بعد تشدّد الدنمارك في قوانين اللجوء، راح دنماركيون عدّة يدعمون حقّ طالبي اللجوء في البقاء، عبر مدّ يد المساعدة لهؤلاء وإخفائهم في مناطق يصعب على الشرطة بلوغها
أعلنت الشرطة الدنماركية المعنيّة بشؤون المهاجرين، أنّه منذ بداية عام 2016 ولغاية الأول من أغسطس/آب الجاري، اختفى أكثر من خمسة آلاف طالب لجوء من مراكز الإيواء الدنماركية. وقد صرّح مدير جهاز "شرطة المهاجرين" بيار فريس بأنّ "الدنمارك تشهد زيادة كبيرة في عدد طالبي اللجوء الذين يختفون من مراكز الهجرة واللجوء، بالمقارنة مع السنوات الماضية"، مشيراً إلى أنّ العدد الأكبر من "المختفين" سافروا إلى دول أخرى في أغلب الظنّ.
يسود الإحباط أوساط طالبي اللجوء في الدنمارك، بعد الاصطدام بالقوانين المشددة، خصوصاً لجهة فترة الانتظار الطويلة قبل حسم طلباتهم للإقامة ولمّ الشمل. يُضاف إلى ذلك خفض كبير في المعونات المالية المخصصة للحاصلين على حقّ اللجوء، والتي وصلت إلى حدّ عدم تمكّنهم من مساعدة أنفسهم وأسرهم.
"الأمر ليس مفاجئاً"، بالنسبة إلى الأستاذ المحاضر في دراسات الهجرة في جامعة ألبورغ (شمال) مارتن باك يورنسن. وقد أوضح في حديث متلفز أنّ "أوضاع الذين رُفضت طلباتهم تسوء، والناظر إلى حال مراكز الإبعاد سوف يرى أنّ هؤلاء يعيشون كما لو أنّهم في سجن مفتوح". أضاف أنّ هذه الزيادة في أعداد المختفين هي "أكبر في صفوف اللاجئين الذين لم تُسوّى أمورهم بعد".
وكان عدد هؤلاء المختفين قد وصل في العام الماضي إلى ألفَين و283 مختفياً، بينما بلغ هذا العام ثلاثة آلاف و378، مع الإشارة إلى أنّنا ما زلنا في الشهر الثامن من عام 2016. وقد لفت يورنسون إلى أنّ دراسات حول أوضاع هؤلاء الذين رفضت طلباتهم، تفيد بأنّهم بمعظمهم "لا يملكون أرضيّة تؤهّلهم للحصول على حق اللجوء. كذلك فإنّ البعض يجرّب حظه بالتنقل بين دول أوروبية عدّة، منها السويد وفنلندا والنرويج".
وتذهب تقديرات الشرطة المختصة في قضايا المختفين إلى أنّ "الأمر يتعلق بحالات اختفاء محلية عن أعين السلطات"، علماً أنّ هؤلاء يشغلون رجال الشرطة في عمليات البحث عنهم وإعادتهم إلى مراكز الإبعاد. وتتكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة لعرض الذين تعثر عليهم أمام المحاكم وطلب "الحجز عليهم" في سجون حتى استكمال إجراءات إعادتهم إلى بلدانهم. وثمّة مشاكل أخرى يشير إليها يورنسن، إذ "يُعدّ هؤلاء غير منتجين في المجتمع، وهذا بحد ذاته ضغط اجتماعي. كذلك فإنّ الآلاف يعيشون من دون أن تعرف عنهم شيئاً، خصوصاً إذا كانوا يُستغلون في سوق العمل أو غير ذلك".
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ الشرطة المعنيّة بشؤون المهاجرين تعدّ الأشخاص المختفين من مراكز اللجوء "مطلوبين" مخالفين لقوانين الإقامة. وتتعاون في البحث عنهم مع مصلحة الضرائب، خشية أن يكون هؤلاء متورّطين في أعمال خارجة عن القانون وأن تُستغلّ ظروفهم الصعبة من قبل السوق الموازي أو "العمل في الأسود". لذا تنفّذ الشرطة مع مصلحة الضرائب، عمليات تفتيش فجائية في المطاعم والأسواق وسوق البناء، لكشف عمليات استغلال محتملة لهؤلاء.
من جهتهم، يرى خبراء اجتماعيون أنّ العيش خارج قوانين منظمة للإقامة يعمّق ما يسمّونه "إغراقاً اجتماعياً"، إذ يعمد أصحاب الأعمال إلى استغلال تلك "اليد العاملة" بأجور أرخص من المتعارف عليه في البلاد، وهذا من شأنه أنّ يؤدي إلى اختلال في العدالة الاجتماعية. الأمر نفسه ينطبق على اليد العاملة الوافدة من أوروبا الشرقية، التي باتت تنافس في قطاع البناء اليد العاملة المحلية بأجور أرخص. إلى ذلك، وفي حالات كثيرة، يتعرّض طالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين إلى مخاطر صحية كثيرة، إذ يعيشون على الهامش من دون إمكانية لمراجعة الأطباء أو المستشفيات خوفاً من توقيفهم والزج بهم في المخافر والسجون ريثما يُبعَدون.
وتبيّن دراسة صادرة عن وحدة الأبحاث في مؤسسة "روكوول للأبحاث " حول المقيمين غير القانونيين في أوروبا، أنّ في عام 2013، كان 33 ألف شخص يعيشون في الدنمارك على هامش المجتمع وبصورة "غير شرعية". والأرقام ارتفعت خلال العامين الماضيين، بالتوازي مع التدفق الكبير لطالبي اللجوء والمهاجرين إلى أوروبا في العام الماضي، بحسب تقديرات تستند إلى معطيات الشرطة وأخرى إحصائية لدائرة الأجانب والهجرة في كوبنهاغن. وهذا يعني أنّ حالات رفض طلبات اللجوء تتزايد مذ شدّدت الدنمارك قوانينها في نهاية العام الماضي.
في سياق متّصل، يحاول الصليب الأحمر الدنماركي تقديم ما يستطيع لهؤلاء الذين يقيمون من دون أوراق ثبوتية، من خلال عيادتين في كل من العاصمة كوبنهاغن ومدينة آرهوس (وسط) حتى يتمكّن هؤلاء من تلقّي أبسط الرعاية من قبل أطباء متطوّعين. وتشير أرقام الصليب الأحمر إلى أنّ العلاج في عام 2013 قُدّم إلى ألف و630 شخصاً، ليرتفع عدد المستفيدين إلى ألفين و354 في عام 2014. أمّا عام 2015، فقد شهد "انفجاراً في الأرقام"، على الرغم من عدم صدور الإحصائية الرسمية بعد. ويعيد الصليب الأحمر هذه الزيادة إلى "اكتشاف المقيمين غير الشرعيين إمكانية تلقي العلاج لدينا بعدما عاشوا سنوات من دون مراجعة طبيب".
اقــرأ أيضاً
أعلنت الشرطة الدنماركية المعنيّة بشؤون المهاجرين، أنّه منذ بداية عام 2016 ولغاية الأول من أغسطس/آب الجاري، اختفى أكثر من خمسة آلاف طالب لجوء من مراكز الإيواء الدنماركية. وقد صرّح مدير جهاز "شرطة المهاجرين" بيار فريس بأنّ "الدنمارك تشهد زيادة كبيرة في عدد طالبي اللجوء الذين يختفون من مراكز الهجرة واللجوء، بالمقارنة مع السنوات الماضية"، مشيراً إلى أنّ العدد الأكبر من "المختفين" سافروا إلى دول أخرى في أغلب الظنّ.
يسود الإحباط أوساط طالبي اللجوء في الدنمارك، بعد الاصطدام بالقوانين المشددة، خصوصاً لجهة فترة الانتظار الطويلة قبل حسم طلباتهم للإقامة ولمّ الشمل. يُضاف إلى ذلك خفض كبير في المعونات المالية المخصصة للحاصلين على حقّ اللجوء، والتي وصلت إلى حدّ عدم تمكّنهم من مساعدة أنفسهم وأسرهم.
"الأمر ليس مفاجئاً"، بالنسبة إلى الأستاذ المحاضر في دراسات الهجرة في جامعة ألبورغ (شمال) مارتن باك يورنسن. وقد أوضح في حديث متلفز أنّ "أوضاع الذين رُفضت طلباتهم تسوء، والناظر إلى حال مراكز الإبعاد سوف يرى أنّ هؤلاء يعيشون كما لو أنّهم في سجن مفتوح". أضاف أنّ هذه الزيادة في أعداد المختفين هي "أكبر في صفوف اللاجئين الذين لم تُسوّى أمورهم بعد".
وكان عدد هؤلاء المختفين قد وصل في العام الماضي إلى ألفَين و283 مختفياً، بينما بلغ هذا العام ثلاثة آلاف و378، مع الإشارة إلى أنّنا ما زلنا في الشهر الثامن من عام 2016. وقد لفت يورنسون إلى أنّ دراسات حول أوضاع هؤلاء الذين رفضت طلباتهم، تفيد بأنّهم بمعظمهم "لا يملكون أرضيّة تؤهّلهم للحصول على حق اللجوء. كذلك فإنّ البعض يجرّب حظه بالتنقل بين دول أوروبية عدّة، منها السويد وفنلندا والنرويج".
وتذهب تقديرات الشرطة المختصة في قضايا المختفين إلى أنّ "الأمر يتعلق بحالات اختفاء محلية عن أعين السلطات"، علماً أنّ هؤلاء يشغلون رجال الشرطة في عمليات البحث عنهم وإعادتهم إلى مراكز الإبعاد. وتتكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة لعرض الذين تعثر عليهم أمام المحاكم وطلب "الحجز عليهم" في سجون حتى استكمال إجراءات إعادتهم إلى بلدانهم. وثمّة مشاكل أخرى يشير إليها يورنسن، إذ "يُعدّ هؤلاء غير منتجين في المجتمع، وهذا بحد ذاته ضغط اجتماعي. كذلك فإنّ الآلاف يعيشون من دون أن تعرف عنهم شيئاً، خصوصاً إذا كانوا يُستغلون في سوق العمل أو غير ذلك".
تجدر الإشارة إلى أنّ الشرطة المعنيّة بشؤون المهاجرين تعدّ الأشخاص المختفين من مراكز اللجوء "مطلوبين" مخالفين لقوانين الإقامة. وتتعاون في البحث عنهم مع مصلحة الضرائب، خشية أن يكون هؤلاء متورّطين في أعمال خارجة عن القانون وأن تُستغلّ ظروفهم الصعبة من قبل السوق الموازي أو "العمل في الأسود". لذا تنفّذ الشرطة مع مصلحة الضرائب، عمليات تفتيش فجائية في المطاعم والأسواق وسوق البناء، لكشف عمليات استغلال محتملة لهؤلاء.
من جهتهم، يرى خبراء اجتماعيون أنّ العيش خارج قوانين منظمة للإقامة يعمّق ما يسمّونه "إغراقاً اجتماعياً"، إذ يعمد أصحاب الأعمال إلى استغلال تلك "اليد العاملة" بأجور أرخص من المتعارف عليه في البلاد، وهذا من شأنه أنّ يؤدي إلى اختلال في العدالة الاجتماعية. الأمر نفسه ينطبق على اليد العاملة الوافدة من أوروبا الشرقية، التي باتت تنافس في قطاع البناء اليد العاملة المحلية بأجور أرخص. إلى ذلك، وفي حالات كثيرة، يتعرّض طالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين إلى مخاطر صحية كثيرة، إذ يعيشون على الهامش من دون إمكانية لمراجعة الأطباء أو المستشفيات خوفاً من توقيفهم والزج بهم في المخافر والسجون ريثما يُبعَدون.
وتبيّن دراسة صادرة عن وحدة الأبحاث في مؤسسة "روكوول للأبحاث " حول المقيمين غير القانونيين في أوروبا، أنّ في عام 2013، كان 33 ألف شخص يعيشون في الدنمارك على هامش المجتمع وبصورة "غير شرعية". والأرقام ارتفعت خلال العامين الماضيين، بالتوازي مع التدفق الكبير لطالبي اللجوء والمهاجرين إلى أوروبا في العام الماضي، بحسب تقديرات تستند إلى معطيات الشرطة وأخرى إحصائية لدائرة الأجانب والهجرة في كوبنهاغن. وهذا يعني أنّ حالات رفض طلبات اللجوء تتزايد مذ شدّدت الدنمارك قوانينها في نهاية العام الماضي.
في سياق متّصل، يحاول الصليب الأحمر الدنماركي تقديم ما يستطيع لهؤلاء الذين يقيمون من دون أوراق ثبوتية، من خلال عيادتين في كل من العاصمة كوبنهاغن ومدينة آرهوس (وسط) حتى يتمكّن هؤلاء من تلقّي أبسط الرعاية من قبل أطباء متطوّعين. وتشير أرقام الصليب الأحمر إلى أنّ العلاج في عام 2013 قُدّم إلى ألف و630 شخصاً، ليرتفع عدد المستفيدين إلى ألفين و354 في عام 2014. أمّا عام 2015، فقد شهد "انفجاراً في الأرقام"، على الرغم من عدم صدور الإحصائية الرسمية بعد. ويعيد الصليب الأحمر هذه الزيادة إلى "اكتشاف المقيمين غير الشرعيين إمكانية تلقي العلاج لدينا بعدما عاشوا سنوات من دون مراجعة طبيب".