ترتفع نسبة زواج القاصرات في مالي، الدولة الإفريقية التي تعاني فقراً شديداً، عدا عن سيطرة جماعات متطرّفة على شمال البلاد، ما يهدّد بالفوضى والانقسام وتفاقم المشاكل الاجتماعية وتوقف الدراسة وتدني مستويات المعيشة وتزايد عدد اللاجئين الذين نزحوا مجدداً إلى مخيّمات في موريتانيا والجزائر وبوركينا فاسو.
وتقدّر منظّمات نسائيّة الزواج المبكر في شمال مالي بنسبة 73 في المائة، وتؤكّد أن التقاليد والأعراف والفقر والجهل أسباب رئيسية لانتشار الزواج المبكر، لافتة إلى أنه لا يقتصر على شريحة اجتماعية أو منطقة معينة، لكنّه أكثر انتشاراً في الأرياف والبوادي، في ظل غياب الاستقرار الأمني في البلاد. وتلجأ العائلات إلى تزويج بناتها خوفاً عليهن من الاختطاف أو الاكراه على الزواج من المسلّحين.
والتقت "العربي الجديد" امرأتين كانتا ضحيّة الزواج المبكّر في شمال مالي، الأولى تُدعى فاطمة أد مبارك (31 عاماً)، وهي أمّ لخمسة أطفال، وقد تزوجت في سن الرابعة عشر. تقول فاطمة: "لم أكن أذهب إلى المدرسة، فقرّرت عائلتي أن أتزوج في سن مبكّرة من رجل متزوج وقادر على إعالة أسرتين. وبعد عام، أصبحت أماً. وحين تجاوزت 25 عاماً، طلّقني". تؤكّد أنها فقدت الكثير بسبب الزواج المبكر، وقد حرمتها الالتزامات العائلية من عيش طفولتها، لتتحول سريعاً من طفلة إلى إمرأة. خلال عشرة أعوام، أصبحت فاطمة أمّاً لثلاثة أطفال. وبعد الطلاق، حاولت بناء حياتها من جديد وتكوين أسرة، فتزوجت من رجل يكبرها بعشرين عاماً، وأنجبت منه طفلين آخرين.
أمّا الضحية الثانية، وهي هاوا آغ أحمد (23 عاماً)، فقد تزوجت في عمر 15 عاماً، وأنجبت ثلاثة أطفال. تقول لـ "العربي الجديد": "لا أعلم إن كان الزواج في هذه السن محرّماً. عائلتي خطّطت للأمر، وأقنعتني بالزواج لأصبح امرأة مسؤولة عن بيت". تضيف أنّها عانت بسبب ضغوط الحياة الزوجيّة، إضافة إلى الحمل والاجهاض وعدم الرعاية والاهتمام من قبل أهل الزوج، مؤكدة أنه لو عاد بها الزمن إلى الوراء، لفضّلت إكمال دراستها، وتعلّم حرفة، والزواج لاحقاً بعد اتمام الثامنة عشر.
يقول الباحث الاجتماعي حسين آغ غالي إنّ المجتمع يعتبر الزواج حماية للفتاة من كل المخاطر، في ظلّ طغيان القيم والعادات القديمة، ما يجعله أمراً ضرورياً في حياة الفتاة، وفي عمر مبكّر، لأنه يصونها من الانحراف ويحميها من مخاطر قد تتعرض لها مستقبلاً في حال بقيت من دون زواج.
اقــرأ أيضاً
ويرى الباحث أن الانقطاع عن الدراسة، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، وفقدان المعيل من جرّاء الحرب، يجعل الزواج المبكر طاغياً بشكل كبير في مالي. يضيف: "لم تفتح نحو 500 مدرسة أبوابها بسبب الوضع الأمني، ما يعني أن الفتيات اللواتي كنّ يدرسن، بتن أكثر انشغالاً بالزواج، ما يعزّز فكرة الارتباط في ظل تدهور الوضع الأمني وخوف العائلات على الفتيات". ويدعو الدولة والمنظمات الحقوقيّة إلى مواجهة ظاهرة الزواج المبكر، التي تنتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة في مالي، ويطالب بالعمل على الحد من آثارها السلبية على حياة الأفراد والمجتمع، ومساعدة الأمهات الصغيرات اللواتي تركهن الأزواج مع أطفال ومن دون معيل، وقد بتن يعانين من تبعات جسدية ونفسية.
ويتسبّب الزواج المبكر في ارتفاع نسبة الحمل والإنجاب المبكرين، ما يهدد بمخاطر صحية كبيرة في بلد ليست فيه تغطية صحية في كل مناطقه. وتلجأ غالبيّة النساء الحوامل إلى أخريات كبار في السن لمساعدتهن خلال الوضع والاهتمام بالمواليد الجدد.
وتعاني مالي من ارتفاع في نسبة الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال حديثي الولادة، وتقدّر إحصائيات رسمية نسبة وفيات الأمهات بـ 624 حالة لكل مائة ألف أم بعد الولادة، و68 حالة وفاة لكل ألف مولود. وتؤكد التقارير وجود رابط بين الارتفاع الحاد في نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة، وصغر سن الأمهات وإجبارهن على الزواج المبكر. كذلك، تصاب نسبة كبيرة من المواليد بأمراض تتعلّق بالتغذية ونقص اللقاحات وعدم اكتمال النمو.
إضافة إلى التقاليد القديمة التي تشجع على الزواج المبكر، هناك مشكلة تعليم الفتيات التي تقف عائقاً أمام محاربة الزواج المبكر في الأرياف. ويلُاحظ وجود تفاوت كبير بين نسبة التحاق الفتيات في المدارس بالمقارنة مع الفتيان، إضافة إلى اكتظاظ الفصول الدراسية.
اقــرأ أيضاً
وتقدّر منظّمات نسائيّة الزواج المبكر في شمال مالي بنسبة 73 في المائة، وتؤكّد أن التقاليد والأعراف والفقر والجهل أسباب رئيسية لانتشار الزواج المبكر، لافتة إلى أنه لا يقتصر على شريحة اجتماعية أو منطقة معينة، لكنّه أكثر انتشاراً في الأرياف والبوادي، في ظل غياب الاستقرار الأمني في البلاد. وتلجأ العائلات إلى تزويج بناتها خوفاً عليهن من الاختطاف أو الاكراه على الزواج من المسلّحين.
والتقت "العربي الجديد" امرأتين كانتا ضحيّة الزواج المبكّر في شمال مالي، الأولى تُدعى فاطمة أد مبارك (31 عاماً)، وهي أمّ لخمسة أطفال، وقد تزوجت في سن الرابعة عشر. تقول فاطمة: "لم أكن أذهب إلى المدرسة، فقرّرت عائلتي أن أتزوج في سن مبكّرة من رجل متزوج وقادر على إعالة أسرتين. وبعد عام، أصبحت أماً. وحين تجاوزت 25 عاماً، طلّقني". تؤكّد أنها فقدت الكثير بسبب الزواج المبكر، وقد حرمتها الالتزامات العائلية من عيش طفولتها، لتتحول سريعاً من طفلة إلى إمرأة. خلال عشرة أعوام، أصبحت فاطمة أمّاً لثلاثة أطفال. وبعد الطلاق، حاولت بناء حياتها من جديد وتكوين أسرة، فتزوجت من رجل يكبرها بعشرين عاماً، وأنجبت منه طفلين آخرين.
أمّا الضحية الثانية، وهي هاوا آغ أحمد (23 عاماً)، فقد تزوجت في عمر 15 عاماً، وأنجبت ثلاثة أطفال. تقول لـ "العربي الجديد": "لا أعلم إن كان الزواج في هذه السن محرّماً. عائلتي خطّطت للأمر، وأقنعتني بالزواج لأصبح امرأة مسؤولة عن بيت". تضيف أنّها عانت بسبب ضغوط الحياة الزوجيّة، إضافة إلى الحمل والاجهاض وعدم الرعاية والاهتمام من قبل أهل الزوج، مؤكدة أنه لو عاد بها الزمن إلى الوراء، لفضّلت إكمال دراستها، وتعلّم حرفة، والزواج لاحقاً بعد اتمام الثامنة عشر.
يقول الباحث الاجتماعي حسين آغ غالي إنّ المجتمع يعتبر الزواج حماية للفتاة من كل المخاطر، في ظلّ طغيان القيم والعادات القديمة، ما يجعله أمراً ضرورياً في حياة الفتاة، وفي عمر مبكّر، لأنه يصونها من الانحراف ويحميها من مخاطر قد تتعرض لها مستقبلاً في حال بقيت من دون زواج.
ويرى الباحث أن الانقطاع عن الدراسة، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، وفقدان المعيل من جرّاء الحرب، يجعل الزواج المبكر طاغياً بشكل كبير في مالي. يضيف: "لم تفتح نحو 500 مدرسة أبوابها بسبب الوضع الأمني، ما يعني أن الفتيات اللواتي كنّ يدرسن، بتن أكثر انشغالاً بالزواج، ما يعزّز فكرة الارتباط في ظل تدهور الوضع الأمني وخوف العائلات على الفتيات". ويدعو الدولة والمنظمات الحقوقيّة إلى مواجهة ظاهرة الزواج المبكر، التي تنتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة في مالي، ويطالب بالعمل على الحد من آثارها السلبية على حياة الأفراد والمجتمع، ومساعدة الأمهات الصغيرات اللواتي تركهن الأزواج مع أطفال ومن دون معيل، وقد بتن يعانين من تبعات جسدية ونفسية.
ويتسبّب الزواج المبكر في ارتفاع نسبة الحمل والإنجاب المبكرين، ما يهدد بمخاطر صحية كبيرة في بلد ليست فيه تغطية صحية في كل مناطقه. وتلجأ غالبيّة النساء الحوامل إلى أخريات كبار في السن لمساعدتهن خلال الوضع والاهتمام بالمواليد الجدد.
وتعاني مالي من ارتفاع في نسبة الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال حديثي الولادة، وتقدّر إحصائيات رسمية نسبة وفيات الأمهات بـ 624 حالة لكل مائة ألف أم بعد الولادة، و68 حالة وفاة لكل ألف مولود. وتؤكد التقارير وجود رابط بين الارتفاع الحاد في نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة، وصغر سن الأمهات وإجبارهن على الزواج المبكر. كذلك، تصاب نسبة كبيرة من المواليد بأمراض تتعلّق بالتغذية ونقص اللقاحات وعدم اكتمال النمو.
إضافة إلى التقاليد القديمة التي تشجع على الزواج المبكر، هناك مشكلة تعليم الفتيات التي تقف عائقاً أمام محاربة الزواج المبكر في الأرياف. ويلُاحظ وجود تفاوت كبير بين نسبة التحاق الفتيات في المدارس بالمقارنة مع الفتيان، إضافة إلى اكتظاظ الفصول الدراسية.