أطباء سعوديون مستاؤون

13 مايو 2017
مستشفى في السعودية (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأت وزارة الصحّة السعوديّة العمل للحدّ من انتقال الكوادر الطبيّة المؤهّلة إلى المستشفيات الخاصّة، خصوصاً في التخصّصات النادرة، والتي زادت أخيراً، بسبب تدنّي معدّل الأجور، إضافة إلى الإغراءات التي تقدّمها المستشفيات الخاصة. وأكّدت أنّها رصدت انتقالاً غير مسبوق للكوادر الطبيّة المؤهّلة، ما سيؤثّر على مستوى تقديم الخدمات الصحية في المنشآت والمرافق التابعة لها.

وحدّدت الوزارة 12 سبباً لهذا التسرّب، أبرزها ضعف المحفزّات الماليّة، والعوائق الإدارية، والنظم الطبيّة، وعدم حماية الأطباء، وغياب المحفزّات العلمية، وعدم وجود استقرار في بيئة العمل. وتشير مصادر مطّلعة في وزارة الصحّة لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ ضعف الرواتب والمكافآت التي يحصل عليها العاملون في القطاع الصحي، وضغط العمل، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وعدم وضوح الأنظمة الطبية وغيرها تزيد من صعوبة عمل الأطباء في هذه المرافق.

من جهته، يقول الطبيب فهد القميزي، إنّ المتّهم الأوّل هو الكادر الطبي الجديد الذي بدأ العمل قبل نحو عام، وقد ساهم في تراجع رواتب الأطباء بشكل كبير، خصوصاً من أصحاب التخصّصات النادرة. ويقول لـ "العربي الجديد": "انخفضت رواتب الأطباء بنسبة كبيرة، لدرجة أنها لا تُقارن بما يدفعه القطاع الخاص. ففي وقت يكسب الاستشاري في القطاع الخاص ما لا يقل عن 70 ألف ريال شهرياً (نحو 18 ألف دولار)، لا يزيد راتب الطبيب في المستشفى الحكومي عن ثلاثين ألفاً (نحو ثمانية آلاف دولار). كذلك، ما من استقرار في بيئة العمل، نتيجة وجود أنظمة غريبة وغير مدروسة، ما أدى إلى مغادرة عدد كبير من الأطباء المرافق العامة".




ويلفت القميزي إلى "انعدام الأمان بسبب تلك الأنظمة، وعدم أهليّة عدد كبير من العاملين في الوظائف الإدارية القياديّة، ما أدّى إلى خلافات كبيرة بينهم وبين الأطباء، خصوصاً رؤساء الأقسام". ويستغرب عدم تحرّك وزارة الصحة إلا أخيراً، بعدما زاد العدد. ويقول: "بدأ كبار الأطباء التخلّي عن وزارة الصحة، والتحول إلى قطاعات تقدّم رواتب ومحفّزات أكبر. لكن الوزارة لم تتحرك، ولم تحاول إيجاد الحلول للحد من هذه المشكلة، حتى بات الأمر خارج نطاق السيطرة".

وتقول طبيبة سعودية رفضت الكشف عن اسمها أن حصر أسباب انتقال الأطباء بالمال يعدّ تجنّياً على الحقيقة، وتجاهلاً للأسباب الكثيرة التي تقود الأطباء إلى الاستقالة. وتوضح لـ "العربي الجديد": "للأسف، هناك سوء تعامل في الإدارات مع الكادر الطبي، وهي تصنّف الأطباء بحسب المحسوبيّة، وليس بحسب المهارة والخبرة، خصوصاً في الترشّح للدورات التدريبية، ما ينعكس سلباً على العمل ومستقبل الطبيب. وحين يلاحظ الطبيب أن الإدارة تهمشّه لأسباب لا علاقة لها بالمهنية، فهو يفضل الابتعاد عن هذا الجو المشحون". تضيف: "تعرّضت لظلم كبير من مدير المستشفى الذي أعمل فيه، وقدمت شكاوى رسمية عدة للوزارة. لكن للأسف، لم ينظر فيها أحد. لم أجد حلاً غير الاستقالة والعمل في أحد المستشفيات الخاصة. لحسن حظّي، حصلت على راتب أكبر بكثير من الذي كنت أتقاضاه في المستشفى الحكومي".



وتؤكّد الطبيبة، أنّ الراتب الأعلى لم يكن الدافع الأوّل والأهم بالنسبة إليها، لافتة إلى أن المشكلة تتمثّل في بيئة العمل التي لم تعد مناسبة لها على الإطلاق". تضيف: "المشكلة الأكبر تتمثّل في تعنّت إدارات المستشفيات التي تتعامل مع الأطباء على أنّهم يؤدون عملاً روتينياً وليس عملاً إنسانياً"، لافتة إلى أن الإدارات لم تتدرب على هذا الأمر. بالتالي، تكثر نسبة انتقال الأطباء، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تدني مستوى الخدمة الطبية".

وبحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة السعودية، يبلغ عدد الأطباء في السعودية 56 ألفاً و159 طبيباً، منهم 22 ألفاً و534 طبيباً سعودياً، في وقت يبلغ عدد أطباء الأسنان 13 ألفاً و502 طبيب. ويبلغ عدد العاملين في مجال التمريض 172 ألفاً و483 ممرضاً، نسبة السعوديين منهم نحو 38 في المائة. ويبلغ عدد الصيادلة 23 ألفاً و624 صيدلياً، فيما تبلغ نسبة السعوديين 21 في المائة فقط.

في المقابل، يبلغ عدد الأطباء العاملين في القطاعات الصحية التابعة للجهات الحكومية الأخرى 16 ألفاً و419 طبيباً من بينهم أطباء الأسنان)، منهم ثمانية آلاف و257 طبيباً سعودياً، ما يعني أن نسبة السعوديين هي نحو 50 في المائة.

ويبلغ عدد أطباء الأسنان ألفاً و283 طبيباً، منهم 906 أي بنسبة 70 في المائة. ويقدّر عدد الصيادلة بنحو ألفين و132 صيدلياً، منهم ألف و355 صيدلياً سعودياً، أي بنسبة 63.6 في المائة. وبلغ عدد العاملين في التمريض 35 ألفاً و119 ممرضاً وممرضة، منهم ستة آلاف و385 سعودياً، أي بنسبة 81.2 في المائة. وبلغ عدد العاملين في القطاعات المساعدة 27 ألفاً و627 شخصاً، منهم 18 ألفاً و781 سعودياً.

دلالات
المساهمون