه معدومة بسبب الحصار الذي فرض على المدينة، والحصار الطويل الذي تخضع له الغوطة الشرقية كلها منذ سنوات. المدنيون ينتظرون حلاً يخرجهم آمنين من الحصار، خاصة بعد تهديدات قوات النظام باجتياح المنطقة إن لم يقبل المقاتلون الخروج".

ويقول الناشط الطبي، محمود أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "النشاط الطبي شبه متوقف في المدينة، وعمليات الطبابة باتت تقتصر على الإسعافات الأولية، بينما لا مجال لعلاج الحالات الصعبة أو الحرجة بسبب كثافة القصف الذي استهدف النقاط الطبية والمستشفيات. كما أن الأدوية محدودة للغاية أو غائبة، وأصبح المسعفون يستخدمون بدائل بدائية للإسعافات، بينها استخدام الأقمشة بدلاً من الشاش الطبي".

المساهمون