البندورة القاتلة في السودان

19 يونيو 2016
يرشّونها بمادة كيميائية (فرانس برس)
+ الخط -

ليس أمام المسؤولين السودانيين إلا الاعتراف أنّ ما وصل إليه الحال من مظاهر التردي والتدهور البيئي قد حدث بفعل فاعل، لا سيما أنّ حالات الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي في تزايد مستمر. وصحيح أنّ المواطن السوداني يزداد وعياً، لكنّه عاجز عن فعل أي شيء، فالأسواق تغرق بالمنتجات الصناعية والزراعية الضارة، ولا بديل له عن استهلاكها في ظل ضعف مؤسسات الحماية، والفساد الإداري المستشري.

البندورة (الطماطم) المعروفة بأنها طعام الفقراء باتت تُكنّى في دوائر الخبراء بـ "قاتلة الفقراء". فما عليك إلا أن تتناول قطعة واحدة لتشم رائحة المبيد، وتتذوق طعماً غريباً يخالط الطعم الأصلي لهذه الثمرة المصنفة فاكهة لدى البستانيين.

البندورة الطبيعية هي التي تُزرع من غير مساعدة الأسمدة والمبيدات. وتعتبر هي الأغنى في كمية المياه من البندورة الأخرى. ومن مميزاتها أنّ لونها شديد الحمرة. إلا أنّ هذه الميزة نفسها بات التجار يستغلونها، فيجمعون الثمار الخضراء ويرشونها بمادة كيميائية، فتصبح بعد ساعات قليلة زاهية الحمرة.

البندورة التي كانت تقي من السرطان بسبب احتوائها على مادة الليكوبين، المضاد للأكسدة، باتت تسبب السرطان، مع استخدام المبيدات العالية السمية كما يؤكد الخبير الزراعي البروفسور أزهري عبد العظيم حمادة، المدير السابق لهيئة البحوث الزراعية. جاء ذلك في سياق التحذير الذي أطلقه في منتدى لجمعية حماية المستهلك أواخر مايو/ أيار الماضي. وقال: "على من يأكل بندورة الأسواق المنتجة في البيوت المحمية أن يدرك أنه سيصاب بالسرطان والفشل الكلوي".

تلك هي حال البندورة التي كانت تحمي من سرطان البروستاتا والرحم والبنكرياس والمستقيم والقولون والثدي والرئة. وتحمي من هشاشة العظام، وتحمي الجلد من أضرار الأشعة فوق البنفسجية الناتجة من الشمس بجانب دورها الهام في حماية البشرة من التجاعيد.

يدفع البعض عن البيوت المحمية اتهامات إنتاج خضر غير صالحة، بيد أنّ معرفة كيفية دخول المبيدات والمركبات الكيمائية قد يؤشر إلى أسباب ما يحدث. فقد كشف أحد أعضاء المجلس القومي للمبيدات أنّ 70 في المائة من المبيدات الموجودة في السوق تدخل عن طريق التهريب، وهي غير مطابقة للمواصفات. كما يتهم شركات عربية بإنشاء بيوت محمية غير مطابقة للمواصفات.

على هذا الأساس، طالب الخبراء في المنتدى نفسه بإحكام الرقابة على منتجات البيوت المحمية، وضرورة إحياء دور الإرشاد الزراعي، بالإضافة إلى سن قوانين تنظم العمل في استيراد المبيدات لحماية المستهلك السوداني.

*متخصص في شؤون البيئة

دلالات
المساهمون