استمع إلى الملخص
- تأثيرات الحرب تشمل تسرب المواد الكيميائية، تلوث المياه، وانتشار الأمراض، مما يعكس العلاقة بين الأنشطة البشرية المضرة وتفاقم الظواهر المناخية القاسية.
- الدكتور عبد القادر الخراز يؤكد على الضرر البيئي الناتج عن الحرب، مشيرًا إلى تأثيرها على المحميات الطبيعية، التنوع البيولوجي، ومشاريع الصرف الصحي، مما يعكس التحديات الكبيرة في الحفاظ على البيئة.
اختبر الصحافي معاذ ناجي المقطري (43 عاماً) وأبناء شعبه الحرب التي اندلعت في بلده اليمن منذ مارس/ آذار 2015، وتداعياتها على مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية، لكنّه فكّر في قطاع غضّ الجميع نظرهم عنه، وهو أثر الحرب وفداحة أضرارها على البيئة وتغير المناخ.
وحين كان شباب اليمن ومثقفوه يتحدثون في الشأن السياسي، اختار المقطري منحى آخر وانشغل بقضايا تغيّر المناخ، وقرر أن يلفت الأنظار إلى أثر الحرب على البيئة والمناخ، ليؤسس مركزاً خاصاً تحت اسم "المركز اليمني للإعلام الأخضر" (YGMC) كي يخلق مساحة أوسع لتفاعل الجمهور مع قضايا المناخ والبيئة.
العلاقة الاعتمادية بين الأنشطة الاجتماعية المضرة بالبيئة وحدّة الظواهر المناخية القاسية التي تجلت بالتواتر الملحوظ للكوارث الطبيعية، الناجمة عن تغير المناخ المتسارع، وخصوصاً السيول الجارفة والأعاصير المدمرة التي ضربت اليمن بشكل متكرر، ولا سيما خلال السنوات العشر الأخيرة التي سادها جحيم الحرب والأزمة الإنسانية التي تحكمت في البلاد، كانت ملهمة للمقطري لتأسيس مركزه.
وعن تجربته، يتحدث المقطري لـ"العربي الجديد" قائلاً: "عكست المقاربة بين صورتين لوادي الضحى في بلدتي بريف تعز مستوى تعرض اليمن للمخاطر البيئية والمناخية إلى حد مقلق للغاية، فهي إلى تزايد مستمر منذ عام 2010، وتساهم مخاطر الصراع وغيرها في مدى تعرض اليمن لتلك المخاطر".
بالنسبة لتأثيرات الحرب في اليمن على البيئة والمناخ، يوضح أن هناك تأثيرات متعددة ومتداخلة ولها أوجه كثيرة، إلا أن البيئة ليست موجودة على رأس هرم السلطة في ظل الحرب. وتسببت الحرب في اليمن بانبعاث الغازات السامة جراء استخدام الأسلحة والمتفجرات، بالإضافة إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء. كذلك ساهمت في تفشي الكثير من الأمراض، أبرزها الكوليرا الذي تفشّى في اليمن، ليسجل 2000 حالة وفاة في عام 2017، في ظل نزوح عدد كبير من السكان إلى مناطق غير آمنة للعيش فيها، بالإضافة إلى انتشار الملاريا وحمى الضنك.
يُضاف إلى ما سبق تسرب المواد الكيميائية إلى التربة والمياه الجوفية في مناطق زراعة الألغام والمتفجرات، بالإضافة إلى إحراق القمامة داخل المدن وفي مناطق قريبة من السكان، في ظل انبعاث الغازات السامة والخطيرة منها.
كما أثرت الحرب في اليمن على السكان وتسببت بهجرة قسرية من معظم المناطق. ويقول الخبير البيئي والرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة اليمنية الدكتور عبد القادر الخراز، لـ "العربي الجديد": "يأتي تأثير الحرب على المحميات الطبيعية وخصوصاً المواقع الحساسة بيئياً، حين تستخدم كمواقع لزرع الألغام، كما تقوم جماعة أنصار الله (الحوثيين) بزرع الكثير من الألغام في المناطق الحساسة بيئياً في البحر، ما يؤثر على التنوع الحيوي، سواء من خلال نفوق أسماك أو كائنات بحرية أو هجرتها من المناطق أو حملها لسموم في أجسامها وأنسجتها".
كما يتحدث عن الصيد غير القانوني واصطياد الكثير من الكائنات والحيوانات النادرة، على غرار النمر العربي، وهناك أيضاً ما يتعلق بتلوث المياه نتيجة الحرب، والتأثير على التربة وتلوث الهواء. وفيما يتعلق بتغير المناخ، يتحدث عن الأعاصير والفيضانات التي ضربت البلاد، ما أثر على الأنواع النادرة كما حصل في سقطرى، حيث اقتلعت أشجار دم الأخوين. هناك أيضاً تعثر للبرامج الخاصة بتغير المناخ والحفاظ على البيئة في ظل الحرب والفساد، حتى إنه لا يُستفاد من التمويل.
ويشير إلى ما يتعلق بأنشطة بعض المنظمات الدولية التي أثرت على البيئة من خلال الفساد الذي تمارسه جراء البرامج غير ذات الكفاءة أو تسليمها لأشخاص غير مؤهلين، الأمر الذي أثر على البيئة، مثل مشاريع الصرف الصحي. فبدلاً من أن تقوم المنظمات بمشاريع تنموية، اكتفت بمشاريع طارئة وأعدت دراسات غير ذي فائدة، وأنشأت محطات معالجة لا تتناسب مع الكثافة السكانية.
وفي ما يتعلق بعدن أو مأرب ومحطات الصرف الطارئة، يقول الخراز إن المياه ملوثة وغير معالجة، ما أدى إلى تلوث الكثير من الأراضي الزراعية في مأرب، وتلوث الفرشاة المائية (موارد مائية باطنية ناتجة عن تسرب مياه التساقطات الى طبقات القشرة الأرضية أو تلك الموروثة) في المناطق القريبة من هذه المحطة. وفي عدن، تؤثر الفيضانات على مشاريع الصرف الصحي جراء الأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى اختلاطها وطوفانها في الشوارع. وبعضها يذهب إلى البحر مباشرة، ولهذا تأثيرات على البيئة والمناخ في اليمن.
ويوضح أنه "بالنسبة للغازات الناتجة عن مخلفات الحرب، فهناك الغازات الدفيئة التي تزداد وتيرتها وتؤثر على المناخ مع الحرب، منها ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهذه لها آثارها الصحية والبيئية. هناك غازات أو مواد سامة جراء مخلفات الحرب قد تؤثر على الصحة".