عدنان... طفل في ثياب رجل أنهكته الحرب

27 سبتمبر 2016
يغصّ كلما رأى أطفالاً يتوجّهون إلى مدارسهم (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يختلف حلم عدنان عن أحلام أطفال سوريين كثيرين، لكنّه صار كابوساً في ظل الحرب المشتعلة في سورية. مصابه كبير، يتحدّث عنه بصوت خافت جداً بالكاد يُسمع، وهو يدور في محلّ لبيع الأحذية وتصليحها. يدور حول نفسه، طفل في ثياب رجل أنهكته الحرب.

قبل عام تقريباً، ترك عدنان سورية بعدما هدمت القذائف منزله ومنازل الجيران والأقارب، فقتل معظمهم وقد سقطت أسقف بيوتهم فوق رؤوسهم. والده كان واحداً من الذين قتلوا، فرآه وجميع الذين يعرفهم أشلاء تغطيها الدماء. صدمه المشهد الذي يستعيده مراراً خلال نهاراته ولياليه.

لم يكن عدنان البالغ من العمر 13 عاماً ولا أخواه في المنزل عندما سقطت القذائف عليه، كانوا عند خالهم. أخوه البالغ من العمر 14 عاماً، ما زال تحت الصدمة. ينام طيلة ساعات النهار، ليستيقظ ليلاً ويسهر في ساحة باب السراي في المنطقة القديمة من مدينة صيدا، جنوب لبنان. لا ينفكّ يفكّر في ما حصل لوالده، ويعجز عن العمل. عدنان هو الوحيد الذي يعمل ليعيل أسرته المؤلفة من أمه وأخيه وأخته، "فأمي لا تستطيع العمل، لأنّها غير متعلمة ولا تعرف ماذا تفعل".

يعيش عدنان وعائلته في صيدا القديمة، في بيت صغير لا يصلح للسكن، استأجروه لقاء 150 ألف ليرة لبنانية (100 دولار أميركي) يؤمّنها عدنان. قبل أن يهجَّروا، كانوا يعيشون في قرية في حلب، "لكنّنا تركنا البيت وجئنا إلى لبنان بعدما اشتدّ قصف الطائرات على المنطقة التي كنّا نعيش فيها. استشهد والدي، وتهدّم بيتنا، ولم يتبقَّ لنا شيء". ويخبر: "بداية، لجأنا إلى مدينة طرابلس (شمال لبنان) وأقمنا عند خالتي التي كانت قد نزحت قبلنا. لم نستطع البقاء هناك لغلاء الإيجارات. فشجّعتنا خالتي الأخرى التي تعيش في صيدا، للانتقال إليها، فإيجار البيوت أرخص". هذا ما كان، "ورحت أعمل عند الإسكافي في مقابل 50 ألف ليرة (نحو 33.5 دولاراً) في الأسبوع، أعطيها لأمّي لتوفّر منها إيجار المنزل. أمّا بالنسبة إلى مأكلنا، فيقدّمه لنا الناس، لا سيما خالتي التي تعيش في لبنان منذ ست سنوات. زوجها يعمل على عربة خضروات". ويتابع عدنان: "والدي كان يعمل في الزراعة، عندما كان حياً. وكنّا كالأطفال الآخرين نذهب إلى المدرسة لنتعلم. وعندما بدأت الحرب في سورية، تركنا المدرسة. أتمنّى أن تنتهي الحرب وأرجع إلى سورية وإلى المدرسة". عدنان يغصّ كلما رأى أطفالاً يتوجّهون إلى مدارسهم.

المساهمون