لم يفاجأ طارق العيساوي، من قرية العيساوية (شمال شرق القدس المحتلة)، وهو والد فادي الذي استشهد في عيد ميلاده السابع عشر خلال التظاهرات الاحتجاجية ضد مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، ووالد الأسرى الثلاثة سامر وشيرين ومدحت، من القرار الذي أصدرته بلدية الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام والقاضي بهدم منزل العائلة.
هذا المنزل الذي كان قد شيّد قبل سقوط القدس في أيدي الاحتلال في عام 1967، كُتب في الإخطار الذي علّق على أحد جدرانه: "أنت تستعمل بيتاً غير قانوني".
الحجر ليس أهم من البشر، بالنسبة إلى العيساوي الأب. ومن سبق له أن اعتقل واستشهد أحد أولاده، وواصل دفع ثمن مقاومة الاحتلال من خلال اعتقاله مجدداً واعتقال أولاده، عليه أن يتوقع المزيد لمجرّد صموده وصمود أبنائه في مقاومة الاحتلال. أما زوجته، فتبدو صامدة وقوية، وقد نذرت نفسها أيضاً لمقاومة الاحتلال إلى جانب زوجها وأبنائها.
عن مبرّرات الهدم بعد هذه العقود الطويلة، يقول العيساوي الأب لـ "العربي الجديد": "لا حاجة إلى مبرّرات. نحن مستهدفون على الدوام. ويسعى الاحتلال إلى إبقائنا في حالة قلق دائم وعدم استقرار، سواء من خلال قراره بهدم المنزل، أو استمرار اعتقال أبنائي وابنتي الوحيدة". يضيف أنهم "واهمون. نحن مثل صوان الأرض. مهما فعلوا، لن يُضعفوا من عزيمتنا". يتابع أنّ "القرار علّق الإثنين الماضي على جدار المنزل. لم نكن هناك ولم نستلمه استلام اليد. حين عدنا إلى البيت، فوجئنا به. وهذا يحدث كل يوم في العيساوية. يأتون إلى القرية بحماية قوات الاحتلال ويعلقون أوامر الهدم، ثم يغادرون على وقع الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيّلة للدموع".
اقــرأ أيضاً
ما تتعرض له عائلة العيساوي بات حدثاً عادياً. عدا استهداف رب الأسرة والأبناء بالقتل والاعتقال، هناك المداهمات المستمرة للمنزل وتحطيم محتوياته. هذه الاعتداءات تتوقعها العائلة كل يوم. في هذا السياق، يقول العيساوي الأب إنّ المحامي سامي أرشيد يتولى متابعة قضية المنزل لدى بلدية الاحتلال والقضاء. "بالنسبة إلينا هي قضية مصير. لن نغادره مهما كان الثمن وليس لدينا مكان آخر نذهب إليه".
ليلى عبيد، أم رأفت، هي والدة الشهيد والأسرى. هي تشعر بألم كبير بسبب ما حدث لأبنائها. بعدما ودّعت شهيداً ثم أسرى، عادت لتستقبلهم وتودعهم من جديد. البيت بالنسبة إليها "حلم عشته على مدى سنوات عمري. فيه ولد أبنائي وكبروا وترعرعوا". تضيف: "فيه كبرت شيرين حتى أصبحت محامية، وقد عانت من الأسر والاعتقال مثل ما عانى أشقاؤها".
قرار هدم المنزل تسبّب لأم رأفت "بألم كبير"، هي التي لم تكن حياتها سهلة على الإطلاق، إذ عاشت أحزاناً كثيرة من دون أن تضعف، لا بل سعت إلى البقاء قوية. لكنّ الحجر، وكما يقول أبو رأفت، "ليس أعزّ وأغلى من البشر". تتابع: "والله لن يكسروننا، وقد وكلت أمري لله".
عند اعتقال نجلها سامر، أنشأت أم رأفت صفحة على موقع "فيسبوك". وأوّل من أمس، كتبت على تلك الصفحة: "هذا بيتي الذي ينوي الاحتلال الإسرائيلي هدمه. إنّه جنّتي على الأرض. فيه كل ذكرياتي منذ تزوجت وحتى الآن. أنجبت فيه كلّ أبنائي وكنا سعداء. حلمنا بمستقبل آمن وحياة كريمة مثلما يعيش آخرون. حلمنا بأن يدرس أبناؤنا ويحصلون على شهادات جامعية ويعملون. لكنّ الاحتلال حرمنا هذا الحلم وزجّ بهم في السجون وهم صغار، وما زالوا في المعتقل حتى يومنا هذا. بعد كلّ هذا، يبلغنا اليوم بأنّه سيهدم البيت، بيتي الذي آمل وأتمنى أن أعيش فيه ما تبقّى لي من عمر أنا وزوجي قبل أن ننتقل إلى بيت الآخرة. هل أقسى من هذا المصير الذي نعيش؟ حسبي الله ونعم الوكيل".
هذا المنزل الذي كان قد شيّد قبل سقوط القدس في أيدي الاحتلال في عام 1967، كُتب في الإخطار الذي علّق على أحد جدرانه: "أنت تستعمل بيتاً غير قانوني".
الحجر ليس أهم من البشر، بالنسبة إلى العيساوي الأب. ومن سبق له أن اعتقل واستشهد أحد أولاده، وواصل دفع ثمن مقاومة الاحتلال من خلال اعتقاله مجدداً واعتقال أولاده، عليه أن يتوقع المزيد لمجرّد صموده وصمود أبنائه في مقاومة الاحتلال. أما زوجته، فتبدو صامدة وقوية، وقد نذرت نفسها أيضاً لمقاومة الاحتلال إلى جانب زوجها وأبنائها.
عن مبرّرات الهدم بعد هذه العقود الطويلة، يقول العيساوي الأب لـ "العربي الجديد": "لا حاجة إلى مبرّرات. نحن مستهدفون على الدوام. ويسعى الاحتلال إلى إبقائنا في حالة قلق دائم وعدم استقرار، سواء من خلال قراره بهدم المنزل، أو استمرار اعتقال أبنائي وابنتي الوحيدة". يضيف أنهم "واهمون. نحن مثل صوان الأرض. مهما فعلوا، لن يُضعفوا من عزيمتنا". يتابع أنّ "القرار علّق الإثنين الماضي على جدار المنزل. لم نكن هناك ولم نستلمه استلام اليد. حين عدنا إلى البيت، فوجئنا به. وهذا يحدث كل يوم في العيساوية. يأتون إلى القرية بحماية قوات الاحتلال ويعلقون أوامر الهدم، ثم يغادرون على وقع الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيّلة للدموع".
ما تتعرض له عائلة العيساوي بات حدثاً عادياً. عدا استهداف رب الأسرة والأبناء بالقتل والاعتقال، هناك المداهمات المستمرة للمنزل وتحطيم محتوياته. هذه الاعتداءات تتوقعها العائلة كل يوم. في هذا السياق، يقول العيساوي الأب إنّ المحامي سامي أرشيد يتولى متابعة قضية المنزل لدى بلدية الاحتلال والقضاء. "بالنسبة إلينا هي قضية مصير. لن نغادره مهما كان الثمن وليس لدينا مكان آخر نذهب إليه".
ليلى عبيد، أم رأفت، هي والدة الشهيد والأسرى. هي تشعر بألم كبير بسبب ما حدث لأبنائها. بعدما ودّعت شهيداً ثم أسرى، عادت لتستقبلهم وتودعهم من جديد. البيت بالنسبة إليها "حلم عشته على مدى سنوات عمري. فيه ولد أبنائي وكبروا وترعرعوا". تضيف: "فيه كبرت شيرين حتى أصبحت محامية، وقد عانت من الأسر والاعتقال مثل ما عانى أشقاؤها".
قرار هدم المنزل تسبّب لأم رأفت "بألم كبير"، هي التي لم تكن حياتها سهلة على الإطلاق، إذ عاشت أحزاناً كثيرة من دون أن تضعف، لا بل سعت إلى البقاء قوية. لكنّ الحجر، وكما يقول أبو رأفت، "ليس أعزّ وأغلى من البشر". تتابع: "والله لن يكسروننا، وقد وكلت أمري لله".
عند اعتقال نجلها سامر، أنشأت أم رأفت صفحة على موقع "فيسبوك". وأوّل من أمس، كتبت على تلك الصفحة: "هذا بيتي الذي ينوي الاحتلال الإسرائيلي هدمه. إنّه جنّتي على الأرض. فيه كل ذكرياتي منذ تزوجت وحتى الآن. أنجبت فيه كلّ أبنائي وكنا سعداء. حلمنا بمستقبل آمن وحياة كريمة مثلما يعيش آخرون. حلمنا بأن يدرس أبناؤنا ويحصلون على شهادات جامعية ويعملون. لكنّ الاحتلال حرمنا هذا الحلم وزجّ بهم في السجون وهم صغار، وما زالوا في المعتقل حتى يومنا هذا. بعد كلّ هذا، يبلغنا اليوم بأنّه سيهدم البيت، بيتي الذي آمل وأتمنى أن أعيش فيه ما تبقّى لي من عمر أنا وزوجي قبل أن ننتقل إلى بيت الآخرة. هل أقسى من هذا المصير الذي نعيش؟ حسبي الله ونعم الوكيل".