الزواج لم يعد أولوية في الكويت

23 اغسطس 2017
يستمتعون بيومهم (ياسر زيات/ فرانس برس)
+ الخط -
يمثّل الشباب أكثر من 60 في المائة من تعداد الشعب الكويتي، بحسب إحصائيات وزارة الدولة لشؤون الشباب. إلّا أن نصف هؤلاء الشباب من الذكور والإناث اختاروا العزوف عن الزواج، أو الانتظار حتى سنّ متأخرة، بحسب دراسات رسمية كويتيّة. وكشفت دراسة أكاديمية أعدّتها كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، أن نسبة العزوف عن الزواج بلغت مستويات قياسية، للمرة الأولى في تاريخ المجتمع الكويتي. وأفادت بأن 31 في المائة من الكويتيين الذكور لم يتزوجوا، فيما بلغت النسبة لدى الإناث 19 في المائة.

وأشارت الدراسة التي أعدّها عميد الكلية، حمود القشعان، إلى أن العزوف عن الزواج بين الشباب هو عزوف إرادي، خصوصاً مع زيادة التحرر من القرار العائلي وتنامي القرارات الشخصية لدى الشباب. وبحسب الإدارة المركزية للإحصاء، فإن مؤشر الزواج بقي ثابتاً خلال السنوات الـ15 الأخيرة، في مقابل زيادة عدد السكان بنسبة 20 في المائة، ما يعني تراجعاً في نسبة الزواج، الأمر الذي يعزوه الباحثون الاجتماعيون إلى زيادة الدخل، والتحرر من القيم العائلية والمجتمعية بين الشباب.

ويقول رئيس "مركز الشفاء للاستشارات الأسرية"، عبد العزيز العويد، لـ "العربي الجديد": "الانفتاح الذي حدث للمجتمع، خصوصاً الشباب، جعل من الثروة الشخصية والحصول على منصب مهم في المجتمع والتحصيل الأكاديمي، أولوية، وهي أمور يعيقها الزواج، ما قد يؤدي إلى تأخره". يضيف أن تأخر سن الزواج إلى ما بعد الثلاثين له سلبيات وإيجابيات. من إيجابياته، نضوج شخصية الزوجين، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة الطلاق.

ويعزو الشباب الكويتي عزوفهم عن الزواج إلى رغبتهم في بناء حياة مستقلة، والسعي إلى عالم ريادة الأعمال المتنامي في الكويت. يقول أحمد معرفي، وهو رجل أعمال ومبرمج كمبيوتر، لـ "العربي الجديد": "بعد شهرين، أبلغ 29 من العمر، ولم أفكر في الزواج بعد. ما أركز عليه هو تنمية شركة التسويق الخاصة بي وتسييرها بشكل أفضل. وإذا ما تزوجت في الوقت الحالي، فلن أكون قادراً على الاهتمام بأسرتي".

من جهتها، تقول عائشة، وهي دبلوماسية كويتية، لـ "العربي الجديد": "طبيعة عملي لا تسمح لي بالزواج الآن. كدبلوماسية مبتدئة، أتنقل بين البلدان كل سنتين، قبل أن أستقر في بلد معين، ولا أعتقد أن بإمكاني الزواج الآن". تضيف: "تفكير النساء في الكويت هذه الأيام اختلف عن تفكيرهن في السابق. سابقاً، كان الزواج هو الطموح، إضافة إلى تنشئة وتربية أسرة. أما اليوم، فإن المرأة الكويتية عادت إلى مكانها الطبيعي، وصارت تزاحم الرجل على المناصب والقيادة".



وتقول كوثر (27 عاماً)، وهي مدرسة لغة عربية: "لا أشعر برغبة في الزواج الآن. بالطبع أتعرض لضغوط هائلة من والدتي للزواج. لكن كل ما في الأمر أنني لا أشعر بأنني في حاجة إلى زوج. يمكن للمرأة اليوم تدبر حاجاتها بنفسها.

تجدر الإشارة إلى أن في مجلس الأمة الكويتي عددا من النساء غير المتزوجات، وهو مؤشر اعتبره الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد، دليلاً على أن العزوف عن الزواج في الكويت لا يرتبط بمسألة غلاء المهور أو عدم القبول المجتمعي، كما هو الحال في البلدان العربية الأخرى. يضيف أنّ "هؤلاء الأشخاص الذين عزفوا عن الزواج ناجحون في عملهم ومقبولون اجتماعياً ويملكون ثروة كبيرة، لكنهم فضّلوا العزوف عنه رغبة في مطاردتهم لأحلامهم الشخصية، الأمر الذي لا يقتصر على الكويت فحسب". يضيف أن "قيم العائلة وإنشاء أسرة تشهد تراجعاً كبيراً في جميع الدول، خصوصاً الدول الصناعية المتقدمة".

في المقابل، اختار حسين الشمري الزواج خلال دراسته الجامعية. يقول لـ "العربي الجديد": "أنا سعيد بزواجي وبأسرتي بالطبع. تخرجت وبات لدي طفلان ونجحت في حياتي المهنية. لكن لو سألتني إذا ما كنت نادماً على الزواج بشكل مبكر، سأجيبك نعم، لأن الزواج أعاقني بشكل أو بآخر عن عيش الحياة في سن العشرينيات. والزمن اليوم صار مختلفاً عن السابق. قبل ثلاثين عاماً مثلاً، كان الشخص الذي يبلغ الثانية والعشرين من دون زواج، يعد عانساً".
من جهته، يوضح الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، راشد العازمي، لـ "العربي الجديد"، أن الشريعة الإسلامية واضحة بشأن الزواج. فمن تمكن مالياً ونفسياً وجسدياً من الزواج، عليه أن يتزوج وينشئ أسرة. أما من فقد عاملاً من هذه العوامل، فليس عليه الزواج. كما أن ظاهرة العزوف عن الزواج بين الشباب قد تدخل في باب أنهم غير مؤهلين نفسياً، خصوصاً مع الوفرة المادية والمعيشية في الكويت. أما من توفرت له هذه العوامل ولم يتزوج، فهو آثم بلا شك".

وتقدّم الكويت تسهيلات كبيرة للمواطن الكويتي الذي يتزوج من مواطنة كويتية. وتمنحه الحكومة مهراً يقدّر بـ4000 دينار كويتي (نحو 13 ألف دولار) لا تسترد، كما تقدم له قرضاً بقيمة 2000 دينار (نحو 6600 دولار) من دون فوائد. وتتعهد بتقديم أرض سكنية له كمنحة مع قرض يصل إلى 100 ألف دينار (أكثر من 300 ألف دولار) لبناء بيت مع زيادة راتبه الحكومي.

المساهمون