عرب فرنسا يتبادلون الهدايا ليلة الميلاد

24 ديسمبر 2017
عيد الميلاد في فرنسا (فريدريك فلوران/ فرانس برس)
+ الخط -
يختار بعض العرب القاطنين في فرنسا الاحتفال بليلة عيد الميلاد على طريقتهم. قد يكتفي البعض بتبادل الهدايا، فيما يحرص آخرون على الالتزام بكل تفاصيلها، وقد أصبحوا فرنسيين. ويبقى لليلة رأس السنة رهجة خاصة

لعيدي الميلاد ورأس السنة تأثير على الجاليات العربية في فرنسا، والغرب عموماً. ولا تستطيع عائلات كثيرة أن تبقى غير مبالية حيالهما. تقول مريم، وهي أرملة جزائرية وأم لثلاث أبناء أصغرهم في العاشرة من عمره، إنها "لا تقوم بشيء استثنائي في ليلة 25 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. عادة ما لا تعد أطباقاً خاصة. أما في ليلة رأس السنة، فتقصد مطعماً مع أبنائها وصديقتها، وتستقبل العام الجديد في جادة الشانزليزيه".

سامي العلمي، وهو طفل مغربي، يريد وضع شجرة ميلاد في البيت، كتلك التي يراها في بيوت الفرنسيين. يقول والده جواد: "اشترينا شجرة ميلاد ووضعناها في البيت، إضافة إلى هدية". وتقول والدته لطيفة، وهي ممرضة: "لا نريد أن يشعر الصغير أنه محروم من أشياء يحصل عليها أصدقاؤه. وحين يكبر، سيدرك أن بابا نويل ليس حقيقة، وليس هو من يجلب الهدايا". يوضح الأب أن أشقاءه لم يطلبوا شيئاً، لافتاً إلى أنهم درسوا في مدرسة غالبية تلاميذها من الأقليات، من عرب وأفارقة وصينيين، بعكس الصغير الذي يدرس في مدرسة كاثوليكية، وهذا ما يفسر الأمر.

أما سميرة التونسية، التي تربي ابنتها (9 سنوات) لوحدها، فتقول إن صغيرتها لم تتوقف منذ بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول عن الحديث عن هدية عيد الميلاد. لكن ظروفها المادية لا تسمح لها بـ "ارتكاب حماقات"، على حدّ قولها. ولحسن حظها، فإن جارتها الفرنسية التي تعرف ظروفها الصعبة وتساعدها من حين إلى آخر، اقترحت استضافتها وابنتها وتبادل الهدايا مع أطفالها ليلة الميلاد.

أمّا مها، وهي مدرّسة اقتصاد من أصول جيبوتية، تعيش مع أبنائها الثلاثة لوحدها بعد طلاقها. تقول إنها تحاول تربية أبنائها تربية فرنسية خالصة. "يعيش أبنائي على غرار أقرانهم. في كل عام، تضع شجرة الميلاد وتخبر أبناءها أن الهدية تأتي من المدفأة. ولحسن الحظ أن في البيت مدفأة". تضيف: "أردت هذا الشيء، وحين يكبر أبنائي سيقرّرون ما يشاؤون. لا أريد تشويشاً إضافياً، خصوصاً أن الطلاق أثّر على أبنائي".

نسأل أحد العاملين الاجتماعيين في باريس عن إحساس العائلات العربية والمسلمة في هذه المناسبة. يقول إن "الأحياء التي فيها حضور كبير للعرب والمسلمين تحتفل بأعيادها الدينية. أما عيد الميلاد، فهو عيد مسيحي. بالتالي، لا تتحدث عائلات كثيرة عنه. لكنها تعجز عن تجاوز مسألة الهدايا".

جواد، وهو إمام أحد المساجد الصغيرة في إحدى ضواحي باريس، لا يجد حرجاً في مشاركة الجيران المسيحيين أعيادهم، لافتاً إلى أن هذا جزء من العيش المشترك. يقول: "لن أفعل مثل بعض الأئمة الذين يكفّرون من يشارك المسيحيين أعيادهم. وأشدد في خطبي على أنه من حق الجيران المسيحيين علينا أن نهنئهم بأعيادهم ونفرح لأفراحهم، خصوصاً وأنهم يهنئوننا بأعيادنا وحلول شهر رمضان".

عائلة رضا، وهي من أصول تونسية، لا تخفي اندماجها في المجتمع الفرنسي. ويقول رضا: "أعيش وزوجتي هنا منذ نحو أربعين عاماً. أصبحنا فرنسيين، ولا نجد أي مبرر لحرمان أنفسنا من أطباق عيد الميلاد اللذيذة، أو حرمان أبنائنا مما يتمتع به أقرانهم. لا نرى في هذا العيد سوى فلسفته التي تنادي باجتماع العائلة. إن ظروف الحياة الصعبة شتتت العائلات، وهذه المناسبة فرصة لجمع شملها". يضيف: "قلة فقط يركزون على البعد الديني. وعادة ما تنظم الجمعيات الخيرية والإغاثية عشاء جماعياً للمشردين على متن السفن السياحية الراسية على نهر السين".

بدورها، تقول سميرة، وهي طالبة جامعية من أصول مغربية، إن ثقافتها فرنسية أكثر مما هي عربية. "في المغرب، كنا نحتفل بعيدي الميلاد ورأس السنة. نضع شجرة ونتبادل الهدايا". ترفض بعض العائلات العربية والمسلمة الإجابة عن كيفية الاحتفال، فيما يكتفي آخرون بأجوبة خاطفة باعتبار أنهم غير معنيين. في المقابل، يُعرب عدد كبير منهم عن انتظارهم ليلة رأس السنة، ويتمنون أن تكون أفضل من سابقاتها. في هذه الليلة، تفضّل عائلات عربية كثيرة تناول العشاء في المطاعم، وانتظار حلول منتصف الليل لاستقبال العام الجديد.

ولا يختلف الأمر بين غني وفقير. أحمد، وهو سوداني عاطل من العمل، يقول: "لن أضيع الفرصة. توجد مطاعم رخيصة. سأحتفل بالسنة الجديدة وأنا مصمم على تغيير حالتي". أما العائلات الثرية، ومنها عائلة عز الدين السوسي، فقد اختارت مطعماً فخماً في حي بورجوازي في العاصمة. يقول عز الدين: "سيكلّفنا الأمر غالياً، لكن ليلة رأس السنة تستحقّ التضحيات".

إلى ذلك، يتحدث الباحث الاجتماعي قدور زويلاي، وهو من أصول جزائرية، عن الاحتفال برأس السنة، قائلاً: "طالما أنّ جميع الفرنسيين يحتلفون، سيحتفل الآخرون القادمون من أماكن أخرى. كما أن العولمة قربت الناس بعضهم من بعض. ما يحدث هنا يراه آخرون في العالم، في القرية الكونية". يضيف: "أعيش هنا منذ أكثر من أربعين عاماً. كنّا نحتفل بعيد رأس السنة في الجزائر. الاستعمار ليس غريباً عن الأمر خصوصاً في المدن الكبرى".

ويقول عمر أمغار، من شمال المغرب، إنه اعتاد الاحتفال بليلة رأس السنة. "أتحدر من مدينة الناضور، وهي على مقربة من مدينة مليلية المحتلة من قبل إسبانيا. كنا وما زلنا أكثر قرباً من الإسبان. وكل ما يحدث في إسبانيا نراه ونعيشه".
المساهمون