الهواتف المحمولة تسبب أوراماً سرطانيّة

05 يونيو 2016
"سلفي" في الطبيعة (روبين بيك/فرانس برس)
+ الخط -
بعدما تظهر النتائج النهائية للدراسة التي يعدّها برنامج علم السموم الوطني الأميركي، لن يكون هناك مجال للشكّ حول تأثير الهواتف المحمولة على صحّة الإنسان

أعلن رئيس برنامج علم السموم الوطني الأميركي، جون بوكر، أن نتائج الدراسة التي نشر البرنامج تقريراً أولياً عنها، قد تضع حداً للجدل حول تأثير استخدام الهواتف المحمولة على ارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض السرطان، وتدعم نتائج دراسات سابقة خلصت إلى وجود رابط بين زيادة احتمال الإصابة بأورام سرطانية وبين كثرة استخدام الهواتف المحمولة، أهمها تلك التي أجرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، ونشرت نتائجها عام 2011.

الأمر نفسه أكده المكتب الإعلامي لبرنامج علم السموم الوطني، في حديث لـ "العربي الجديد"، في نيويورك. تجدر الإشارة إلى أن الدراسة شملت 14 باحثاً وباحثة من مؤسسات أميركية مختلفة، بما فيها مؤسسات تكنولوجية. وكانت الحكومة الأميركية قد كلّفت برنامج علم السموم الوطني بإعداد دراسة رصد لها مبلغ 25 مليون دولار، وتعد الأعمق والأشمل في هذا الصدد.

أهم النتائج
أجريت الدراسة على مدار سنتين تقريباً، وشملت نحو 7 آلاف فأر وجرذ، ذكوراً وإناثاً، ونفّذت على ثلاث مراحل. عرّض الباحثون مجموعات من الفئران والجرذان لتردّدات راديوية، كتلك التي تنبعث من الهواتف المحمولة. إحدى أهم النتائج التي يرصدها التقرير تتمثل في ارتفاع بسيط في نسبة الإصابة بورم سرطاني في الدماغ لدى الجرذان الذكور، والذي يعرف باسم "الورم الدِبْقي"، وهو مشابه لذلك الذي وجد لدى البشر بحسب دراسات علم الأوبئة التي ارتكزت عليها الوكالة الدولية لبحوث السرطان. كذلك، لحظت الدراسة وجود ارتفاع بسيط في نسبة الإصابة بـ"ورم شفاني" أو "ورم شوان" الذي يؤثر على القلب.


وعلى الرغم من إشارة التقرير إلى وجود ارتفاع بسيط بنسبة الإصابة بالأورام السرطانية في الدماغ والقلب، إلا أن ذلك يعني أن الهواتف المحمولة والترددات التي تصدرها قد تكون أكثر خطورة مما يعتقد حتى الآن. في هذا السياق، أثار التقرير الأولي ضجة إعلامية وجدلاً حاداً بين كثير من الباحثين والمتخصصين. ويقول بوكر: "عرضنا التقرير الأولي قبل نشره على عدد من المتخصّصين للاطلاع على آرائهم، وخلصنا إلى أن التعرض الكبير للترددات الراديوية يزيد من احتمالات الإصابة بالأورام السرطانية. نتحدث هنا عن أورام غير عادية لم يتمكن الباحثون حتى الآن من فهمها بشكل جيد".

ولفت بوكر إلى أن النتائج لم تظهر ارتفاعاً في نسبة إصابة إناث الجرذان. أضاف: "يصعب أحياناً أن نشرح علمياً السبب وراء عدم حدوث شيء ما، كما هو الحال هنا في حالة إناث الجرذان التي لم يسجل لديها ارتفاع في نسبة الإصابة بالأورام"، لافتاً إلى أن دراسات عدة في علم السموم وأمراض السرطان تشير إلى وجود اختلاف بين الجنسين.

دراسات سابقة
استبعد بوكر إعادة إجراء دراسة مماثلة في المستقبل القريب لأسباب عدة، من بينها الكلفة العالية جداً، واستغراقها الكثير من الجهد والوقت، موضحاً أن "هذه الدراسة شاملة وكبيرة وما زلنا في مرحلتي التحليل والدراسة، ولن نصدر النتائج النهائية قبل عام 2017. على الرغم من ذلك، فالسبب الذي دفعنا إلى نشر التقرير الأولي والمشاهدات والخلاصة يتمثل في أن جزءاً من الأورام التي رأيناها مشابهة لتلك التي نشرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان وغيرها".

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت تقريراً عام 2011 قالت فيه إن الحقول الكهرومغناطيسية التي تسببها الهواتف المحمولة قد تكون مسرطنة. في ذلك الوقت، أعلنت عن نيتها نشر دراسة وتقييم رسمي للمخاطر الناجمة عن التعرض لمجالات الترددات اللاسليكة بحلول عام 2016. وأفاد تقرير آخر صادر عن منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من نصف سكان العالم يستخدمون الهواتف المحمولة، وأن سوقها في نمو مستمر.

ويتوقع أن تقوم شركات الهواتف المحمولة والشركات المنتجة المستفيدة بعقد مؤتمرات وتمويل دراسات في محاولة للتشكيك في نتائج التقرير. وبحسب دراسة صادرة عن جامعة واشنطن، فإن 70 في المائة من الدراسات المدعومة من شركات صناعة الهواتف المحمولة، توصلت إلى عدم وجود رابط بين كثرة استخدام الهواتف المحمولة وارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض سرطانية، فيما خلصت 30 في المائة من الدراسات المستقلة إلى نتائج مماثلة.

 
المساهمون